45
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

وفي هذا الأثناء قام العلّامة المجدّد المولى محمد باقر البهبهاني الحائري (م 1205ق) في كربلاء المقدّسة، وتصدّى للشيخ يوسف البحراني وأتباعه، وبوفاة المحدّث البحراني في سنة (1184ق) انزوت الأخبارية في إيران والعراق. ۱
وقد تعرّض الواعظ الشهير أدهم العزلتي الخلخالي ـ وكان من العرفاء المعاصرين لملّا خليل القزويني، وكان تلميذا للشيخ البهائي، وقد سكن قزوين مابين سنة (1020) إلى سنة (1050) ـ في كشكوله المسمّى ب «كدو مطبخ قلندرى» إلى أهالي قزوين والأوضاع الحاكمة هناك، وانتقدهم عدّة مرات تصريحا وتلويحا. ۲

9. ملّا خليل والأخباريّون

لقد نما واكتمل ملّا خليل القزويني في أيّام تسّط الأخباريّين في قزوين، ومن الطبيعي أن تؤثّر هذه الأوضاع على أفكاره، ولذا أصبح في طبقة العلماء من الناحية الفكريّة، ويعدّ ملّا خليل أحد العلماء الأخباريّين، وعدّه بعضهم بأنّه أخباريّ متشدّد، وعدّه آخر بأنّه أخباريّ معتدل. لكي نعرف المباني الفكريّة لملّا خليل لابدّ من طرح بعض عقائد الأخباريّين وأفكارهم وفرقها عن عقائد المجتهدين الاُصوليّين وأفكارهم، فجاء في دائرة المعارف الإسلاميّة الكبيرة في مدخل «الأخباريّون» في ذكر تاريخهم وفرقهم عن الاُصوليّين ما يلي:
الأخباريون في فقه الإماميّة المتأخّر: هم طائفة يعتمدون المنقولات في الكتب الحديثيّة من الأخبار والأحاديث، ولا يقبلون المناهج الاجتهاديّة والاُصوليّة، وفي مقابلهم الفقهاء الذين يعتمدون الاجتهاد ويعرفون بالاُصوليين. وتمتدّ جذور مقابلة هذين الرأيين في الفقه الامامي من القرون الاُولى للإسلام، ولكن من دون ذكر عنواني الاُصولية والأخبارية. وبالمطالعة لأنواع المكاتب الفقهية الإماميّة في القرون الثلاثة الاُولى يمكن التعرّف على جيل وطائفة كانوا يتّبعون طرقا مختلفة في فهم متون الأخبار توصلهم إلى الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية في قبال

1.المصدر السابق.

2.راجع: كدو مطبخ قلندرى، أدهم العزلتي الخلخالي، ص ۱۶ و ۱۷ و ۳۶ و ۷۳ و ۷۴ وموارد ديگر.


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
44

فلمّا دخل الشيخ يوسف البحراني مدينة قزوين حاول مقابلته العلماء من عائلة آل طالقاني والذين كانوا يمثّلون قيادة العلماء الاُصوليين، فالتقوا به ورتّبت بعدها زيارات متقابلة بين الطرفين.
وفي هذه الزيارات والاجتماعات وقعت مناظرات ومباحثات وجدل علمي بين الأخباريين والاُصوليين، حتّى استطاع الملّا محمد ملائكة (م 1200ق) أن يقنع الشيخ يوسف البحراني زعيم الأخبارية في آخر لقاء بينهما، وذلك في منزله وبمحضر جمع غفير من علماء الفريقين، ولكن بعد مباحثة ومناظرة طويلة دارت بينهما، حتّى صار الشيخ يوسف البحراني على أثر هذه المناظرة من علماء الأخباريّة المعتدلين بعد أن كان متطرّفا متشدّدا.
وكان لهذه المناظرة صدى عظيم في قزوين، وكانت مورد بحث وجدال في مجالس فضلاء وخواصّ الفرقين، ودار على الألسنة: أنّ الملّا محمّد ملائكة أقنع الشيخ يوسف البحراني وحكمه.
ولكن لم تستمر تلك المناظرات والمباحثات بين علماء الطرفين وفضلائهم طويلاً حتّى سرت إلى عوامّ الناس من مؤيّدي الطرفين، وتبدّل الأمر إلى حرب داخليّة محلّية في شوارع وأزقّة المدينة.
وفي أثناء هذه المواجهات واستمررا لها حمل الأخباريّون على بيت الملّا محمد ملائكة كي يقتلونه، ولكنّه نجا من تلك المحاولة، ولكنهم أحرقوا بيته ومكتبته.
وقد عرفت واشتهرت هذه الحرب المحلّية باسم «حيدرى نعمتي»، ويتناقلها اليوم مشايخ مدينة قزوين ورواتها فيما بينهم على شكل قصص محلّية.
وقد غضب الشيخ يوسف البحراني غضبا شديدا من أعمال عوامّ الأخباريّة وسوقتهم، ثم ترك قزوين وقصد مدينة كربلاء المقدّسة اعتراضا على تلك الأعمال المشينة، واتّخذ كربلاء مسكنا له، ومن ناحية اُخرى أبعدت حكومة الوقت ملّا محمّد ملائكة إلى قرية «برغان»، وبهذا الترتيب انتهت هذه الحادثة في قزوين.
وبعد هذه الكارثة بدأ العلماء الاُصوليون بتصديهم للأخبارين ومبارزتهم وذلك بقيادة العلماء من عائلة آل طالقاني.

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 92060
صفحه از 602
پرینت  ارسال به