79
مكاتيب الأئمّة ج7

يعدو في الأسواق حافياً حاسراً وهو يصيح : واسيّداه ، فاستعظم الناس ذلك منه وجعل الناس يقولون : ما الّذي تفعل بنفسك ۱ ، فقال : اسكنوا فقد رأيت ما لم تروه ، وتشيّع ورجع عمّا كان عليه ، ووقف الكثير من ضياعه .
وتولّى أبو عليّ بن جَحدَر غسل القاسم وأبو حامد يصبّ عليه الماء ، وكُفّن في ثمانية أثواب ، على بدنه قميص مولاه أبي الحسن وما يليه السبعة الأثواب الّتي جاءته من العراق ، فلمّا كان بعد مدّة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا عليه السلام في آخره دعاء :
أَلهَمَكَ اللّهُ طَاعَتَهُ وَجَنَّبَكَ مَعصِيَتَهُ .
وهو الدعاء الّذي كان دعا به أبوه ، وكان آخره :
قَد جَعَلنَا أَبَاكَ إِمَاماً لَكَ وَفَعَالَهُ لَكَ مِثَالاً . ۲

54

كتابه عليه السلام إلى عبد اللّه بن جعفر الحميريّ

۰.هارون بن موسى ، عن محمّد بن همام قال :قال لي عبد اللّه بن جعفر الحميريّ : لمّا مضى أبو عمرو ـ رضي اللّه تعالى عنه ـ أتتنا الكتب بالخطّ الّذي كنّا نكاتب به بإقامة

1.وفي البحار : «بذلك» بدل «بنفسك ».

2.الغيبة للطوسي : ص۳۱۰ ح ۲۶۳ ، فرج المهموم : ص۲۴۸ وفيه : « من الكتاب المذكور ما رويناه عن الشيخ المفيد ، ونقلناه عن نسخة عتيقة جدّا من أُصول أصحابنا قد كُتبت في زمان الوكلاء ، فقال فيها ما هذا لفظه : قال الصفواني رحمه الله : رأيت القاسم ابن العلاء . . . » ، وفي آخره : « وروينا هذا الحديث الّذي ذكرناه أيضاً عن أبي جعفر الطوسي رضوان اللّه عليه» ، الثاقب في المناقب : ۵۹۰ ص۵۳۶ ح۲ وفيه : « عن أبي عبد اللّه الصفوانيّ ، قال : رأيت القاسم بن العلاء . . . » ، الخرائج والجرائح : ج۱ ص۴۶۷ ح۱۴ ، بحار الأنوار : ج۵۱ ص۳۱۳ ح۳۷ .


مكاتيب الأئمّة ج7
78

فلمّا بلغ في الثالثة : يا موسى يا عليّ ، تفرقعت أجفان عينيه ، كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان ، وانتفخت حدقته ، وجعل يمسح بكمّه عينيه ، وخرج من عينيه شبيه بماء اللحم مدّ طرفه إلى ابنه ، فقال : يا حسن إليّ ، يا أبا حامد ( إليّ ) ، يا أبا عليّ ( إليّ ) ، فاجتمعنا حوله ونظرنا إلى الحدقتين صحيحتين ، فقال له أبو حامد : تراني ؟ وجعل يده على كلّ واحد منّا ، وشاع الخبر في الناس والعامّة ، وانتابه الناس من العوام ينظرون إليه .
وركب القاضي إليه وهو أبو السائب عتبة بن عبيد اللّه المسعوديّ وهو قاضي القضاة ببغداد ، فدخل عليه ، فقال له : يا أبا محمّد ، ما هذا الّذي بيدي ؟ وأراه خاتماً فصّه فيروزج ، فقرّبه منه فقال : عليه ثلاثة أسطر ، فتناوله القاسم رحمه الله فلم يمكنه قراءته وخرج الناس متعجّبين يتحدّثون بخبره ، والتفت القاسم إلى ابنه الحسن ، فقال له :إنّ اللّه منزِّلك منزلة ومرتّبك 1 مرتبة فاقبلها بشكر ، فقال له الحسن : يا أبة قد قبلتها ، قال القاسم : على ماذا ؟ قال : على ما تأمرني به يا أبة ، قال : على أن ترجع عمّا أنت عليه من شرب الخمر . قال الحسن : يا أبة وحقّ من أنت في ذكره لأرجعنّ عن شرب الخمر ، ومع الخمر أشياء لا تعرفها ، فرفع القاسم يده إلى السماء ، وقال : اللّهمّ ألهم الحسن طاعتك ، وجنّبه معصيتك ، ثلاث مرّات ، ثمّ دعا بدُرج ، فكتب وصيّته بيده رحمه الله ، وكانت الضياع الّتي في يده لمولانا وقف وقفه ( أبوه ) .
وكان فيما أوصى الحسن أن قال : يا بنيَّ ، إن أُهّلت لهذا الأمر يعني الوكالة لمولانا ، فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيذه ، وسائرها ملك لمولاي ، وإن لم تؤهّل له فاطلب خيرك من حيث يتقبّل اللّه . وقبل الحسن وصيّته على ذلك .
فلمّا كان في يوم الأربعين وقد طلع الفجر مات القاسم رحمه الله ، فوافاه عبد الرحمن

1.وفي البحار : « مرتبتك » بدل « مرتّبك » .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج7
    المساعدون :
    فرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 54865
الصفحه من 238
طباعه  ارسل الي