منهاج الحقّ و اليقين في تفضيل عليّ أميرالمؤمنين علي سائر الأنبياء و المرسلین - الصفحه 61

المطلب الثاني عشر

وأيضاً من ذلك ما ذكره الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السلام في قوله تعالى : « وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِادَمَ فَسَجَدُوا إِلَا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ »۱ قال عليه السلام : ولمّا امتحن اللّه الحسين عليه السلام ومن معه بالعسكر الذي قتلوه وحملوا رأسه ، قال لعسكره : أنتم من بيعتي في حلّ ، فالحقوا في عشائركم ومواليكم۲. وقال لأهل بيته : قد جعلتكم في حلّ من مفارقتي ؛ فإنّكم لا تطيقونهم لتضاعف أعدادهم وقوامهم ، وما المقصد غيري ، فدعوني والقوم ؛ فإنّ اللّه تعالى يُعينني ولا يُخلّيني من حسن نظره كعادته في أسلافنا الطيّبين .
فأمّا عسكره ففارقوه۳، وأمّا أهله والأدنون من أقربائه فأجابوه ، وقالوا : لا نفارقك؛ فإنّه يحزننا ما يحزنك، ويصيبنا ما يصيبك ، وإنّا أقرب ما نكون إلى اللّه إذا كنّا معك . فقال لهم : فإن كنتم قد وطّنتم أنفسكم على ما قد وطّنت نفسي ، فاعلموا أنّ اللّه إنّما يهب المنازل الشريفة لعباده۴باحتمال المكاره ، وإنّ اللّه وإن كان قد خصّني مع من خصّني من أهلي الذين أنا آخرهم۵بقاءً في الدنيا من المكرمات بما يسهّل معها عليّ احتمال الكريهات ، فإنّ لكم شطر ذلك من الكرامات ، واعلموا أنّ الدنيا حلوها ومرّها حلم ، والانتباه في الآخرة ، والفائز من فاز فيها ، والشقيّ من يشقى فيها . أَوَ لا اُحدّثكم بأوّل أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبّينا والمتعصّبين لنا؛ ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له معرضون ؟ قالوا : بلى يا ابن رسول اللّه .
قال : إنّ اللّه تعالى لمّا خلق آدم وسوّاه وعلّمه أسماء كلّ شيء وعرضهم على الملائكة ، جعل محمّداً وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين أشباحاً خمسة في ظهر آدم ، وكانت أنوارهم تضيء في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسيّ والعرش ، فأمر اللّه الملائكة بالسجود لآدم تعظيماً له أنّه قد فضّله بأن جعله وعاء لتلك الأشباح التي قد عمَّ أنوارها الآفاق ، فسجدوا إلّا إبليس، أبى أن يتواضع لجلال عظمة اللّه ، وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت ، وقد تواضعت لها الملائكة كلّها، واستكبر وترفّع ، وكان بإبائه ذلك وتكبّره من الكافرين .

1.سورة البقرة، الآية ۳۴ .

2.«ألف» : فألحقوا في عشائرهم .

3.«ألف» : ففارقوا .

4.«ألف»: ـ لعباده.

5.«ألف» : مع من خصّني من أهل الدين وأنا آخرهم .

الصفحه من 81