يَتَلَعَّبونَ بِهِ !
ثُمَّ آلَ الأَمرُ إلى أن يُفاخِرَ مُعاوِيَةُ عَلِيّاً ، كَما يَتَفاخَرُ الأَكفاءُ وَالنُّظَراءُ ! !
إذا عَيَّرَ الطّائِيَّ بِالبُخلِ مادِرٌوقَرَّعَ قُسّاً بِالفَهاهَةِ باقِلُ
وقالَ السُّها لِلشَّمسِ : أنتِ خَفِيَّةٌوقالَ الدُّجى : يا صُبحُ لَونُكَ حائِلُ
وفاخَرَتِ الأَرضُ السَّماءَ سَفاهَةًوكاثَرَتِ الشُّهُبَ الحَصا وَالجَنادِلُ
فَيا مَوتُ زُرْ إنَّ الحَياةَ ذَميمَةٌويا نَفسِ جِدّي إنَّ دَهرَكِ هازِلُ !
ثُمَّ أقولُ ثانِياً لِأَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام : لَيتَ شِعري ، لِماذا فَتَحَ بابَ الكِتابِ وَالجَوابِ بَينَهُ وبَينَ مُعاوِيَةَ ؟ ! وإذا كانَتِ الضَّرورَةُ قَد قادَت إلى ذلِكَ فَهَلَا اقتَصَرَ فِي الكِتابِ إلَيهِ عَلَى المَوعِظَةِ مِن غَيرِ تَعَرُّضٍ لِلمُفاخَرَةِ وَالمُنافَرَةِ ! وإذا كانَ لابُدَّ مِنهُما فَهَلَا اكتَفى بِهِما مِن غَيرِ تَعَرُّضٍ لِأَمرٍ آخَرَ يوجِبُ المُقابَلَةَ وَالمُعارَضَةَ بِمِثلِهِ ، وبِأَشَدَّ مِنهُ : «وَلَا تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوَا بِغَيْرِ عِلْمٍ»۱ . . . ولَعَلَّهُ عليه السلام قَد كانَ يَظهَرُ لَهُ مِنَ المَصلَحَةِ حينَئِذٍ ما يَغيبُ عَنَّا الآنَ ، وللّهِِ أمرٌ هُوَ بالِغُهُ !» . ۲
وحقيقة الأمر تؤول إلى ما ذكره ابن أبي الحديد نهاية كلامه بصيغة الاحتمال . فالشيء الجزمي أنّ الإمام لم يلج مضمار هذه الحرب الدعائيّة من دون حكمة ، ولكي نتلمّس الحكمة من وراء مكاتبات الإمام يتحتّم أن نعرف في البدء طبيعة الأهداف التي كان يتوخاها معاوية من إطلاق الحرب الدعائيّة ضدّ الإمام .
أهداف معاوية
قبل أن ندلف إلى تبيين الأهداف التي كان يصبو إليها معاوية من الحرب الدعائية ، من الضروري أن نشير إلى أنّ الرسائل السياسيّة كانت تعدّ في ذلك العصر واحدة