الْعِلْمَ ذُو فَضَائِلَ كَثِيرَةٍ؛ فَرَأْسُهُ التَّوَاضُعُ، وَعَيْنُهُ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْحَسَدِ، وَأُذُنُهُ الْفَهْمُ، وَلِسَانُهُ الصِّدْقُ، وَحِفْظُهُ الْفَحْصُ، وَقَلْبُهُ حُسْنُ النِّيَّةِ، وَعَقْلُهُ مَعْرِفَةُ الاْءَشْيَاءِ وَالاْءُمُورِ، وَيَدُهُ الرَّحْمَةُ، وَرِجْلُهُ زِيَارَةُ الْعُلَمَاءِ ، وَهِمَّتُهُ السَّلاَمَةُ، وَحِكْمَتُهُ ۱ الْوَرَعُ، وَمُسْتَقَرُّهُ النَّجَاةُ، وَقَائِدُهُ الْعَافِيَةُ ۲ ، وَمَرْكَبُهُ الْوَفَاءُ، وَسِلاحُهُ لِينُ الْكَلِمَةِ ۳ ، وَسَيْفُهُ الرِّضَا، وَقَوْسُهُ الْمُدَارَاةُ، وَجَيْشُهُ مُحَاوَرَةُ ۴ الْعُلَمَاءِ، وَمَالُهُ ۵ الاْءَدَبُ، وَذَخِيرَتُهُ اجْتِنَابُ الذُّنُوبِ، وَزَادُهُ ۶ الْمَعْرُوفُ ۷ ، وَمَأْوَاهُ ۸ الْمُوَادَعَةُ، وَدَلِيلُهُ الْهُدى، وَرَفِيقُهُ مَحَبَّةُ ۹ الاْءَخْيَارِ» ۱۰ .
المرحلة الرابعة : تصحيح المتون وتقويمها
إنّ المادّة الأوّليّة التي اعْتُمدت في تصحيح الكافي عبارة عن نسخ البدل التي نُقلت عن النسخ الخطّيّة وحواشيها وعن النسخ الفرعيّة؛ ويقوم المصحّح بتشخيص النسخة الراجحة بملاحظة سياق الرواية ورعاية اُصول فقه الحديث والقواعد الأدبيّة، ويغيّر المتن في صورة إحراز الأرجحيّة. وأمّا إذا لم يحرز الأرحجيّة، بل كانت جميع نسخ البدل مرجوحة، فإنّه لايغيّر شيئا وإنّما يكتفي بالإشارة إلى ذلك في الهامش.
وقد لاحظنا في تصحيح الكافي عدّة ضوابط كلّيّة، وهي كالتالي:
الأوّل: لقد كان الهدف المهمّ والأساسي في تصحيح الكافي هو إراءة أصحّ المتون وأقربها إلى ما صدر عن قلم الكليني ـ كما أسلفنا ـ ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف المهمّ لا يوجد طريق آخر غير الاعتماد على نُسَخه الخطّيّة والفرعيّة، ولهذا لم نقم بأيّ تصحيح لم يستند إلى هذه النسخ، ونذكر في موارد التصحيح رموز النسخ المعتمدة الموافقة في الهامش بهذه الصورة: «هكذا في بف، بن،...».
ولأجل حفظ الأمانة نرى أنّ المحقّق في الموارد التي يرى أن كلمة أو عبارة منها غير صحيحة، وجميع النسخ المعتمدة مطابقة لهذه الكلمة أو العبارة، ولا توجد نسخة واحدة تؤيّد ما يراه المحقّق، فإنّه يُبقي المتن على حاله ولم يغيّر شيئا منه، ويشير في الهامش إلى مايراه صحيحا.
الثاني: لمّا لم نعثر على النسخة الأصليّة للكافي من بين النسخ، كان الملاك في تصحيحه هو التلفيق بين نسخه وترجيح الراجحة منها على المرجوحة، بمعنى أنّه لو كان اعتبار نسخة البدل أقوى من المتن المطبوع، وقد اُيّدت نسخة البدل بنسخ خطّيّة معتبرة، قمنا بإثبات نسخة البدل في المتن، وصحّحنا المتن طبق هذه النسخ، وننقل المرجوح المنقول في الكافي المطبوع مع النسخ الموافقة له في الهامش.
الثالث: نظرا إلى أنّ من المحاور الأصليّة في تصحيح المتون هو تقييم نسخ البدل ومعرفة الراجحة والمرجوحة منها، كان الملاك الأصلي في تعيين اعتبار نسخة البدل
۱۳۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : نِعْمَ وَزِيرُ الاْءِيمَانِ الْعِلْمُ، وَنِعْمَ وَزِيرُ
1.. في «جو» : «حَكَمته» ، أي بفتح الحاء والكاف . قال المجلسي في مرآة العقول ، ج ۱، ص ۱۵۷ : «ربّما يقرأ بفتح الحاء والكاف» . وردّه المازندراني في شرحه، ج ۲، ص ۲۰۸ ، قال: «قراءة الحكمة بفتح الحاء والكاف ... لاتناسب المقام؛ لأنّ الحكمة بهذا المعنى لم توجد في المشبّه به، أعني الإنسان».
2.. «العافية»: دفاع اللّه تعالى عن العبد، اسم المصدر توضع موضع المصدر ، يقال : عافاه اللّه عافية . اُنظر : الصحاح، ج ۶ ، ص ۲۴۳۲ (عفو).
3.. في حاشية «ج، بح» وتحف العقول: «الكلام».
4.. في «ألف ، و» والوافي وشرح صدر المتألّهين : «مجاورة».
5.. في شرح المازندراني : «لو قرئ مآله؛ بمعنى مرجعه، فالأمر ظاهر».
6.. في «بس» و حاشية «ج ، بح»: «ورداؤه».
7.. في حاشية «ج ، بح» : «المعرفة».
8.. هكذا في أكثر النسخ والوافي وتحف العقول . وفي «ب ، بس » والمطبوع وحاشية ميرزا رفيعا : «وماؤه » . وفي مجمع البحرين ، ج ۴ ، ص ۴۰۱ (ودع) : «وفي الحديث : ومأواه ـ يعني العلم ـ الموادعة . لعلّ المراد المباحثة والمذاكرة والمناظرة ؛ لأنّ جميع ذلك حفظ للعلم . وضبطه بعض المعاصرين : وماؤه الموادعة . وهو تصحيف» . وانظر : لسان العرب ، ج ۸ ، ص ۳۸۶ (ودع) ؛ القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۴۴۱ (عهد) .
9.. في حاشية «بح» و تحف العقول : «صحبة» . وقال في مرآة العقول : «ولعلّه أنسب».
10.. تحف العقول ، ص ۱۹۹ ، مع تفاوت يسير الوافي ، ج ۱، ص ۱۷۱ ، ح ۹۲.