البقرة : «أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا» ما نصّه : «سَيِّدُنا ونَحنُ عَبيدُكَ ، أو ناصِرُنا أو مُتَوَلّي اُمورِنا» . ۱
أمّا ابن الأثير فقد كتب في مصنّفه القيّم «النهاية» الذي تناول فيه غريب الحديث النبوي وألفاظه الصعبة ، ما نصّه في معنى «المولى» : «قَد تَكَرَّرَ ذِكرُ المَولى فِي الحَديثِ ، وهُوَ اسمٌ يَقَعُ عَلى جَماعَةٍ كَثيرَةٍ . . . وكُلُّ مَن وَلِيَ أمراً أو قامَ بِهِ فَهُوَ مَولاهُ ووَلِيُّهُ . . . ومِنهُ الحَديثُ «أيُّمَا امرَأَةٍ نُكِحَت بِغَيرِ إذنِ مَولاها فَنِكاحُها باطِلٌ» ، وفي رِوايَةٍ «وَلِيِّها» أي مُتَوَلّي أمرِها . ۲
على هذا الضوء يتّضح أنّ «الأولويّة في الاُمور» ، و «تولّي الاُمور» و «السيادة والرئاسة والزعامة» هي حقائق ثابتة ومعروفة في معنى المولى ، كما أنّ تساوي معنى «المولى» مع «الوليّ» هي أيضاً حقيقة أكّد عليها العلماء والمفسّرون كما مرّت الإشارة لذلك . ۳
وبذلك نحن نعتقد ـ كما يتّفق معنا في ذلك أيضاً المنصفون وأتباع الحقّ من جميع الفرق والمذاهب ۴ ـ انّ ما قصده رسول اللّه صلى الله عليه و آله في ذلك المشهد العظيم الخالد ، من خلال هذه الجملة المصيريّة الخطيرة ، هو الإعلان عن «ولاية» عليّ بن
1.الكشّاف : ج۱ ص۱۷۳ .
2.راجع : النهاية : ج۵ ص۲۲۸ . والطريف أنّ ابن الأثير عدّ حديث الغدير منطبقاً على هذا المعنى ، وقد استشهد في ذلك بكلام عمر : «أصبحت مولى كلّ مؤمن» ، حيث قال : «أي وليّ كلّ مؤمن» .
3.راجع : نفحات الأزهار : ج۶ ص۱۶ والغدير : ج۱ ص۳۴۵ . لقد وثّق هذان العالمان الجليلان المنافحان عن حياض الحقّ ، هذه الحقيقة التي ذكرناها من خلال عشرات المصادر اللغويّة والأدبيّة والتفسيريّة .
4.من الحريّ أن نشيد بالباحث المصري الجاد محمّد بيّومي مهران ، اُستاذ جامعة الإسكندريّة ، الذي سلّم بهذه الحقيقة دون أدنى تردّد ، وسجّل صراحة أنّ المعني بـ «المولى» جزماً هو الأولى بالتصرّف . راجع : الإمامة وأهل البيت : ج۲ ص۱۲۰ .