229
مراقبات شهر رمضان

هناك اختلافات فاحشة في روايات أهل السنّة لتحديد اللّيلة الّتي هي ليلة القدر من بين ليالي شهر رمضان ، على النحو الّذي لا يمكن الجمع بينها ۱ أمّا ما جاء بشأن تحديدها من روايات عن طريق أهل البيت ۲ ، فيكمن تقسيمه إلى خمس مجاميع ، كما جرت على ذلك منهجية الكتاب ، هي :
المجموعة الاُولى : الروايات الّتي تدلّ على أنَّ ليلة القدر في العشر الأُخَر من شهر رمضان ۳ .
المجموعة الثانية : الروايات الّتي تدلّ على تحرّيها في إحدى الليالي الثلاث : التاسعة عشرة ، الحادية والعشرين ، والثالثة والعشرين ۴ .
المجموعة الثالثة : الروايات الّتي تدلّ على أنّها في إحدى ليلتين : الليلة الحادية والعشرين ، أو الثّالثة والعشرين ۵ .
المجموعة الرابعة : الروايات الّتي تدلّ على أنَّ الليلة الثالثة والعشرين ، هي ليلة القدر على التحديد ۶ .
المجموعة الخامسة : الروايات الّتي تدلّ على أنَّ الليالي الثلاث : التّاسعة عشرة ، والحادية والعشرين والثّالثة والعشرين ، لكلّ واحدة منها دورها الّذي تنهض به في تحديد مقادير الإنسان وتقرير مصيره واُموره ، ولكن الدور الأساسي والأخير منوط بليلة الثّالثة والعشرين ۷ .
إنَّ التأمّل مليّا في هذه المجموعات الخمس الّتي أشرنا إليها ، يدلّل ليس على

1.راجع : الدرّ المنثور : ج ۸ ص ۵۷۱ ـ ۵۸۳ .

2.يلاحظ ممّا أوردناه في كتاب : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص ۴۱۹ ـ ۴۲۸ ، وجود التوافق بين بعض روايات أهل السنّة وروايات أهل البيت عليهم السلام .

3.راجع : ص ۲۱۵ (أيّ ليلة هي؟ / في العشر الأواخر) .

4.راجع : ص ۲۱۵ (أيّ ليلة هي؟ / ليلة ثلاث وعشرين ، وإحدى وعشرين ، وتسع عشرة) .

5.راجع : ص ۲۱۶ (أيّ ليلة هي؟ / ليلة ثلاث وعشرين ، وإحدى وعشرين) .

6.راجع : ص ۲۱۶ (أيّ ليلة هي؟ / ليلة ثلاث وعشرين) .

7.راجع : ص ۲۱۷ (أي ليلة هي؟ / دور ثلاث ليالِ في التقدير) .


مراقبات شهر رمضان
228

ثانيا: استخدام الفعل المضارع « تنَزّل » في سورة القدر له دلالته على الاستمرار، وكذلك يشير استعمال الجملة الاسمية : « سَلَـمٌ هِىَ حَتَّى مَطْـلَعِ الْفَجْرِ » إلى الدوام .
ثالثا : أكّد القرآن الكريم عدّة مرّات على ثبات السنّة الإلهية في تدبير العالم ، وأنَّه لا تغيير في هذه السنّة ولا تبديل ۱ ، ومن ثَمَّ فإنّ هذه السنّة الإلهية الّتي تقضي بتدبير أُمور الإنسانية وتقدير شؤونها ، عامّة تشمل الاُمم والأقوام جميعا في الماضي والحاضر والمستقبل .
رابعا : ثَمَّ روايات مستفيضة وربما متواترة تفيد دوام ليلة القدر واستمرارها بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ۲ ، كما ثَمَّ عدد من الروايات يؤيّد دوام هذه اللّيلة ، وأنّها كانت منذ أول الخليقة ۳ وتستمرّ مع الإنسان حتّى نهاية العالم .
على ضوء ذلك كلّه يتّضح مصير الرواية الّتي جاءت في تفسير « الدرّ المنثور » فيما روي عن النَّبي صلى الله عليه و آله ، من قوله : « إنَّ اللّهَ وَهَبَ لاُِمَّتي لَيلَةَ القَدرِ ولَم يُعطِها مَن كانَ قَبلَهُم »۴ فعلاوة على ما فيها من ضعف السند ، فلا يمكن الركون إلى مدلولها باعتبار القرائن والأدلّة الّتي سلفت الإشارة إليها .

4 . تحديد ليلة القدر

على ضوء ما يسجّله القرآن من جهةٍ بقوله : « شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ »۵ ، وما ينصّ عليه من جهة اُخرى بقوله : « إِنَّـآ أَنزَلْنَـهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ »۶ فإنَّ مقتضى الجمع بين الآيتين ، هو أنَّ ليلة القدر في شهر رمضان حتما ، ولكن مع ذلك

1.«فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَ لَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً » (فاطر : ۴۳ ) . وراجع : الإسراء : ۷۷ ، والأحزاب : ۳۸ و ۶۲ ، والفتح : ۲۳ .

2.راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص ۴۱۷ (استمرار ليلة القدر في كلّ عام) .

3.راجع : شهر اللّه في الكتاب والسنّة ص ۴۱۷ (استمرار ليلة القدر في كلّ عام) ح ۶۵۶ .

4.الدرّ المنثور : ج ۸ ص ۵۷۰ ، كنز العمّال : ج ۸ ص ۵۳۶ ح ۲۴۰۴۱ كلاهما نقلاً عن الديلمي في الفردوس .

5.البقرة : ۱۸۵ .

6.القدر : ۱ .

  • نام منبع :
    مراقبات شهر رمضان
    المساعدون :
    الافقي، رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 105036
الصفحه من 308
طباعه  ارسل الي