شرح حديث زينب عطاره - الصفحه 313

تكملة نوريّة [في معرفة الطريقة الوسطى و صاحبها]

ولعلّك تقول : كيف تمكّن ويتمكّن المرء من الجمع بين الأطراف المتقابلة من جهة واحدة ، والتقابل والتعاند بين الأطراف البالغة في التعاند والتنافي يأبى ويمنع عن ذلك جدّا؟
فاعلم ـ يا صاحب البصيرة العيناء ، ويا طالب الحقيقة بالسلوك على مسلك الاستقامة والاستواء ، ويا ناهج منهج العدل والمحجّة البيضاء ـ أنّ الغاية القصوى من السير والسلوك على الطريقة الوسطى طريقة العلوية العليا ـ وهي شريعة المحمديّة البيضاء ـ إن هي إلّا التخلّق بأخلاق اللّه تعالى والتحقّق بمظهرية صفاته العليا وأسمائه الحسنى ، وهو سبحانه وجلّ شأنه « عال في دنوه ودانٍ في علوه» ۱ ظاهر في بطونه وباطن في ظهوره ، سبحان من خفي من فرط ظهوره ، واحتجب عن نواظر خلقه بشعاع نوره ، «هو الاوّل والآخر والظاهر والباطن»۲ . ظهوره بعينه بطونه [و] بطونه بعينه ظهوره ، حاضر غير محدود ، وغائب غير مفقود . كلّ ذلك جمعٌ بين الأطراف المتباعدة البالغة / ب 4 / جدّا في التقابل والتباعد من جهة واحدة .
فالأمر بالتخلق بأخلاقه تعالى وبالتحقّق بمظهريّة صفاته العليا وأسمائه الحسنى يوجب تيسّر ذلك الجمع ، ويستلزم التمكّن المناقض للمنع . ومن هنا يتّضح سرّ تمكّن الأنبياء والأولياء من الجمع بين البشرية السفلى والربانية العليا «قُل إنّما انا بشر مثلكم يوحى إليّ»۳ الآية «ومن يطع الرّسول فقد أطاع اللّه »۴ .
قال صلى الله عليه و آله وسلم : لي مع اللّه وقت لا يسعني فيه ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل .۵
وقال صلى الله عليه و آله : من رآني فقد رأى الحق۶.

1.قارن : بحار الأنوار ، ج۹۰ ، ص ۱۸۹ و ج ۹۱ ص ۱۸۹ .

2.سورة الحديد ، الآية ۳ .

3.سورة الكهف ، الآية ۱۱۰.

4.سورة النساء ، الآية ۸۰.

5.راجع : اللؤلؤ المرصوع ، ص ۶۶ .

6.الجامع الصغير ، ج۲ ص ۱۷۰ .

الصفحه من 442