8 . اعتراف الصحابة
لم يكن ثمّةَ من الصحابة في ذلك العصر مَن فهم من الكلام النبوي غير دلالته على مفهوم الإمامة والقيادة . حتى مرضى القلوب أظهروا الذي أظهروه لضعف اعتقادهم ، وإلّا لم يشكّ منهم أحد قط في مدلول الكلام النبوي ومعناه .
منذ ذلك المشهد وبعده ـ حيث استمرّ الأمر بعد ذلك سنوات أيضاً ـ كان هناك على الدوام من يُطلق على الإمام عليّ عنوان المولى ، ويخاطبه ويسلّم عليه به . وعندما كان الإمام عليّ عليه السلام يستوضح هؤلاء ويسألهم عن هذا الاستعمال ، كانوا يُجيبوه : «سَمِعنا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَومَ غَديرِ خُمٍّ يَقولُ : مَن كُنتُ مَولاهُ فَاِءنَّ هذا مَولاهُ» . ۱
وقد أكّد عمر بن الخطّاب نفسه على هذه النقطة مرّات ، كما فعل ذلك عدد آخر من الصحابة أيضاً . والسؤال : هل أراد هؤلاء بمناداتهم عليّاً بالمولى ، استناداً إلى الواقعة وإلى مدلول حديث الغدير ؛ هل أرادوا بذلك «الحبيب» و «النصير» ؟ إنّ الجنوح إلى مثل هذا الفهم لا تبرّره إلّا اللااُباليّة كما ينمّ عن عدم الانصياع إلى أبسط الحقائق اللغويّة والبيانيّة وأوضحها .
9 . مناشدة الإمام
عندما رأى الإمام عليّ عليه السلام أنّ الجهاز السياسي الحاكم راح ينتهز الفرصة في تجاهل الواقعة وكتمانها ، بادر إلى اُسلوب فاعل لمواجهة ذلك . لم يلجأ الإمام إلى مواجهة الوضع الجديد على أساس صدامي مباشر ، ولم يَر من المناسب أن يلتحم في معركة حامية تثير الفتنة والاضطراب ، لأسباب كان يقدّرها ، ومرّت إليها الإشارة