شرح
السند مجهول.
قوله: (يحيى) الحلبي، هو الحلبي المذكور.
وقوله: (تمارى الناس عند أبي جعفر عليه السلام ).
التماري: الشكّ، والخصومة.
(فقال بعضهم: حرب عليّ شرٌّ من حرب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ).
في القاموس: «الحرب: معروف، وقد تذكّر. الجمع: الحروب. ورجلٌ حرب، أي عدوٌّ محارب، وإن لم يكن محاربا، للذّكر والاُنثى، والجمع والواحد». ۱
أقول: الظاهر هنا إرادة المعنى الثاني بقرينة قوله عليه السلام : (إنّ حرب رسول اللّه صلى الله عليه و آله لم يقرّوا بالإسلام)، ويظهر من هذا الخبر أنّ مخالفة الحقّ مع العلم ومعاندته أشدّ قبحا من مخالفته ومحاربة أهله جهلاً وضلالاً.
متن الحديث الثالث والخمسين والثلاثمائة
۰.يَحْيَى بْنُ عِمْرَانَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ : «وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ»۲ قُلْتُ : وُلْدُهُ كَيْفَ أُوتِيَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ؟
قَالَ : «أَحْيَا لَهُ مِنْ وُلْدِهِ الَّذِينَ كَانُوا مَاتُوا قَبْلَ ذلِكَ بِآجَالِهِمْ مِثْلَ الَّذِينَ هَلَكُوا يَوْمَئِذٍ» .
شرح
السند صحيح على المشهور.
قوله: (يحيى بن عمران).
هو الحلبي المتقدّم ذكره في الأسانيد.
وقوله: (عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة الأنبياء: «وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»۳ .
قال البيضاوي:
كان أيّوب روميّا من ولد عيص بن إسحاق، استنبأه اللّه تعالى وكثّر أهله وماله، وابتلاه بهلاك أولاده بهدم بيت عليهم وذهاب أمواله والمرض في بدنه ثماني عشرة سنة، أو ثلاث عشرة، أو سبعا وسبعة أشهر وسبع ساعات. وروي أنّ امرأته ماخير بنت ميشا ابن يوسف أو رحمة بنت افراثيم بن يوسف، قالت له يوما: لو دعوتَ اللّه ، فقال: كم كانت مدّة الرخاء؟ فقالت: ثمانين سنة. فقال: أستحي من اللّه أن أدعوه، وما بلغت مدّة بلائي مدّة رخائي، «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ» بالشفاء من مرضه. ۴
«وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ»۵ بأن ولد له ضعف ما كان، أو إحياء ولده، وولد له منهم نوافل.
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
قال ابن عبّاس وابن مسعود: ردَّ اللّه سبحانه عليه أهله الذين هلكوا بأعيانهم، وأعطاه مثلهم معهم، وكذلك ردَّ اللّه عليه أمواله ومواشيه بأعيانها، وأعطاه مثلها معها. وبه قال الحسن وقتادة، وهو المروي عن أبي عبداللّه عليه السلام . وقيل: [إنّه] خيّر أيّوب فاختار إحياء أهله في الآخرة ومثلهم في الدُّنيا، واُوتي على ما اختار، عن عكرمة ومجاهد. قال وهب: وكان له سبع بنات وثلاثة بنين، وقال ابن يسار: سبعة بنين وسبع بنات. ۶
وروى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبداللّه عليه السلام في حديثٍ طويل ـ إلى أن قال: ـ «فردّ اللّه عليه أهله الذين ماتوا بعدما أصابهم البلاء ۷ كلّهم أحياهم اللّه له فعاشوا معه. وسئل أيّوب بعدما عافاه اللّه : أيّ شيء كان أشدُّ عليك ممّا مرّ عليك؟ قال: شماتة الأعداء، قال: فأمطر اللّه عليه في داره فراش الذهب، وكان يجمعه، فإذا ذهب الرّيح منه بشيء عدا خلفه [فردّه] فقال له جبرئيل: أما تشبع يا أيّوب؟ قال: ومن يشبع [من] رزق ربّه». ۸
(قال: أحيا له) إلى قوله: (هلكوا يومئذٍ) أي يوم نزول البليّة بهم.
وحاصل المعنى على تفسيره عليه السلام : أنّ اللّه أحيا له ولده الذين ماتوا قبل نزول البليّة بالتفريق بآجالهم وولده الذين هلكوا دفعة بعده.
1.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۵۳ (حرب) مع التلخيص.
2.الأنبياء (۲۱): ۸۴.
3.. الأنبياء (۲۱): ۸۳.
4.تفسير البيضاوي، ج ۴، ص ۱۰۴ مع اختلاف يسير في اللفظ.
5.. الأنبياء (۲۱): ۸۴.
6.مجمع البيان، ج ۷، ص ۱۰۶.
7.في المصدر: «قبل البلاء، وردّ عليه أهله الذين ماتوا بعد ما أصابه البلاء» بدل «ما أصابهم البلاء».
8.تفسير القمّي، ج ۲، ص ۲۴۲.