كان زياد عظيما عند طلّاب الدنيا الذين يَعظُم في عيونهم زبرجها وبهرجها ؛ ولذا مدحوه بالذكاء الحادّ والمكانة السامية ۱ . بَيد أنّ نظرة إلى ما وراء ذلك تدلّنا على أ نّه لم يَرْعَوِ من كلّ رجسٍ ودنسٍ وقبحٍ وخبث ، حتى من تغيير نسبه أيضا .
15
سَلمانُ الفارِسِيُّ
سلمان الفارسي ، أبو عبد اللّه ، وهو سلمان المحمّدي ، زاهد ثاقب البصيرة ، نقيّ الفطرة ، من سلالة فارسيّة ۲ ، مولده رامهرمز ۳ وأصله من أصبهان ۴ ، صحابيّ ۵ جليل من صحابة رسول اللّه صلى الله عليه و آله . كان يحظى بمكانة عظيمة لا تستوعبها هذه الصفحات القليلة . كان يطوي الفيافي والقفار بحثا عن الحقّ . وعندما دخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله المدينة حضر عنده وأسلم ۶ . وآثر خدمة ذلكم السفير الإلهيّ العظيم بكلّ طواعية ، ولم يألُ جهدا في ذلك ، وشهد الخندق وأعان المؤمنين بذكائه وخبرته بفنون القتال ، واقترح حفر الخندق ، فلقي اقتراحه ترحيبا .
كان يعيش في غاية الزهد ، ولمّا كان قد قطع جميع الوشائج ، وأعرض عن جميع زخارف الحياة ، والتحق بالحقّ ، شرّفه رسول اللّه صلى الله عليه و آله بقوله : « سَلمانُ مِنّا أهلَ البَيتِ » ۷ . وكان قلبه الطاهر مَظهرا للأنوار الإلهيّة ، فقال فيه رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
1.الاستيعاب : ج۲ ص۱۰۰ الرقم ۸۲۹ .
2.الطبقات الكبرى : ج۴ ص۷۵ .
3.رامهُرمُز : مدينة مشهورة بنواحي خوزستان (معجم البلدان : ج۳ ص۱۷) .
4.تاريخ دمشق : ج۲۱ ص۳۸۳ .
5.الطبقات الكبرى : ج۴ ص۸۰ و ص۸۸ .
6.المعجم الكبير : ج۶ ص۲۱۲ ح۵۹۸ .
7.المستدرك على الصحيحين : ج۳ ص۶۹۱ ح۶۵۳۹ و ح ۶۵۴۱ .