الفصل الثاني: تحذير الإمام عليه السلام أصحابه من عاقبة العصيان
أ ـ التَّحذيرُ مِن غَلَبَةِ أهلِ الشّامِ
۴۸۹.الإرشادـ مِن كَلامِهِ عليه السلام فِي استِبطاءِ مَن قَعَدَ عَن نُصرَتِهِ ـ: ما أظُنُّ هؤُلاءِ القَومَ ـ يَعني أهلَ الشّامِ ـ إلّا ظاهِرينَ عَلَيكُم ، فَقالوا لَهُ : بِماذا يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟
قالَ : أرى اُمورَهُم قَد عَلَت ونيرانَكمُ قَد خَبَت ، وأراهُم جادّينَ وأراكُم وانينَ ، وأراهُم مُجتَمِعينَ وأراكُم مُتَفَرِّقينَ ، وأراهُم لِصاحبِهِم مُطيعينَ وأراكُم لي عاصينَ .
أمَ وَاللّهِ لَئِن ظَهَروا عَلَيكُم لَتَجِدَنَّهُم أربابَ سوءٍ مِن بَعدي لَكُم ، لَكَأَنّي أنظُرُ إلَيهِم وقَد شارَكوكُم في بِلادكِمُ ، وحَمَلوا إلى بِلادِهِم فَيئَكُم ، وكَأَنّي أنظُرُ إلَيكُم تَكِشّونَ ۱ كَشيشَ الضِّبابِ ؛ لا تَأخذُونَ حَقّا ولا تَمنَعونَ للّهِِ حُرمَةً ، وكَأَنّي أنظُرُ إلَيهِم يقَتُلونَ صالِحيكُم ، ويُخيفونَ قُرّاءَكُم ، ويَحرِمونَكُم ويَحجُبونَكُم ، ويُدنونَ النّاسَ دونَكُم ، فَلَو قَد رَأيتُمُ الحِرمانَ وَالأَثَرَةَ ، ووَقعَ السَّيفِ ، ونُزولَ الخَوفِ ، لَقَد نَدِمتُم وخَسِرتُم عَلى تَفريطِكُم في جِهادِهِم ، وتَذاكَرتُم ما أنتُم فيهِ اليَومَ مِنَ الخَفضِ ۲ والعافِيَةِ حينَ لا
1.الكَشيش : الصوت يشوبه خَوَر مثل الخشخشة وكشيش الأفعى : صوتها من جلدها لا من فمها . يقرّع عليه السلام أصحابه بالجبن والفشل ويقول لهم لكأنّي أنظر إليكم وأصواتكم غمغمة بينكم من الهلع الذي قد اعتراكم فهي أشبه شيء بأصوات الضباب المجتمعة (شرح نهج البلاغة : ج۷ ص۳۰۴) .
2.الخَفْض : الدَّعة والسكون (النهاية : ج۲ ص۵۴) .