85
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

ب ـ إعلانُ البَراءَةِ مِنَ المُشرِكينَ

إنّ آيات البراءة ، وإعلان الاستياء من الشرك والصنميّة ، ولزوم تطهير أرض الوحي من معالم الشرك ، كلّ ذلك يعدّ من أعظم الفصول في التاريخ الإسلامي . فقد نزلت سورة «براءة» في موسم الحجّ سنة (9 ه ) وكُلّف أبوبكر بقراءتها على الحجّاج ، مع بيان يتألّف من أربع موادّ ، وتوجّه أبوبكر إلى مكّة ، لكن لم يمضِ على تحرّكه إلّا وقت قصير حتى هبط الوحي مبلّغا النبيّ صلى الله عليه و آله أن :
«لا يُؤَدّي عَنكَ إلّا أنتَ أو رَجُلٌ مِنكَ» .
فدعا عليّاً عليه السلام وأخبره بالأمر ، وأعطاه راحلته ، وأمره أن يعجّل في ترك المدينة ، ويأخذ السورة من أبي بكر ، ويقرأها على الناس في حشدهم الغفير يوم العاشر من ذي الحجّة . وهكذا كان . فاُضيفت بذلك منقبة اُخرى إلى مناقبه العظيمة ، وثبت للأجيال والأعصار المختلفة سلفاً أنّه من النبيّ صلى الله عليه و آله ، وأنّه نفسه .

۳۹.الإرشاد :جاءَ في قِصَّةِ البَراءَةِ : وقَد دَفَعَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله إلى أبي بَكرٍ لِيَنبِذَ بِها عَهدَ المُشرِكينَ ، فَلَمّا سارَ غَيرَ بَعيدٍ نَزَلَ جَبرَئيلُ عليه السلام عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقالَ لَهُ : إنَّ اللّهَ يُقرِئُكَ السّلامَ ويَقولُ لَكَ : لا يُؤَدّي عَنكَ إلّا أنتُ أو رَجُلٌ مِنكَ . فَاستَدعى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلِيّا عليه السلام وقالَ لَهُ : اِركَب ناقَتِي العَضباءَ وَالحَق أبا بَكرٍ ، فَخُذ بَراءَةَ مِن يَدِهِ وَامضِ بِها إلى مَكَّةَ ، فَانبِذ عَهدَ المُشرِكينَ إلَيهِم ، وخَيِّر أبا بَكرٍ بَينَ أن يَسيَر مَعَ رِكابِكَ أو يَرجِعَ إلَيَّ .
فَرَكِبَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ناقَةَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله العَضباءَ ، وسارَ حَتّى لَحِقَ أبا بَكرٍ ، فَلَمّا رَآهُ فَزِعَ مِن لُحوقِهِ بِهِ ، واستَقبَلَهُ وقالَ : فيمَ جِئتَ يا أبَا الحَسَنِ ، أسائِرٌ مَعِي أنتَ أم لِغَيرِ ذلِكَ ؟ ! فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أمَرَني أن ألحَقَكَ فَأَقبِضَ مَنكَ الآياتِ مِن بَراءَةَ وأنبِذَ بِها عَهدَ المُشرِكينَ إلَيهِم ، وأمَرَني أن اُخَيِّرَكَ بَينَ أن


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
84

الفصل الثاني عشر : عدّةُ بَعثات هامّة

أ ـ كَسرُ الأَصنامِ

۳۸.الإرشادـ في ذِكرِ وقايع ما بَعدَ غَزوَةِ حُنَينٍ ـ: ثُمَّ سارَ ـ [النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ]بِنَفسِهِ إلَى الطّائِفِ فَحاصَرَهُم أيّاما ، وأنفَذَ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام في خَيلٍ ، وأمَرَهُ أن يَطَأَ ما وَجَدَ ، ويَكسِرَ كُلَّ صَنَمٍ وَجَدَهُ . فَخَرَجَ حَتّى لَقِيَتهُ خَيلُ خَثعَمٍ في جَمعٍ كَثيرٍ ، فَبَرَزَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ القَومِ يُقالُ لَهُ : شِهابٌ ، في غَبَشِ الصُّبحِ ، فَقالَ : هَل مِن مُبارِزٍ ؟ فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : مَن لَهُ ؟ فَلَم يَقُم أحَدٌ ، فَقامَ إلَيهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَوَثَبَ أبُو العاصِ بنُ الرَّبيعِ زَوجُ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقالَ : تُكفاهُ أيُّهَا الأَميرُ . فَقالَ : لا ، ولكِن إن قُتِلتُ فَأَنتَ عَلَى النّاسِ ، فَبَرَزَ إلَيهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام وهُوَ يَقولُ :

إنَّ عَلى كُلِّ رَئيسٍ حَقّاأن يُروِيَ الصَّعدَةَ۱أو تُدَقَّا
ثُمَّ ضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ . ومَضى في تِلكَ الخَيلِ حَتّى كَسَرَ الأَصنامَ ، وعادَ إلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وهُوَ مُحاصِرٌ لِأهلِ الطّائِفِ ، فَلَمّا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله كَبَّرَ لِلفَتحِ ، وأخَذَ بِيَدِهِ فَخَلا بِهِ ، وناجاهُ طَويلاً . ۲

1.الصعدة : القناة (لسان العرب : ج۳ ص۲۵۵) .

2.الإرشاد : ج۱ ص۱۵۲ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 273592
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي