439
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

هديّة :

هذا الحديث في توحيد الصدوق رحمه الله سنده متّصل غير مرفوع هكذا : أحمد بن عمران الدّقاق ، عن محمّد بن الحسن الطائي ، عن سهل ، عن عليّ بن جعفر الكوفي ، قال : سمعت سيّدي عليّ بن محمّد عليهماالسلاميقول : حدّثني أبي محمّد بن علي ، عن أبيه الرضا ، عن أبيه ، عن أبيه ، عن أبيه ، عن أبيه ، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام . ورواه بسند آخر أيضا متّصل غير مرفوع . ۱
ولعلّ المراد ب«الكوفة» هنا مسجدها .
و«المنصرف» : مصدر ميمي بمعنى الانصراف .
و(صفّين) كسجّين موضع قرب الرَقَّة بشاطئ الفرات كانت به الوقعة العظمى بين أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية لعنه اللّه .
جثا يجثوا جُثُوّا وجُثِيّا بضمّ الجيم ـ والمثلّثة في الأوّل مضمومة وفي الثاني مكسورة ـ : جلس على ركبتيه وأقام على أطراف أصابعه . ۲
(إلى أهل الشام) إلى معاوية وعسكره .
و«التلعة» ـ بفتح المثنّاة الفوقانيّة وسكون اللام والمهملة ـ : ما ارتفع من الأرض .
(عند اللّه ) على تقدير الاستفهام التعجّبي .
و«العناء» بالفتح والمدّ .
يعني أمِنْهُ تعالى أطلبُ أجر مشقّتي مع وقوع ذلك بقضائه وقدره ؟
وزيدَ في بعض الروايات : «ولا أرى في ذلك أجرا» .
(ولا إليه مضطرّين) يعني لخلقه تعالى فيكم الاختيار ، ولعلمه الأزلي بما يصدر باختياركم من الطرفين على التوفيق أو الخذلان «وَ مَا تَشَآءُونَ إِلَا أَن يَشَآءَ اللَّهُ» . ۳
قال المحقّق الطوسي نصير الملّة والدِّين في بعض رسائله المعمول لتحقيق الأمر بين الأمرين :
العبد مختار في الفعل والترك إلّا أنّ مشيّته ليست تحت قدرته كما قال اللّه تعالى : «وَمَا تَشَاءُونَ إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللّه ُ» ، فإذن نحن في مشيّتنا مضطرّون وفي عين الاختيار مجبورون . ۴
(قضاءً حتما) أي بالإجبار والإكراه ، أو بإيجاب الفاعل الموجب .
(وقدرا لازما) للذوات والحقائق كما زعمت الصوفيّة القدريّة .
وإنّما «كان المذنب أولى بالإحسان ، والمحسن أولى بالعقوبة » ؛ لأنّ فعل العبد إذا كان بالقضاء الحتم والجبر فلابدّ من القول بالظلم ، والظالم شأنه الإحسان إلى المذنب وعقوبة المحسن ؛ فإنّ الظلم وضع الشيء في غير موضعه .
(ومجوسها) عطف تفسير ل «القدريّة» ، كالقدريّة ل (إخوان عبدَة الأوثان ، وخصماء الرحمان ، وحزب الشيطان) .
وفي رواية ابن عبّاس :
أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أمرني أن أبرأ من خمسة ؛ من الناكثين وهم أصحاب الجمل ، ومن القاسطين وهم أصحاب الشام ، ومن الخوارج وهم أهل النهروان ، ومن القَدَريّة وهم الذين ضاهوا النصارى في دينهم فقالوا : لاقَدَر ، ومن المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا : اللّه أعلم . ۵
وقال بعض المعاصرين :
وإنّما كان المذنب أولى بالإحسان ؛ لأنّه لا يرضى بالذنب كما يدلّ عليه جبره عليه ، فجبره عليه يستدعى إحسانا في مقابلته . والمحسن أولى بالعقوبة ؛ لأنّه لا يرضى بالإحسان لدلالة الجبر عليه ، ومن لا يرضى بالإحسان أولى بالعقوبة من الذي يرضى به . ۶ انتهى .
وقال برهان الفضلاء في بيان هذا الحديث :
اعلم أنّ المذاهب في أفعال العباد ثلاثة :
الأوّل : الجبر ، وأهله أربع طوائف :
الاُولى : رهط جهم بن صفوان الترمذي ، قالوا : لا فرق بين الحركة رعشة ومشيا وجميع حركات العباد كحركة الأوراق على الأشجار ، ليس لغير اللّه تعالى فيها قدرة واختيار .
الثانية : الأشاعرة ، قالوا : إنّما الفاعل لأفعال العباد هو اللّه ، وفرّقوا بين الحركتين بأنّ في الحركة رعشةً لا قدرة للعبد أصلاً ، وفي الحركة مشيا له قدرة ولكن يصدر بقدرة اللّه ؛ لأنّها أقوى ، ولو فرض عدم قدرته على المحال لَيَصدر بقدرة العبد . وبهذا الاعتبار سمّوا أفعال العباد الاختياريّة كالحركة مشيا مكسوبةَ العباد ولم يسمّوا مثل الحركة رعشةً مكسوبةَ العبد .
الثالثة : تبعة اليهود والفلاسفة القائلين بامتناع تخلّف المعلول عن علّته التامّة ، ووجوب كلّ فعل عندها ، وسمّوا هذا الوجوب بالوجوب السابق ، فلمّا قالوا بانتهاء سلسلة العلل إلى واجب الوجود، وبأنّ الواحد لا يصدر عنه إلّا الواحد ، وبقدم العالم لزمهم القول بمجبوريّة واجب الوجود وجميع الفاعلين في سلسلة العلل وإن كانوا لدفع الفضيحة قائلين بالقدرة والاختيار . ولايمكن أن يكون حسن الأشياء ولا قبحها عند هذه الطوائف الثلاث عقليّا .
الرابعة : المخطّئة ـ على اسم الفاعل من التفعيل ـ قالوا : إنّ اللّه تعالى أمر العباد بمعصية إنكار ربوبيّته والشرك ؛ لأنّه جعلهم مجبورين على تبعيّة الظنّ وقد يقع فيه الخطأ ، لعدم تصريحه تعالى بجميع أحكام الدين في محكمات القرآن ، وأمُره العباد بإطاعة الرسول واُولي الأمر يستلزم أمرهم بالشرك وتبعيّة الظنّ الذي قد يقع فيه الخطأ . وهذا الاستدلال عن المخطّئة حكى اللّه سبحانه بقوله : «سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللّه ُ مَا أَشْرَكْنَا»۷ .
المذهب الثاني : التفويض ، ويسمّى بالقَدَر أيضا ، وأهله ثلاث طوائف :
الاُولى : المعتزلة وهم قالوا بالتفويضين : أحدهما: أنّ أفعال العباد ليست تحت مشيئة اللّه وإرادته وقضائه . وثانيهما : أنّهما ليست داخلة تحت إذن اللّه تعالى . وقد سبق بيان التفويضين . وتسميتهم بالقَدَريّة عند طائفة من العلماء ؛ لنسبتهم جميع القَدَر ـ أي التدبير في الفعل ـ إلى العباد .
الثانية : المصوّبة ـ كالمخطّئة ـ وهم قالوا : الاجتهاد ليس بخطإ ولو كان خطأً ، و المخطئ مصيب ومثاب وحكم اللّه في المسائل الخلافيّة تابع لرأي المجتهد . وبهذا الاعتبار سمّيت المصوّبة بالقَدَريّة أيضا ؛ لنسبتهم تدبير الأحكام إلى رأي العباد .
الثالثة : رهط مُؤيَس ـ كزبير بالميم والواو والمهملة بعد الخاتمة ـ وهم قالوا : إنّ اللّه تعالى فوّض طائفةً من الأحكام إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ يعني إلى اجتهاده بالظنّ والرأي والقياس وصوّب تعالى اجتهاده عليه السلام وإن كان خطأ ، فهم المصوّبة في حقّ الرسول وبعض الأئمّة أيضا . وسمّيت هذه الطوائف الثلاث أيضا بالمصوّبة ؛ لما عرفت .
سيذكر الفرق بين هذا التفويض والتفويض الذي سيذكر في كتاب الحجّة في باب التفويض إلى رسول اللّه والأئمّة عليهم السلام في أمر الدّين .
المذهب الثالث : الأمر بين الأمرين ، وأهله الشيعة الاثني عشريّة مستندين في ذلك إلى الحجج المعصومين العاقلين عن اللّه تبارك وتعالى . وليس المراد بالقضاء والقَدَر هنا ما مرّ في بيان الخصال السبع ، بل المراد التدبير المطلق ؛ يعني مطلق التدبير من الحكيم تعالى ، فباعتبار أنّ فيه قطع وفصل يسمّى قضاء ، وباعتبار أنّه مطابق للحكمة يسمّى قدرا .
وبعبارة اُخرى : «القضاء» هو الأمر ، و«القَدَر» هو الحكم بضمّ الكاف . والمعنى أنّه لم يكن هذا السَفَر بقضاء واحد وقَدَر واحد، بل كان لكلّ فعل فيه قضاء وقدر على حِدةٍ .
و«العناء» ـ بالفتح والمدّ ـ : التعب .
«وتظنّ» عطف على مقدّر ؛ أي وتسمع جوابك وتظنّ بعدُ .
وإنّما كان المذنب أولى بالإحسان ؛ لأنّه مجبور ، فيلزم أن يعوّض ما فعل به من الجبر بالإحسان .
«ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب» ؛ لأنّه مجبور وفعله الإساءة لولا الجبر .
«ولم يعص مغلوبا» ردّ على المفوّضة ؛ حيث قالوا : إنّ كلّ المعاصي بغالبيّة الشيطان ومغلوبيّة الرّحمان ، وبعض الطاعات بمغلوبيّة الرّحمان ؛ بمعنى أنّه لو يريد خلافه لصدر أيضا كالمعاصي .
«ولم يطع مكرها» بفتح الرّاء ؛ أي مجبورا مغلوبا كما لم يعص مغلوبا .
«ولم يملّك» على المعلوم من التفعيل . «مفوّضا» على اسم الفاعل منه أيضا ؛ أي ولم يجعل أحدا قادرا مفوّضا ، بكسر الواو .
وقال الفاضل الإسترابادي رحمه اللّه تعالى :
يفهم من الأحاديث أنّ معنى القَدَر هنا ـ يعني في العنوان ـ إنكار توقّف الحوادث على تقدير اللّه تعالى توقُّف المشروط على الشرط لا توقّف المسبّب على السبب ، فالمضاف محذوف ؛ أي إنكار القَدَر . ويفهم من بعض الأحاديث أنّ القَدَر هنا ۸ بمعنى الاستطاعة أيضا .
ويفهم من كلامهم عليهم السلام أنّ المراد من الجبريّة الأشاعرة ، ومن القدريّة المعتزلة ؛ لأنّهم شهّروا أنفسهم بإنكار ركن عظيم من الدين وهو كون الحوادث بقَدَر اللّه وقضائه ، وهم زعموا أنّ العبد قبل أن يقع منه الفعل مستطيع ، ۹ يعني لا يتوقّف فعله على تجدّد فعل من أفعاله تعالى ، وهذا معنى التفويض يعني اللّه تعالى فوّض أفعال العباد إليهم . وفي كلامهم عليهم السلام : «من قال بالتفويض فقد أخرج اللّه عن سلطانه» . ۱۰
وأنّ ۱۱ أفعال العباد يتوقّف على اُمور سبعة توقّف المشروط على الشرط لا المسبّب على السبب .
وأنّ آخر تلك الاُمور الإذن ، وأنّه مقارن لحدوث الفعل من العبد وليس قبل حدوثه ، وإلّا لزم التفويض وإن يخرج اللّه من سلطانه ، وأنّ ۱۲ الأمر بين الأمرين هو أمر بين الجبر والتفويض . وقد مرَّ توضيحه في الحواشي السابقة .
وقوله : «تلك مقالة إخوان عَبَدة الأوثان » يعني أنّ القول بأنّ الحوادث كونها بقَدَر اللّه وقضائه يستلزم أن يكون العباد مجبورين ، مقالة طائفتين : إحداهما الأشاعرة ، والاُخرى المعتزلة ، ففي العبارة الشريفة ذمّ الطائفتين : أوّلاً ذمّ الأشاعرة ، وثانيا ذمّ المعتزلة . ف«عبَدَة الأوثان» إشارة إلى الأشاعرة، و«قَدَريّة هذه الاُمّة» إشارة إلى المعتزلة ، كما وقع التصريح به في روايات كثيرة . والقدريّة والأشاعرة زعموا أنّ القَدَر والقضاء لا يكونان إلّا بطريق الإلجاء ، فنفاهما المعتزلة وأثبتهما الأشاعرة .
و«مكرها» بكسر الرّاء . ۱۳ انتهى .
أنت خبير ممّا عرفت مرارا أنّ ورود الحديث تارةً ب «أنّ القدريّة مجوس هذه الاُمّة» ، ۱۴ واُخرى ب «أنّ الصوفيّة مجوس هذه الاُمّة» ۱۵ ينفي المنافاة بين إطلاق القدريّة تارةً على الصوفيّة واُخرى على المعتزلة ، على أنّ تغاير الاعتبارين في الإطلاق كاف لنفي المنافاة .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
تلخيص ما في هذا الحديث ـ من سؤال السال وجوابه عليه السلام ـ أنّه سأل عن كون أفعالهم وما عملوه في مسيرهم لجهاد أهل الشام : هل كان بقضاء اللّه وقدره ؟ والظاهر أنّ القضاء إذا استعمل مع القَدَر الإيجابُ الذي منه سبحانه في طريق الإيجاد ، لا الإيجاب التكليفي من الطلب الحتمي للفعل كما في الأمر ، أو للكفّ عن الفعل أو تركه كما في النهي ، ولا الإعلام . فالأولى أن يحمل القضاء في هذا الحديث على ذلك الإيجاب ، لا على أحد من الأخيرين ، فلنحمله عليه كما هو الظاهر من كلام السائل ؛ حيث قرنه بالقَدَر ؛ وحيث استفهم عن احتسابه عند اللّه بعَنائه وتعبه ومشقّته في إتيانه بتلك الأفعال والأعمال استفهاما إنكاريّا .
وحيث راجع في السؤال بعد الردّ عليه في الجواب بقوله عليه السلام : «مه يا شيخ» إلى قوله : «ولا إليه مضطرّين » فأعاد السؤال بقوله : «وكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ، ولا إليه مضطرّين ، وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟!» .
وحينئذٍ فتقرير جوابه عليه السلام أنّ القضاء والإيجاب في طريق الإيجاد على قسمين :
أحدهما : الإيجاب بمدخليّة قدرة العبد وإرادته ، ولا إيجاب منه سابقا عليها وإنّما المؤدّي إلى الإكراه والاضطرار الإيجاب السابق عليهما ، لا الإيجاب بهما .
والثاني : الإيجاب لا بمدخليّة القدرة والإرادة من العبد ، وهو المراد بالقضاء الحتم والقَدَر اللّازم .
وهذا القسم من الإيجاب هو المؤدّي إلى الإكراه والاضطرار . فقول السائل باستلزام الكون بالقضاء للإكراه والاضطرار يدلّ على ظنّه أنّ القضاء في أفعال العباد قضاء حتم ، والقدر فيها قدر لازم وجوبا ولزوما لا بمدخليّة القدرة والإرادة من العبد ، كما قال عليه السلام : «وتظنّ أنّه كان قضاءً حتما ، وقدرا لازما» أي تظنّ أنّ القضاء الذي قلتَ إنّ ما فعلتم به وكذا القدر ، كان قضاءً حتما وقدرا لازما سابقين على قدرة العبد وإرادته ، وليس تعلّقهما بأفعال العباد وأعمالهم على هذا النحو ، ولو كان تعلّقهما بها كذلك لخرج أفعالهم عن قدرتهم ولم تكن بها وبإرادتهم ، ولم يستحقّوا بها مدحا ولا ذمّا ؛ لاختصاصهما بما يصدر عن المختار بقدرته وإرادته وإذا كان كذلك لبطل الأمر والنهي ؛ لقبح مخاطبة غير القادر بهما ولم يكن الوعد والوعيد حينئذٍ بمعني ، و سقط المقصود بهما وبطل الثواب والعقاب ؛ حيث لاينفكّ استحقاقهما عن استحقاق المدح والملامة ، ولو فرض جريان المدح والذمّ واستحقاقهما واستحقاق الإحسان والإثابة والعقوبة وترتّبها على الأفعال الاضطراريّة الخارجة عن القدرة والاختيار لكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن ، والمحسن أولى بالعقوبة من المسيء ؛ لأنّ في عقوبة المسيء على ذلك التقدير جمع ۱۶ بين إلزامه [بالسيّئة وعقوبته عليها ، وكلّ منعهما إضرارٌ وإزراء به ، وفي إثابة المحسن جمعا بين إلزامه] ۱۷ بالحسنة وإثابته عليهما . ۱۸ وكلّ منهما نفع وإحسان إليه . وفي خلاف ذلك يكون لكلّ منهما نفع وضرر ، وهذا بالعدل أقرب وذلك بخلافه أشبه .
«إنّ اللّه كلّف تخييرا» أي أمره جاعلاً له مخيّرا بين الفعل والترك بإعطاء القدرة له على الإتيان بما شاء منهما من غير إكراه وإجبار .
«ونهى تحذيرا» وطلبا للاحتراز عن فعل المنهيّ عنه لا بإكراه على الترك .
«وأعطى على القليل كثيرا» ترغيبا للإطاعة وترك المعصية ، ولم يعص ولا يقع العصيان عن طاعته بمغلوبيّته ، بل بما فيه الحكمة من عدم إكراهه وإجباره .
ويحتمل أن يكون المراد لا يقع العصيان بمغلوبيّة العاصي ؛ فإنّه لا عصيان مع عدم الاختيار ، ولا يقع الطاعة له بإكراهه المطيع على الطاعة ؛ فإنّه لا طاعة إلّا بالاختيار .
«ولم يملك مفوّضا» يحتمل أن يكون الفعل من الملك ، أي لم يملك مُلكا وسلطانا يفوّض فيه خلق مخلوق ـ كأفعال العباد ـ إلى مخلوق مثلهم ، فيكون وجودهم مستندا إليهم لا إليه سبحانه .
ويحتمل أن يكون من الإملاك ، أي لم يُعط السلطنة للعباد على أفعالهم مفوّضا خلقها إليهم .
«ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً» لا يشتمل على حكمة كاملة . «ولم يبعث النبيّين مبشِّرين ومنذرين عبثا» لا يترتّب عليها غايتها و «ذَ لِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النَّارِ» . ۱۹ انتهى .
وفي توحيد الصدوق زيادة قبل «فأنشأ الشيخ» وبعد «من النار» وهي : فقال الشيخ : فما القضاء والقدر اللّذان ساقانا وما هبطنا واديا ولا علونا تلعة إلّا بهما؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «الأمر من اللّه والحكم» ثمّ تلا هذه الآية : « «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلَا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا»۲۰ ؛ أي أمر ربّك أن لا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا» ۲۱ فأنشأ الشيخ يقول الحديث .
التفسير من أمير المؤمنين عليه السلام والآية في سورة بني إسرائيل .
و«الحكم» بالضمّ بمعنى الحكمة ، يعني هما عبارة عن الإمضاء بالحكمة الكاملة .
وفسّر «هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟» ب«هل جزاء كلمة التوحيد بشروطها إلّا الجنّة» .

1.التوحيد ، ص ۳۸۰ ، باب القضاء والقدر و ... ، ح ۲۸ .

2.لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۱۳۱ (جثا) .

3.التكوير (۸۱) : ۲۹ .

4.حكاه عنه في ضمن كلام طويل في الوافي ، ج ۱ ، ص ۵۳۷ ـ ۵۳۹ .

5.رجال الكشّي ، ص ۵۶ ، الرقم ۱۰۶ ؛ وعنه في البحار ، ج ۴۲ ، ص ۱۵۲ ، ح ۲۰ .

6.الوافي ، ج ۱ ، ص ۵۳۶ ـ ۵۳۷ .

7.الأنعام (۶) : ۱۴۸ .

8.في المصدر : + «جاء» .

9.في المصدر : + «تامّ» .

10.راجع الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۵۸ ، باب الجبر والقدر و ... ، ح ۶ .

11.عطف على قوله : «ويفهم من كلامهم» وكذا ما بعده .

12.في المصدر : «وأمّا» .

13.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۳۰ .

14.التوحيد ، ص ۳۸۲ ، باب القضاء والقَدَر و ... ، ح ۲۹ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۱ ، ص ۱۶۶ ، ح ۱۷۵ .

15.لم أجده بهذا اللفظ .

16.في المصدر : «جمعا» .

17.مابين المعقوفتين أضفناه من المصدر.

18.في المصدر: «عليها».

19.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۹۴ ـ ۴۹۹ .

20.الإسراء (۱۷) : ۲۳ .

21.التوحيد ، ص ۳۸۲ ، ذيل الحديث ۲۸ .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
438

الباب الثلاثون : بَابُ الْجَبْرِ وَ الْقَدَرِ وَ الْأَمْرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ

وأحاديثه كما في الكافي أربعة عشر :

الحديث الأوّل

۰.روى في الكافي ، عَنْ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمَا رَفَعُوهُ ، قَالَ :«كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام جَالِسا بِالْكُوفَةِ بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ صِفِّينَ إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ فَجَثَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ ۱ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِنَا إِلى أَهْلِ الشَّامِ ، أَ بِقَضَاءٍ مِنَ اللّه ِ وَقَدَرٍ؟ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : أَجَلْ يَا شَيْخُ ، مَا عَلَوْتُمْ تَلْعَةً وَلَا هَبَطْتُمْ بَطْنَ وَادٍ إِلَا بِقَضَاءٍ مِنَ اللّه ِ وَقَدَرٍ .
فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : عِنْدَ اللّه ِ أَحْتَسِبُ عَنَائِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ لَهُ : مَهْ يَا شَيْخُ ، فَوَ اللّه ِ ، لَقَدْ عَظَّمَ اللّه ُ لَكُمُ الْأَجْرَ فِي مَسِيرِكُمْ وَأَنْتُمْ سَائِرُونَ ، وَفِي مُقَامِكُمْ وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ ، وَفِي مُنْصَرَفِكُمْ وَأَنْتُمْ مُنْصَرِفُونَ ، وَلَمْ تَكُونُوا فِي شَيْءٍ مِنْ حَالَاتِكُمْ مُكْرَهِينَ ، وَلَا إِلَيْهِ مُضْطَرِّينَ .
فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : وَكَيْفَ لَمْ نَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ حَالَاتِنَا مُكْرَهِينَ ، وَلَا إِلَيْهِ مُضْطَرِّينَ ، وَكَانَ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ مَسِيرُنَا وَمُنْقَلَبُنَا وَمُنْصَرَفُنَا؟!
فَقَالَ لَهُ : وَتَظُنُّ أَنَّهُ كَانَ قَضَاءً حَتْما ، وَقَدَرا لَازِما ؛ إِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذلِكَ ، لَبَطَلَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ ، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالزَّجْرُ مِنَ اللّه ِ عزَّوَجَلَّ ، وَسَقَطَ مَعْنَى الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، فَلَمْ تَكُنْ ۲ لَائِمَةٌ لِلْمُذْنِبِ ، وَلَا مَحْمَدَةٌ لِلْمُحْسِنِ ، وَلَكَانَ المُذْنِبُ أَوْلى بِالْاءِحْسَانِ مِنَ الْمُحْسِنِ ، وَلَكَانَ الْمُحْسِنُ أَوْلى بِالْعُقُوبَةِ مِنَ الْمُذْنِبِ ، تِلْكَ مَقَالَةُ إِخْوَانِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ ، وَخُصَمَاءِ الرَّحْمنِ ، وَحِزْبِ الشَّيْطَانِ ، وَقَدَرِيَّةِ هذِهِ الْأُمَّةِ وَمَجُوسِهَا ، إِنَّ اللّه َ ـ عزَّوَجَلَّ ـ كَلَّفَ تَخْيِيرا ، وَنَهى تَحْذِيرا ، وَأَعْطى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيرا ، وَلَمْ يُعْصَ مَغْلُوبا ، وَلَمْ يُطَعْ مُكْرِها ، وَلَمْ يُمَلِّكْ مُفَوِّضا ، وَلَمْ يَخْلُقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ، وَلَمْ يَبْعَثِ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ عَبَثا «ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ» ، فَأَنْشَأَ الشَّيْخُ يَقُولُ :
أَنْتَ الْاءِمَامُ الَّذِي نَرْجُو بِطَاعَتِهِيَوْمَ النَّجَاةِ مِنَ الرَّحْمنِ غُفْرَانا
أَوْضَحْتَ مِنْ أَمْرِنَا مَا كَانَ مُلْتَبِساجَزَاكَ رَبُّكَ بِالْاءِحْسَانِ إِحْسَانا» .

1.في الكافي المطبوع : + «له» .

2.في «ب» و «ج» : «فلا تكن» .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 64418
صفحه از 508
پرینت  ارسال به