منتخبات نسمات الأسحار - الصفحه 162

ولا يخفى أنّ في مقطع هذا الكلام مقنعاً / 12 / لطالب الحق من ذوي الأفهام، فيما سيق لأجله الكلام، بعون الملك العلّام، فنقول وباللّه التوفيق وبيده أزمّة التحقيق:
اعلم أنّ السلف اختلفوا في أنّ أبوي الرسول صلى الله عليه و آله هل ماتا على الكفر أم لا؟
فذهب إلى الأوّل جمع، منهم صاحب التيسير حيث قال في تفسير قوله تعالى: «وَ لَا تُسْـئلُ عَنْ أَصْحَـبِ الْجَحِيمِ»۱ قال ابن عبّاس رضى اللّه عنهما ومحمّدبن كعب القرظي ۲ : قال النبيّ صلى الله عليه و آله يوماً: ليت شعري ما فعل أبواي؟ فأنزل اللّه عليه: «وَ لَا تُسْـئلُ عَنْ أَصْحَـبِ الْجَحِيمِ» ، فلم يذكرهما حتّى توفّاه اللّه تعالي ۳ ، ثمّ قال: ولمّا اُمر بتبشير المؤمنين وإنذار الكافرين، كان يذكر عقوبات الكفّار فقام رجل وقال: يا رسول اللّه ، أين والديّ؟ فقال: في النار، فحزن الرجل فقال عليه الصلاة والسلام: إنّ والدك ووالدي ووالد إبراهيم في النار ، فنزل قوله تعالى: «وَ لَا تُسْـئلُ عَنْ أَصْحَـبِ الْجَحِيمِ» فلم يسألوه شيئاً بعد ذلك، وهو كقوله تعالى: «لَا تَسْـئلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ»۴ . ۵
وذهب إلى الثاني جماعة متمسّكين بالأحاديث الدالّة على طهارة نسبه صلى الله عليه و آله عن دنس الشرك وشين الكفر.
و[ذهب] نفر من الجمع الأوّل بنجاتهما من النار، منهم الإمام القرطبي ۶ فإنّه قال: إنّ اللّه تعالى أحيا له صلى الله عليه و آله أباه واُمّه فآمنا به ۷ ، ومن رام التفصيل في هذا المقام فلينظر تذكرته في سلك المطالعة.
فإن قلت: أليس الحديث الّذي ورد في إحيائهما موضوعاً؟

1.سورة البقرة، الآية ۱۱۹.

2.تفسير القرطبي، ج ۲، ص ۹۲. وقال: وهذا على قراءة من قرأ «وَ لَا تُسْـئلُ» جزماً على النهي وهي قراءة نافع وحده.

3.في الدر المنثور ، ج ۱ ، ص ۲۷۱ ذيل الآية ۱۱۹ من سورة البقرة : أخرج وكيع وابن عيينة وعبد الرزّاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمّد بن كعب القرظي قال .. .. . قال السيوطي : مرسل ضعيف الإسناد .

4.سورة المائدة، الآية ۱۰۱.

5.انظر جواب السيوطي على هذا في الحاوي للفتاوي ، ج ۲، ص ۲۰۹ وسيأتي جواب السهيلى قريباً. وأشار السيوطي إليه في الدر المنثور وقال: معضل الإسناد ضعيف لا يقوم به حجة .

6.في كتاب التذكرة ، ج ۱، ص ۱۶؛ وتفسير القرطبى ، ج ۲، ص ۹۳.

7.وقال السيوطي في مسالك الحنفاء (الحاوي للفتاوي ، ج ۲، ص ۲۳۰): وهذا المسلك مال إليه طائفة كثيرة من حفّاظ المحدّثين وغيرهم، منهم ابن شاهين وأبو بكر الخطيب والسهيلي والمحبّ الطبري والعلامة ناصر الدين .

الصفحه من 302