497
حكم النّبي الأعظم ج1

الصادق عليه السلام لأَحدأَصحابه :
ألا أُخبِرُكَ بِأَشَدِّ ما فَرَضَ اللّهُ عز و جل عَلى خَلقِهِ [ ثلاث ]؟ قُلتُ : بَلى . قالَ : إنصافُ النّاسِ مِن نَفسِكَ ، ومُؤاساتُكَ أخاكَ ، وذِكرُ اللّهِ في كُلِّ مَوطِنٍ . أما إنّي لا أقولُ : سُبحانَ اللّهِ ، وَالحَمدُ للّهِِ ، ولا إلهَ إلَا اللّهُ ، واللّهُ أكبَرُ ، وإن كانَ هذا مِن ذاكَ ، ولكِن ذِكرُ اللّهِ ـ جَلَّ وعَزَّ ـ في كُلِّ مَوطِنٍ إذا هَجَمتَ عَلى طاعَةٍ أو عَلى مَعصِيَةٍ .۱

د ـ شرط الانتفاع بالذِّكر

إنّ من الشروط المهمّة لقبول الصلاة والاستمتاع ببركاتها التي أَكّدتها النصوص الإسلاميّة هي الزكاة ، من هنا يدعو القرآن الكريم النَّاس إِلى إيتاء الزكاة مع إِقامة الصلاة ، لقد قال الإمام الرضا عليه السلام في هذا الشأن :
إنَّ اللّهَ عز و جل أمَرَ بِثَلاثَةٍ مَقرونٍ بِها ثَلاثَةٌ أُخرى : أمَرَ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ، فَمَن صَلّى ولم يُزَكِّ لَم تُقبَل مِنهُ صَلاتُهُ... . 2
وبلغ إِيتاء الزكاة من التأثير فيالإفادة من معطيات الصلاة مبلغا أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال فيه :
لاصَلاةَ لِمَن لا زَكاةَ لَهُ . 3
ومن الحريّ بالذكر أَنّ الزكاة في مفهومها العام تشمل مطلق الحقوق الماليّة الواجبة والمستحبّة ، لذلك حينما سئل الإمام الصادق عليه السلام : في كم تجب الزكاة من المال؟ قال :
أمَّا الظّاهِرَةُ فَفي كُلِّ ألفٍ خَمسَةٌ وعشرونَ دِرهما ، وأمَّا الباطِنَةُ فَلا تَستَأثِر عَلى

1.الكافي : ج ۲ ص ۱۴۵ ح ۸ معاني الأخبار : ص ۱۹۳ ح ۳ ، بحار الأنوار : ج ۷۵ ص ۳۴ ح ۲۹ .

2.الخصال : ص ۱۵۶ ح ۱۹۶ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۲۵۸ ح ۱۳ ، كشف الغمّة : ج ۳ ص ۸۳ ، بحار الأنوار : ج ۹۶ ص ۱۲ ح ۱۷ .

3.مستدرك الوسائل : ج ۷ ص ۱۲ ح ۷۵۰۷ نقلاً عن القطب الراوندي في لبّ اللباب .


حكم النّبي الأعظم ج1
496

وعون قويّ له ، وإذا اقترن الذكر القلبيّ بالذكر اللسانيّ ، فستفتح له الأَبواب وتُقبل عليه البركات خلال مدّة قليلة ، و عليه أن يسعى في ذكر الحقّ دوما وأَبدا ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ؛ لئلّا يغفل عن اللّه سبحانه ، إذ إنّ أَيّ عمل لا يقوم مقام الذكر الدائم في السلوك ، وهذا مدد قويّ في ترك مخالفة الحقّ سبحانه في ارتكاب المعاصي . ۱

ب ـ أَتمّ مصاديق الذِّكر

الصلاة أَتمّ مصاديق الذِّكر ، والآية الكريمة «أَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِى»۲ تشير إِلى هذه النقطة الدَّقيقة ، وإِذا أُقيمت الصلاة بآدابها وشروطها بخاصّة حضور القلب ، فإنّها في الخطوة الأُولى تُبعد جميع الرذائل والأَدناس عن الإنسان ، وتجعله متّصفا بصفة التقوى .
وفي الخطوة الثانية ، توصل السالك إِلى بساط المعرفة الشهوديّة والقرب وحبّ اللّه ، كمّا أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله عدّ «نورالمعرفة» من بركات الصلاة ، وشبّهها الإمام عليّ عليه السلام بمعراج الروح إِلى «الوصول إِلى اللّه » وزيارته .

ج ـ حقيقة الذِّكر

النقطة الأُخرى هي أنّ حقيقة الذِّكر ، هي الشعور بالحضور في رحاب اللّه ـ جلّ جلاله ـ ، من هنا فإنّ الذكر اللفظيّ بلا توجّه قلبيّ لا يؤثّر في تنوير القلب تأَثيرا يُذكَر . وآية التوجّه القلبيّ إِلى خالق الكون الشعور بالمسؤوليّة في جميع المجالات ، والذِّكر بهذا المعنى بخاصّة استمراره وديمومته صعب مستصعب ، كما قال الإمام

1.دَهْ رساله للفيض الكاشانيّ (بالفارسيّة) : ص ۸۶ .

2.طه : ۱۴ .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 214293
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي