211
مكاتيب الأئمة ج5

ذلِكَ مِنَ البَوادِرِ .
وَ اعلَم يا أَميرَ المُؤمِنينَ : أَنَّ السَّيرَ الشَّديدَ في الحَرِّ ضارٌّ لِلأَجسامِ المَهلوسَةِ ۱ إِذا كانَت خاليَةٌ مِنَ الطَّعامِ ، وَ هوَ نافِعٌ لِلأَبدانِ الخِصبَةِ .
أَمَّا إِصلاحُ المياهِ لِلمُسافِرِ ، وَ دَفعُ الأَذى عَنها ، هوَ أَلّا يَشرَبِ المُسافِرُ مِن كُلِّ مَنزِلٍ يَرِدهُ ، إِلَا بَعدَ أَن يَمزُجَهُ بِماءِ المَنزِلِ الأَوَّلِ الّذي قَبلَهُ ، أَو بِشَرابٍ واحِدٍ غَيرِ مُختَلِفٍ ، فَيَشوبُهُ بِالمياهِ عَلى اختِلافِهِا . ۲
وَ الواجِبُ أَن يَتَزَوَّدَ المُسافِرُ مِن تُربَةِ بَلَدِهِ وَ طينِهِ ، فَكُلَّمَا دَخَلَ مَنزِلاً طَرَحَ في إنائِهِ الّذي

1.أي : الهزيلة ( راجع : تاج العروس : ج۴ ص۲۷۴ ) .

2.قال الشيخ الرّئيس في القانون : المياه مختلفة ، لا في جوهر المائيّة و لكن بحسب ما يخالطها ، و بحسب الكيفيّات الّتي تغلب عليها . فأفضل المياه مياه العيون ، و لا كلّ العيون و لكن ماء العيون الحرّة من الأرض الّتي لا يغلب على ترتّبها شيء من الأحوال و الكيفيّات الغريبة ، أو تكون حجرية فيكون أولى بأن لا يعفن عفونة الأرضيّة ، لكن الّتي من طينة حرّة خير من الحجرية . و لا كلّ عين حرّة بل الّتي هي مع ذلك جارية ، و لا كلّ جارية بل الجارية المكشوفة للشمس و الرّياح ، فإنّ هذا ممّا يكتسب به الجارية فضيلة . و أمّا الرّاكدة فربّما اكتسب بالكشف رداءة لا يكسبها بالغور و السّتر . و اعلم أنّ المياه الّتي تكون طيّنة المسيل خير من الّتي تجري على الأحجار ؛ فإنّ الطّين ينقّي الماء ، و يأخذ منه الممتزجات الغريبة و يروقه ، و الحجارة لا تفعل ذلك . لكنّه يجب أن يكون طين مسيلها حرّا لا حمئة و لا سبخة و لا غير ذلك ، فإن اتّفق أن كان هذا الماء غمرا شديد الجرية ، يحيل بكثرته ما يخالطه إلى طبيعته ، يأخذ إلى الشّمس في جريانه ، فيجري إلى المشرق وخصوصا إلى الصّيفي أعني المطّلع الصّيفي منه ، فهو أفضل ، لا سيّما إذا بعد جدّا من مبدئه. ثمّ ما يتوجّه إلى الشّمال ، و المتوجّه إلى المغرب بالجنوب رديّ ، و خصوصا عند هبوب الجنوب ، و الّذي ينحدر من مواضع عالية مع سائر الفضائل أفضل من التّدبير الجيّد لمن سافر في البلاد المختلفة أن يستصحب من ماء بلده فيمزج به الماء الّذي يليه ، و يأخذ من ماء كلّ منزل للمنزل الّذي يليه ( راجع : القانون لابن سينا : ج۱ ص۱۸۷ ) .


مكاتيب الأئمة ج5
210

وَ إِتيانَ النِّساءِ ، وَ القُعودَ في الشَّمسِ ، وَ يَتَجَنَّبُ كُلَّ بارِدٍ ؛ فَإِنَّهُ يُذيبُ البَلغَمَ وَ يُحرِقُهُ .

[في ذهاب لهب الصّفراء]

۰.وَ مَن أَرادَ أَن يُطفِئَ المِرَّةَ الصَّفراءَ فَليَأكُل كُلَّ بارِدٍ لَيِّنٍ ، وَ يُرَوِّحُ بَدَنَهُ ، وَ يُقلِلُ الانتِصابَ ، وَ يُكثِرُ النَّظرَ إِلى مَن يُحبُّ .

[في ذهاب السّوداء]

۰.وَ مَن أَرادَ أَلّا تَحرِقَهُ السَّوداءُ فَعَلَيهِ بِالقَيءِ ، وَ فَصدِ العُروقِ ، وَ الاِطِّلاءِ بِالنّورَةِ .

[في ذهاب الرّيح الباردة]

۰.وَ مَن أَرادَ أَن يُذهِبَ بِالرِّيحِ البارِدَةِ فَعَلَيهِ بِالحُقنَةِ ، وَ الإِدِّهانِ اللَّيِّنَةِ عَلى الجَسَدِ ، وَ عَلَيهِ بِالتَّكميدِ بِالماءِ الحارِّ في الأَبزَنِ ۱ ، وَ يَتَجَنَّبُ كُلَّ بارِدٍ يابِسٍ ، وَ يَلزَمُ كُلَّ حارٍّ لَيِّنٍ .

[في ذهاب البلغم]

۰.وَ مَن أَرادَ أَن يَذهَبَ عَنهُ البَلغَمُ ، فَليَتَناوَل كُلَّ يَومٍ مِنَ الإِطريفِلِ ۲ الأَصغَرِ مِثقالاً واحِدا .

[في المسافر]

۰.وَ اعلَم يا أَميرَ المُؤمِنينَ : أَنَّ المُسافِرَ يَنبَغي لَهُ أَن يَحتَرِزَ في الحَرِّ أَن يُسافِرَ وَ هوَ مُمتَلِئٌ مِنَ الطَّعامِ ، أَو خاليَ الجَوفِ ، وَ ليَكُن عَلى حَدِّ الاِعتِدالِ ، وَ ليَتَناوَل مِنَ الأَغذيَةِ إِذا أَرادَ الحَرَكَةَ ، الأَغذيَةَ البارِدَةَ ، مِثلُ القريصِ ۳ ، وَ الهُلامِ ۴ ، وَ الخَلِّ ، وَ الزَّيتِ ، وَ ماءِ الحِصرِمِ ۵ ، وَ نَحوِ

1.الأبزن : ظرف فيه ماء حارّ بأدوية يجلس المريض فيه . قال في القاموس : الكماد ـ ككتاب ـ : خرقة وسخة تسخّن و توضع على الموجوع ، يستشفي بها من الرّيح و وجع البطن ، كالكمّادة ، و تكميد العضو تسكينه بها . و قال : الأبزن ـ مثلّثة الأوّل ـ : حوض يغتسل فيه ، و قد يتّخذ من نحاس ، معرّب « آب زن » ( راجع : القاموس المحيط : ج۴ ص۲۰۱ ) .

2.الإطريفل : لفظة يونانيّة معناها الإهليلجات ( راجع : تذكرة أولى الألباب : ج۱ ص۵۰ ) .

3.القريص : غذاء يطبخ من اللّحوم اللّطيفة كلحم السّمك و الفرخ ، مع الخلّ أو الحموضات . و في بعض النّسخ : « العرمص » و هو يطلق على السّدر و الطّحلب ، و في بعضها : « القريض » و هو بتشديد الرّاء بزر الأبخرة ، و الصّواب ما أثبتناه في المتن ؛ لأنّ الأخيرين ليسا من الأغذية ، على أنّ القريض حارّ ، و كلامه في الأغذية الباردة .

4.الهلام ـ كغراب ـ : طعام من لحم عجل بجلده ، أو مرق السّكباج المبرّد المصفّى من الدّهن ( راجع : القاموس المحيط : ج۴ ص۱۹۱ ) .

5.الحصرم : العنب ، و هو أخضر قبل أن ينضج ، وهو حامض ( راجع : لسان العرب : ج۱۲ ص۱۳۷ ) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 110525
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي