منتخبات نسمات الأسحار - الصفحه 129

وفي صحيح البخاري ۱ عن سهل بن سعد رضى الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال: لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يفتح اللّه على يديه، يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يُعطاها، فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول اللّه صلى الله عليه و آله كلُّهم يرجو أن يعطاها فقال: أين عليّ بن أبي طالب؟ قالوا: يشتكي يا رسول اللّه عينيه، قال: فأرسلوا إليه فائتوني به، فلمّا جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتّى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال عليّ: يا رسول اللّه ، اُقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا. فقال: انفذ على رِسْلك حتّى تنزل بساحتهم، ثمّ ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللّه فيه، فواللّه لئن يهدي اللّه بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون حمر النعم.
حُمْر ـ بضم الحاء المهملة وإسكان الميم ـ جمع حمراء، وأمّا بضم الحاء والميم [ف ]جمع حمار.
وقوله: فبات الناس يدوكون ليلتهم، يقال: بات القوم يدوكون دوكاً إذا باتوا في اختلاف ودوران، ووقعوا في دوكة، ودوكة ـ بفتح الدال المهملة وضمّها ـ أي خصومة وشرٌّ، وتداوك القوم إذا تضايقوا في حرب أو شرٍّ، وقال الحافظ ابن حجر: يدوكون أي يخوضون ويتحدثون.
وقوله[ صلى الله عليه و آله ] «انفذ على رسلك»، ومن قولهم «رجل نافذ في أمره» أي نافذ فيه، و«رِسْلك» بكسر الراء أي ائتئد فيه، كما يقال: على هِينتك، وهو التؤودة والتأنّي.
وفي رواية البخاري ۲ عن سلمة رضى الله عنه قال: كان عليّ رضى الله عنه قد تخلّف عن النبيّ صلى الله عليه و آله في

1.كتاب الجهاد (ج ۴ ، ص ۷۳) وباب غزوة خيبر (ج ۵ ، ص ۱۷۱) وغيرهما؛ ورواه مسلم وأحمد وأبو نعيم الأصبهاني وابن عساكر والنسائي والطبراني والبغوي وسعيد بن منصور والطحاوي وابن حبّان والبيهقي وأبويعلى، فلاحظ ما علّقناه على الحديث ۱۷ من خصائص أمير المؤمنين للنسائي. وسيعيد ذكره لاحقاً نقلاً عن الصواعق المحرقة، ص ۱۲۱ ظاهراً.

2.صحيح البخاري ، ج ۵ ، ص ۱۷۱، باب غزوة خيبر، مع مغايرات؛ ورواه مسلم، ج ۴، ص ۱۸۷۲، ح ۷ من فضائل عليّ عليه السلام من كتاب الفضائل . والمذكور هنا أقرب إلى حديث مسلم من البخاري. وللحديث مصادر كثيرة. وانظر ما سيأتي قريباً في عنوان «حديث الراية».

الصفحه من 302