متن الحديث السابع والأربعين والثلاثمائة
۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا :عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : «مَا خَلَقَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ خَلْقا أَصْغَرَ مِنَ الْبَعُوضِ ، وَالْجِرْجِسُ أَصْغَرُ مِنَ الْبَعُوضِ ، وَالَّذِي نُسَمِّيهِ نَحْنُ الْوَلَعَ أَصْغَرُ مِنَ الْجِرْجِسِ ، وَمَا فِي الْفِيلِ شَيْءٌ إِلَا وَفِيهِ مِثْلُهُ ، وَفُضِّلَ عَلَى الْفِيلِ بِالْجَنَاحَيْنِ» .
شرح
السند مرسل.
قوله: (ما خلق اللّه خلقا أصغر من البعوض).
وفي القاموس: «البعوضة: البقّة. الجمع: بعوض». ۱
(والجرجس) بكسر الجيمين وسكون الرّاء، وهو البعوض الصغار (أصغر من البعوض).
(والذي نسمّيه نحن الولع أصغر من الجرجس).
لا يخفى ما في ظاهر الكلام من التدافع، بل خلاف الواقع، فقيل في توجيهه: لعلّ مراده عليه السلام بقوله: «والجرجس أصغر من البعوض» أي من سائر أنواعه، ليستقيم قوله عليه السلام : «ما خلق اللّه خلقا أصغر من البعوض» ويوافق كلام أهل اللغة، على أنّه يحتمل أن يكون الحصر في الاُولى إضافيّا، كما أنّ الظاهر أنّه لابدّ من تخصيصه بالطيور؛ إذ قد يحس من الحيوانات ما هو أصغر من البعوض، إلّا أن يُقال: يمكن أن يكون للبعوض أنواع صغار لا يكون شيء من الحيوان أصغر منها. ۲
أقول: في التوجيه الأخير نظر، فتأمّل.
والولع بالمعنى الذي يناسب المقام غير مذكور في الكتب المشهورة من اللّغة، ولعلّه أيضا صنف من البعوض، كما يشعر به قوله عليه السلام : (وما في الفيل شيء إلّا وفيه) أي في الولع (مثله).
(مثله وفضّل) على البناء للمفعول من التفضيل، وضميره للولع.
(على الفيل بالجناحين).
والغرض من هذا البيان الترغيب في التفكّر في أمثاله ليحصل بمعونته التنبّه بكمال عظمة الخالق وقدرته وعلمه وإتقانه؛ فإنّ آثار القدرة في الأشياء الصغار أظهر منها في الكبائر، كما هو المعروف بين أهل الصنايع منّا.