الأحاديث المنقولة عن أبي هريرة؟

السؤال :

ما مدى مصداقية الأحاديث المنقولة عن أبي هريرة؟



الجواب :

هناك سؤال يطرح: ما مدى مصداقية الأحاديث المنقولة عن أبي هريرة؟ وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع السيد علي الحسيني السيستاني.

لقد أكثر أبو هريرة الرواية عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، على الرغم من المدّة القصيرة التي صاحب فيها الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والتي لا تكاد الصحبة الفعلية منها تتجاوز السنتين(۱).

وقد روى الصدوق بسنده عن الإمام جعفر بن محمّد(عليه السلام)، أنّه قال: (ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة)(۲).

ولسنا وحدنا الذي يقول بكذب أبي هريرة، بل هناك الكثير ممّن وصمه بالكذب.

فالمعتزلة يروون عن أبي جعفر الإسكافي قوله: ((وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا، غير مرضي الرواية، ضربه عمر بالدرّة، وقال له: قد أكثرت الرواية وأحر بك أن تكون كاذباً على رسول الله(صلّى الله عليه وآله) ))(۳)، وأنّه روى عن عليّ(عليه السلام) أنّه قال: ((ألا إنّ أكذب الناس - أو قال: أكذب الأحياء - على رسول الله(صلّى الله عليه وآله) أبو هريرة الدوسي))(۴).

وقد أنكر على أبي هريرة إكثاره للحديث كثير من الصحابة، منهم: عائشة، التي يقول عنها ابن قتيبة: وكانت عائشة أشدّهم إنكاراً عليه لتطاول الأيام بها وبه(۵)، وكذلك أنكر الزبير عليه، وقال: ((صدق كذب، صدق كذب))، عن رواية أبي هريرة للأحاديث، فسأله ابنه عن معنى كلامه؟ فقال: أمّا أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله(صلّى الله عليه وآله) فلا شكّ، ولكن منها ما وضعه على مواضعه، ومنها ما لم يضعه على مواضعه(۶).

وقد حصل أبو هريرة من وراء روايته للحديث على الأموال والمناصب التي غيرت حاله كلّياً، بعدما كان مسكيناً من مساكين الصفّة، يستجدي طعامه من المارة في الطريق، هذا هو حال أبي هريرة!

ولكن مع ذلك لا ينبغي أن نتّهم كلّ حديث يرد عن طريقه بالكذب والوضع، فلعلّه يكون واحداً من الأحاديث التي نقلها صحيحاً، فلذلك يحتاج كلّ حديث يرد عن طريقه إلى البحث، وإن كان الراجح عندنا عدم الاعتناء به بعد تكذيب عليّ(عليه السلام) له، إلاّ تلك الأحاديث التي ورد مثلها عندنا.

ودمتم في رعاية الله

(۱) أبو هريرة شيخ المضيرة: ۶۳، إقصاء أبي هريرة إلى البحرين.

(۲) الخصال: ۱۹۰ الحديث (۲۶۳) باب الثلاثة.

(۳) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد ۴: ۶۷ (۵۶) فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذمّ عليّ.

(۴) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد ۴: ۶۸ (۵۶) فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذمّ عليّ.

(۵) انظر: تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة: ۴۱ جوابه عن طعنه على أبي هريرة.

(۶) انظر: تاريخ مدينة دمشق، لابن عساكر ۶۷: ۳۵۶ (۸۸۹۵) أبو هريرة الدوسي، البداية والنهاية، لابن كثير ۸: ۱۱۷ أبو هريرة الدوسي.