207
شرح فروع الکافي ج2

باب الموضع الّذي يقوم الإمام إذا صلّى على الجنازة

المشهور بين الأصحاب استحباب قيام الإمام محاذياً لوسط الرجل وصدر المرأة، وبه قال الشيخان في المقنعة ۱ والتهذيب ۲ والمبسوط، ۳
وتبعهما المتأخّرون، ۴ ونقل عن أبي الصلاح، ۵ ومحكي عن مالك. ۶
ويدلّ عليه مرسلة عبد اللّه بن المغيرة، ۷ وما رواه الشيخ عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقوم من الرجل بحيال السرّة، ومن النساء أدون من ذلك قِبَل الصدر». ۸
وذهب الشيخ في الاستبصار إلى أنّه يقوم في المرأه فوق صدرها قريباً من رأسها، ۹ وبذلك جمع بين ما ذكر وبين خبر موسى بن بكر، ۱۰ ولعلّه قال في الرجل أيضاً أنّه يقوم فوق وسطه قريباً من صدره؛ لإشعار جمعه بذلك أيضاً.
وحمل في التهذيب الرأس والصدر في خبر موسى على الصدر والوسط، ۱۱ والأظهر حملهما على مراتب الفضيلة، فكلّما كان أبعد من العورة كان أفضل، لا سيما في المرأه، كما قال العلّامة في المنتهى: «الأولى اجتناب محارمها والتباعد عنها، فإنّه أنزه وأسلم وأبعد من وساوس النفس». ۱۲
وفي الخلاف: «والسنّة أن يقف الإمام عند رأس الرجل وصدر المرأة». ۱۳ واحتجّ عليه بالإجماع، وهو غريب، وكأنّه وقع التقديم والتأخير فيه في الرجل والمرأة من النسّاخ أو من قلمه، وحكى فيه عن الشافعي أنّه يقف عند رأس الرجل وعجيزة المرأة، ۱۴ وعن أبي حنيفة أنّه يقف في الوسط. ۱۵ وظاهره أنّه قال بذلك في الرجل والمرأة جميعاً كما نقله والدي عنه.
وحكى في المنتهى عنه أنّه يقف عند صدر الرجل ووسط المرأة، ۱۶ وكأنّه كان له قولان. وقال طاب ثراه:
وقال أحمد: يقوم عند رأس الرجل ووسط المرأة، ۱۷ وقال ابن مسعود بعكسه. ۱۸ وقال الحسن: كلّ واسع. ۱۹ وقال طائفة منهم: يقوم فيهما معاً حذو الصدر. ۲۰ وقال بعضهم: الأحسن في الرجل الصدر، وكذا في المرأة إن كانت عليها قُبّة أو كان كفنها قطناً، وإلّافالوسط. ونقل مسلم في صحيحه روايات متكثّرة في أنّه صلى الله عليه و آله قام في وسط المرأة، منها: ما رواه عن سمرة بن جندب قال : صلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله على امرأة ماتت في نفاسها، فقام في وسطها. ۲۱
قوله في مرسلة عبد اللّه بن المغيرة: (فلا يقوم في وسطها) . [ح 1 / 4480] قال طاب ثراه:
روي مثله في طرق العامّة أيضاً، وقال القاضي القرطبي: ضبطنا وسطها بالسكون، وقال ابن عصفور: هو بالفتح، وقال ابن دُرَيد: هو بالسكون والفتح معاً، وقال الآبيّ: قيل هو بالسكون فيما يتفرّق كالناس والدوابّ، وبالفتح فيما لا يتفرّق كالدار، وقيل: كلّما يصحّ فيه لفظة بَين فهو بالسكون، وإلّا فهو بالفتح، وقيل: يقع كلّ منهما موقع الآخر. ۲۲
وفي المُغرِب:
الوَسَط بالتحريك اسم لعين ما بين طرفي الشيء كمركز الدائرة، وبالسكون اسم مبهم لداخل الدائرة، [مثلاً] ولذا كان ظرفا، والأوّل يجعل مبتدأً وفاعلاً ومفعولاً [به ]وداخلاً عليه حرف الجرّ، ولا يصحّ شيء من هذه في الثاني، تقول : وَسَطُه خير من طرفه، واتّسع وسطُه، [و ضربت وسَطَه] ، وجلست في وسط الدار، وجلست وَسْطها بالسكون لا غير. ۲۳
وفي الصحاح أيضاً: «جلست وسط القوم بالتسكين؛ لأنّه ظرف، وجلست [في]وسط الدار بالتحريك؛ لأنّه اسم». ۲۴

1.المقنعة، ص ۲۲۷.

2.تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۱۹۰، ح ۴۳۲ ۴۳۳، و ما بعدهما.

3.المبسوط، ج ۱، ص ۱۸۴. و به قال في النهاية، ص ۱۴۴.

4.اُنظر: الوسيلة، ص ۱۱۸؛ السرائر، ج ۱، ص ۳۵۹ ، المعتبر، ج ۲، ص ۳۵۳ ؛ مختلف الشيعة، ج ۲، ص ۲۹۷؛ شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۸۲ ؛ تذكرة الفقهاء، ج ۲، ص ۶۴؛ قواعد الأحكام، ج ۱، ص ۲۳۰؛ إرشاد الأذهان، ج ۱، ص ۲۶۲؛ تبصرة المتعلّمين، ص ۲۹؛ تحرير الأحكام، ج ۱، ص ۱۲۹؛ الذكرى، ج ۱، ص ۴۵۳ ؛ البيان، ص ۳۰ (ط قديم)؛ الدروس، ج ۱، ص ۱۱۳، درس ۱۴؛ اللمعة الدمشقيّة، ص ۲۲، جامع المقاصد، ج ۱، ص ۴۱۹ ؛ روض الجنان، ج ۲، ص ۸۲۴ ؛ شرح اللمعة، ج ۱، ص ۴۳۲ ؛ مدارك الأحكام، ج ۴، ص ۱۷۴.

5.حكاه عنه العلّامة في منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۵۶.

6.فتح العزيز، ج ۵ ، ص ۱۶۲؛ المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۲۵؛ الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة، ج ۲، ص ۳۴۴ ؛ المغني، ج ۲، ص ۳۹۵ ؛ عمدة القاري، ج ۳ ، ص ۳۱۷ ؛ المحلّى، ج ۵ ، ص ۱۵۵ . و في الجميع بدل «صدر المرأة»: «منكبها».

7.هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۱۹۰، ح ۴۳۳ ؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۰ ۴۷۱، ح ۱۸۱۸؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۱۹، ح ۳۱۸۴ .

8.تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۱۹۰ ۱۹۱، ح ۴۳۴ ؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۱، ح ۱۸۱۹؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۱۹ ۱۲۰، ح ۳۱۸۶ .

9.الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۱، ذيل ح ۱۸۱۸.

10.هو الحديث ۲ من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۱۹۰، ح ۴۳۲ ؛ و ص ۳۱۹ ، ح ۹۸۹؛ الاستبصار، ج ۱، ص ۴۷۰، ح ۱۸۱۷؛ وسائل الشيعة، ج ۳ ، ص ۱۱۹، ح ۳۱۸۵ .

11.تهذيب الأحكام، ج ۳ ، ص ۱۹۰، ذيل ح ۴۳۳.

12.منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۵۶ (ط قديم) .

13.الخلاف، ج ۱، ص ۷۳۱، المسألة ۵۶۲ .

14.فتح العزيز، ج ۵ ، ص ۱۶۲؛ المحلّى، ج ۵ ، ص ۱۲۴؛ المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۲۵.

15.المبسوط، ج ۲، ص ۶۵؛ المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۲۵؛ فتح العزيز، ج ۵ ، ص ۱۶۲؛ نيل الأوطار، ج ۴، ص ۱۰۹.

16.منتهى المطلب، ج ۱، ص ۴۵۶ (ط قديم) .

17.الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة، ج ۲، ص ۳۴۴ ؛ المغني، ج ۲، ص ۳۹۴ ؛ فقه السنّة، ج ۱، ص ۵۲۶ ؛ الإنصاف للمرداوي، ج ۲، ص ۵۱۶ .

18.مواهب الجليل، ج ۳ ، ص ۳۵ .

19.المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۲۵ . و فيه: «و في المرأة عند منكبيها».

20.المجموع للنووي، ج ۵ ، ص ۲۲۵؛ المغني، ج ۲، ص ۳۹۵ ؛ الشرح الكبير، ج ۲، ص ۳۴۴ ؛ بداية المجتهد، ج ۱، ص ۱۸۹، تنقيح التحقيق، ج ۱، ص ۳۱۳ (كلّهم عن أبي حنيفة) ؛ الإنصاف، ج ۲، ۵۱۶ عن أحمد في قولٍ .

21.صحيح مسلم، ج ۳ ، ص ۶۰ . و رواه أحمد في مسنده، ج ۵ ، ص ۱۹؛ و البخاري في صحيحه، ج ۲، ص ۱۹۱؛ و ابن ماجة في سننه، ج ۱، ص ۴۷۹، ح ۱۴۹۳؛ و أبو داود في السنن، ج ۲، ص ۷۸، ح ۳۱۹۵ ؛ و ابن حبّان في صحيحه، ج ۷، ص ۳۳۷ ؛ و الطبراني في المعجم الأوسط، ج ۷، ص ۱۴۷؛ و البيهقي في معرفة السنن والآثار، ج ۳ ، ص ۱۸۲، ح ۲۱۷۳.

22.النهاية، ج ۵، ص ۱۸۳ (وسط) .

23.المُغرِب، ص ۲۶۴ (الواو مع السين) .

24.صحاح اللغة، ج ۳ ، ص ۱۱۶۸ (وسط) .


شرح فروع الکافي ج2
206

باب نادر

يذكر فيه مخالفة صلاة الجنازة مع الصلوات اليوميّة في أكثر الأحكام، وقد وقع الخلاف في أنّها صلاة حقيقيّة شرعاً ومجازا لغةً، أو بالعكس . وتظهر الفائدة في اعتبار شرائط اليوميّة فيها عدا ما استثني، أو عدم اعتبارها إلّا ما ثبت بالنصّ، ولا فائدة يُعتَدّ بها في تحقيق الحقّ منهما.
قوله في خبر السكوني: (قيل يا رسول اللّه ، ولم؟ قال : [صار] سُترَةً للنساء) . [ح 3 / 4479] بيان التعليل أنّ الصلوات اليومية لمّا اشتملت على الركوع والسجود، والنسوان كنّ يستحيين فعلهما قدّام الرجال لا يتقدّمن عليهم ولو كان الصفّ المتقدّم راجحاً بالنسبة إليهنّ أيضاً، بخلاف صلاة الجنازة فإنّها لعدم اشتمالها عليهما ربّما يتقدّمن الرجال لو رأين الفضل في الصفّ المتقدّم، فجعل الصفّ الأخير أفضل ليتأخّرن، فصار ذلك سُترَةً لهنّ.
واحتمل في شرح الفقيه إرادة صفوف الجنائز في هذا الخبر لا صفوف المصلّين. ۱ على أن يكون الغرض أفضليّة تأخير جنائز النسوان إلى القبلة، فالتعليل واضح.

1.روضة المتّقين، ج ۱، ص ۴۴۶.

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 186494
صفحه از 575
پرینت  ارسال به