373
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

متن الحديث الرابع والخمسين والثلاثمائة

۰.يَحْيَى الْحَلَبِيُّ ، عَنِ الْمُثَنّى ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ ۱ عَزَّ وَجَلَّ : «كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِما»۲ قَالَ : «أَ مَا تَرَى الْبَيْتَ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ كَانَ أَشَدَّ سَوَادا مِنْ خَارِجٍ ، فَكَذلِكَ ۳ هُمْ يَزْدَادُونَ سَوَادا» .

شرح

السند مجهول.
قوله: (عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله عزّ وجلّ) في سورة يونس: «وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا» .
قال البيضاوي:
«الَّذِينَ» مبتدأ، والخبر «جَزَاءُ سَيِّئَةٍ» على تقدير «وجزاء الذين كسبوا السيّئات جزاء سيّئة بمثلها»، أي [أن] يجازي سيّئة بسيّئة مثلها لا يزاد عليها. أو «كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ» أو «أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ» ، وما بينهما اعتراض، «جَزَآءُ سَيِّئَةِ» مبتدأ خبره محذوف، أي فجزاء سيّئة بمثلها واقع، أو بمثلها، على زيادة الباء، أو تقدير مقدّر بِمِثْلِهَا. «وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنْ اللّه ِ مِنْ عَاصِمٍ» : ما من أحد يعصمهم من سخط اللّه ، أو من جهة اللّه ومن عنده كما يكون للمؤمنين كذلك.
«كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعا مِنْ اللَّيْلِ مُظْلِما» ؛ لفرط سوادها وظلمتها، و «مُظْلِما» حال من الليل، والعامل فيه «أُغْشِيَتْ» ؛ لأنّه العامل في «قِطَعا» ، وموصوف بالجار والمجرور، والعامل في الموصوف عامل في الصفة، أو معنى الفعل في «مِنْ اللَّيْلِ» . وقرأ ابن كثير والكسائي ويعقوب: «قِطْعا» بالسكون، فعلى هذا يصحّ أن يكون «مُظْلِما» صفة أو حالاً منه، انتهى. ۴
وقال الفيروزآبادي: «القِطع ـ بالكسر ـ : ظلمة آخر الليل، أو القطعة منه كالقطع كعنب، أو من أوّله إلى ثلثه. والقطعة ـ بالكسر ـ : الطائفة من الشيء». ۵
(قال: أما ترى البيت).
«كان» الاُولى تامّة، والثانية ناقصة. وكان غرضه عليه السلام بيان فائدة إيراد هذا الحال ـ أعني مظلما ـ بأنّ الليل وإن كان مستلزما للظلمة، لكن يكون بعض المواضع فيه أشدّ ظلمة من بعض، كداخل البيت بالنسبة على خارجه ـ مثلاً ـ خشية سواد وجوههم بما اُلبست عليه قطع من الليل الموصوفة بزيادة الظلمة.
وقيل: تمثيله عليه السلام بالبيت لإيضاح المقصود والتنبيه على أنّ في وجوههم أفراد من السواد بعضا فوق بعض، وفيه تنفير عن السيّئة الموجبة لهذه البليّة الشديدة التي تتنفّر عنها الطبائع. ۶
بقي شيء، وهو أنّ آخر الآية ـ وهو قوله تعالى: «أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» ـ يدلّ على خلود أهل المعاصي في النار، كما ذهب إليه الوعيديّة، ۷ واُجيب بتخصيص السيّئات بإنكار الحقّ وجحوده، ومخالفة أهله في العقائد والأعمال. ۸
وأجاب بعضهم: بأنّ الآية في الكفّار لاشتمال السيّئات على الشرك والكفر، ولأنّ الذين أحسنوا في قوله تعالى قبل هذه الآية: «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى»۹ يتناول أصحاب الكبيرة من أهل القبلة، فلا يتناول بهم قسميه. ۱۰
وأنت إذا أعطيت النظر حقّه ظهر لك الفرق بين الجوابين، وما فيهما من التكلّف والتحكّم، ويمكن حمل الخلود على طول المكث واللّبث، أو المراد بأهل السيّئة المقرّين عليها، والاستبعاد في خلودهم في النار، كما يستفاد من ظاهر كثير من الآيات والأخبار.

1.في الطبعة القديمة وبعض نسخ الكافي: «قول اللّه ».

2.يونس (۱۰): ۲۷.

3.في الطبعة القديمة: «فذلك».

4.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۱۹۴ مع التلخيص واختلاف يسير في اللفظ.

5.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۷۰ (قطع) مع التلخيص.

6.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۴۷.

7.اُنظر: الملل والنحل للشهرستاني، ج ۱، ص ۱۱۴؛ كشف المراد، ص ۵۶۲.

8.هو ظاهر شرح المازندراني، ج ۱۲، ص ۳۴۷.

9.. يونس (۱۰): ۲۶.

10.قاله البيضاوي في تفسيره، ج ۳، ص ۱۹۵.


البضاعة المزجاة المجلد الثالث
372
  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 230987
صفحه از 607
پرینت  ارسال به