523
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

البضاعة المزجاة المجلد الثالث
522

شرح

السند ضعيف على الأصحّ.
قوله: (أيّام قدم على أبي العبّاس) أي في أيّام قدومه عليه السلام على أبي العبّاس السفّاح أوّل الخلفاء العبّاسيّة.
(فلمّا انتهينا إلى الكناسة) بالضمّ: موضع بالكوفة.
(قال: هاهنا صلب عمّي زيد) إلى قوله: (زياد بن أبي سفيان).
الطاق: ما عُطِف من الأبنية. والخِطّة ـ بالكسر ـ : الأرض يختطّها الرجل ويعلمها لنفسه. وكسرى ـ بالكسر، ويفتح ـ : ملك الفرس، معرّب خسرو، أي واسع الملك. ونعمان بن المنذر: أحد ملوك العرب.
(فقال: «رَبِّ لَا تَذَرْ» ) أي لا تَدع من قولهم: ذَرْه، أي دعه.
«عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارا» .
قال البيضاوي:
أي أحدا، وهو ممّا يستعمل في النفي العام فيُعال: من الدار أو الدور، أصله دَيْوار، ففعل به ما فعل بأصل سيّد الأفعال، وإلّا لكان دوّارا. ۱
«إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ» الآية.
قال: ذلك لمّا جرّبهم واستقرء أحوالهم في ألف سنة إلّا خمسين عاما، فعرف شيمهم وطبائعهم. ۲
(وأشار بيده إلى موضع دار الدرّابين).
الدرّاب: فعّال من الدّرب، وهو باب السكّة الواسع، والباب الأكبر، وأصله المضيق في الجبال، وفسّر بعضهم الدّرّابين بالعشّارين.
وفي بعض النسخ: «الدّاريين». وفي بعضها: «الداربين» وهو فاعل من الدرب. ويحتمل كونه باليايين.
قال الفيروزآبادي:
الداري: العطّار، منسوب إلى دارين فرضة بالبحرين، بها سوق يحمل المسك من الهند إليها، وربّ النعم، والملّاح الذي يلي الشراع. ۳
(وذاك فرات اليوم) أي الجدول الذي يجيء من الفرات إلى الكوفة.
(فقال لي: يا مفضّل، وهاهنا نصبت أصنام قوم نوح عليه السلام ).
وقوله: (يغوث ويعوق ونسرا) بدل من الأصنام، أو خبر مبتدأ محذوف.
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «وَلَا تَذَرُنَّ وَدّا وَلَا سُوَاعا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا» : ۴
قيل: هي أسماء رجال صالحين كانوا بين آدم ونوح عليهماالسلام، فلمّا ماتوا صوّروا تبرّكا بهم، فلمّا طال الزمان عُبِدوا وقد انتقلت إلى العرب، وكان ودّ لكلب، وسواع لهمدان، ويغوث لمذحج، ويعوق لمُراد، ونسر لحمير. ۵
(فقال: كلّا، [كيف] واللّه يقول: «وَوَحْيِنَا» ).
قال اللّه عزّ وجلّ: «وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا» . قال البيضاوي وغيره: أي بوحينا إليك كيف تصنعها. ۶
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله: «معناه: وعلى ما أوحينا إليك من صفتها وحالها. [عن أبي مسلم] وقيل: المراد بوحينا [إليك] أن أصنعها» انتهى. ۷
أقول: غرضهم أنّ المراد بالوحي هنا الإرشاد والتعليم. وقال الجوهري:
الوحي: الكتاب. والوحي أيضا: الإشارة، والكتابة، والرسالة، والإلهام، والكلام الخفي، وكلّ ما ألقيته إلى غيرك. يُقال: وحيت إليه الكلام وأوحيت، وهو أن تكلّمه بكلام تخفيه. والوحا: السرعة، يمدّ ويقصّر. وتوح يا هذا، أي اسرع. ووحّاه توحية، أي عجّله. والوحي ـ على فعيل ـ : السريع. ۸
وفي القاموس: «الوحي: العجلة، والإسراع، ويمدّ. ووحى وتوحّى: أسرع. ووحّاه توحيةً: عجّله». ۹
إذا تمهّد هذا فنقول: الظاهر أنّه عليه السلام فسّر الوحي هنا بالسرعة، وقد عرفت أنّ الوحي بهذا المعنى بالقصر أو بالمدّ، ويمكن أن يقال: إنّ الوحي ـ بالتسكين ـ أيضا جاء بهذا المعنى، وإلّا لم يذكره أهل اللغة كما يجيء في سائر تصاريفه بهذا المعنى.
وقيل: يحتمل أن يكون في قراءتهم عليهم السلام : «وحانا» بالقصر، أو يكون المراد أنّ ما أوحاه اللّه وأمره به لا يناسب فيه هذا المعنى التأخير. ۱۰ ولا يخفى بُعد كلا التوجيهين، فتأمّل.
(قال: قلت: فأخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة هود: «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا» .
قال البيضاوي:
غاية لقوله: «وَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ» وما بينهما حال من الضمير فيه، أو حتّى هي التي يبتدأ بعدها الكلام.
«وَفَارَ التَّنُّورُ»۱۱ ؛ نبع الماء منه، وارتفع كالقدر تفور. والتنوّر: تنوّر الخبز، ابتدأ منه النبوع على خرق العادة، وكان في الكوفة في موضع مسجدها، أو في الهند، أو بعين وردة من أرض الجزيرة.
وقيل: التنوّر: وجه الأرض، أو أشرف موضع فيها. ۱۲
انتهى كلام البيضاوي.
وقال الرازي في تفسيره:
الأكثرون على أنّه التنوّر المعروف. روي أنّه قيل لنوح: إذا رأيت الماء يفور من التنوّر فاركب ومَن معك السفينة، فلمّا فار الماء من التنوّر أخبرته من امرأته فركب.
وقيل: كان هو تنوّر آدم، وكان من حجارة فصار إلى نوح، واختلفوا في مكانه؛ فعن الشعبي في مسجد الكوفة عن يمين الداخل ما يلي باب كندة، وكان نوح عمل السفينة في وسط المسجد.
وقيل: بالشام بموضع يُقال له عين وردة.
وقيل: بالهند.
والقول الثاني أنّ التنوّر وجه الأرض، عن ابن عبّاس.
والثالث: أنّه أشرف موضع في الأرض، أي أعلاه. عن قتادة.
والرابع: فار التنوّر، أي طلع الفجر. عن عليّ عليه السلام . وقيل: إنّ فوران التنوّر عند طلوع الفجر.
والخامس: هو مثل كقولهم حمى الوطيس.
والسادس: أنّه الموضع المنخفض من السفينة التي يسيل الماء إليه. عن الحسن.
والقول الأوّل هو الصواب. ۱۳
(أرسل عليهم المطر؛ يفيض فيضا).
قال الجوهري: «فاض الماء فيضا وفيضوضة: كثر حتّى سال على ضفّة الوادي». ۱۴
وقال: «الضفّة ـ بالكسر ـ جانب النهر». ۱۵
(نضب الماء).
نضب الماء ـ كنصر ـ نضوبا، أي غار في الأرض، وسَفُلَ. والناضب: البعيد. ومنه قيل للماء إذا ذهب: نصب، أي بَعُد.
(وطافت بالبيت اُسبوعا).
قيل: المراد منه فعل كلّ الأفعال حتّى طواف النساء. ۱۶
(ثمّ استوت على الجودي).
قال الجوهري: «استوى على ظهر دابّته، أي استقرّ». ۱۷
وقال:
الجودي جبل بأرض الجزيرة استوت عليه سفينة نوح عليه السلام وقرأ الأعمش: واستوت على الجودى بإرسال الياء، وذلك جائز للتخفيف، أو يكون سمّى بفعل الاُنثى مثل حُطّى، ثمّ أدخل عليه الألف واللّام عن الفرّاء. ۱۸
وقال البيضاوي: «الجودى: جبل بالمَوْصِلْ. وقيل: بالشام. وقيل: بآمل» انتهى. ۱۹
وقيل: هو اسم لكلّ جبل وأرض صلبة. ۲۰
وقيل: هو جبل في نجف أمير المؤمنين عليه السلام . ۲۱ ويدلّ على هذا الأخير قوله عليه السلام : (وهو فرات الكوفة).
لعلّ الضمير راجع إلى الجودي، وحمل الفرات عليه باعتبار كونه قريبا منه.
وقيل: يحتمل أن يكون في الأصل قريب الكوفة، فصحّف؛ إذ قد ورد في الأخبار أنّه نجف الكوفة. ۲۲
وقال بعض الشارحين: يحتمل إرجاع الضمير إلى الفرات المذكور سابقا في قوله: (وفاض الفرات فَيْضا) ۲۳ . ولا يخفى بُعده.

1.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۳۹۵.

2.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۳۹۵.

3.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۳۲ (دور).

4.. نوح (۷۱): ۲۳.

5.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۳۹۵.

6.اُنظر: الكشّاف، ج ۳، ص ۳۰؛ تفسير الرازي، ج ۱۷، ص ۲۲۳؛ تفسير البيضاوي، ج ۴، ص ۱۵۲.

7.مجمع البيان، ج ۵، ص ۲۷۱.

8.الصحاح، ج ۶، ص ۲۵۲۰ مع التلخيص.

9.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۹۹ (وحي).

10.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۲۹۷.

11.. هود (۱۱): ۴۰.

12.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۲۳۴.

13.تفسير الرازي، ج ۲۳، ص ۹۴ مع اختلاف يسير في اللفظ.

14.الصحاح، ج ۳، ص ۱۰۹۹ (فيض).

15.الصحاح، ج ۴، ص ۱۳۹۹ (ضفف).

16.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۹۸.

17.الصحاح، ج ۶، ص ۲۳۸۵ (سوى).

18.الصحاح، ج ۲، ص ۴۶۱ (جود).

19.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۲۳۷.

20.نقله الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان، ج ۵، ص ۲۸۱ عن أبي مسلم.

21.نقله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج ۱۲، ص ۳۹۸ بعنوان «قيل».

22.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۲۹۸.

23.لم نعثر على قائله.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 230980
صفحه از 607
پرینت  ارسال به