والدلالة ، ويطلق على القرآن ، كقوله ۱ : «هُدىً لِلْمُتَّقِينَ»۲ وقوله : «هُدىً لِلنَّاسِ»۳ .
ومعنى الاستعلاء تمثيل تمكّنه من الهدى واستقراره عليه بحال ؛ من اعتلى الشيء وركبه ، وهذا مختصّ بالأوصياء عليهم السلام كما يجيء في آخر الباب .
(مِنَ اللّهِ) . الظرف صفة موضحة لهدى ، أي لا عن اجتهاد ، بل بتلقٍّ عن صاحب الشرع .
(قَدْ أَغْنَاهُ اللّهُ بِمَا عَلِمَ عَنْ عِلْمِ غَيْرِهِ) . أي علمه محيط بجميع المسائل المحتاج إليها ، دقيقها وجليلها ، والجملة صفة ثانية لعالم ، إمّا موضحة كما يظهر من آخر الباب ، وإمّا مخصّصة . وبالجملة القسم الأوّل مختصّ بالأوصياء .
(وَجَاهِلٍ) ؛ بالجرّ عطف على «عالم» . والمراد جاهل بالمسائل الغير الضروريّة للدِّين ولا الجارية مجراها ، فإنّ ما عداها معلوم لكلّ من الأقسام الثلاثة ، والمراد بهذا القسم المجتهد ، فإنّ الظنّ يباين العلم .
(مُدَّعٍ لِلْعِلْمِ) . صفة «جاهل» . وهذا ناظر إلى قوله : «على هدى من اللّه » أي للعلم المجوّز للحكم بين الناس ، فإنّه يقول : إنّ ظنّ المجتهد يفضي به إلى علم في جميع اجتهاديّاته ، وأنّ ظنّيّة الطريق لا ينافي قطعيّة الحكم .
(لَا عِلْمَ لَهُ) . صفة ثانية لجاهل ، وهذا ناظر إلى قوله : «قد أغناه» إلى آخره ، أي ليس له علم أصلاً في شيء من اجتهاديّاته ، وإنّما ذكره لأنّ الجاهل بمجموع قد يكون عالما ببعض دون بعض .
إن قلت : كيف يمكن للمجتهد توهّم أنّ ظنّه يفضي به إلى العلم المجوّز للحكم ، وهو يعلم أنّ الاجتهاد مساوق للظنّ؟
قلت : ذلك لأمرين :
الأوّل : توهّمه أنّ الاجتهاد والظنّ بالحكم الواقعي يوجب العلم بالحكم الواصلي .