545
البضاعة المزجاة المجلد الثالث

البضاعة المزجاة المجلد الثالث
544

شرح:

قوله تعالى في سورة ص: «قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ» ؛ أي على القرآن أو تبليغ الوحي.
«وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ» أي المتّصفين بما ليسوا من أهله على ما عرفتم من حالي، فأنتحل النبوّة وأتقوّل القرآن. كذا ذكره البيضاوي. ۱
وقال الجوهري: «تكلّفت الشيء: تجشّمته. والتكليف: العريض لما لا يعينه». ۲
«إِنْ هُوَ» أي القرآن، أو تبليغ الوحي.
«إِلَا ذِكْرٌ» أي مذكّر وعظة.
«لِلْعَالَمِينَ» .
قال المفسّرون: المراد بالعالمين هنا الثقلان. ۳
(قال: أمير المؤمنين عليه السلام ).
في بعض النسخ: «هو أمير المؤمنين عليه السلام ». والظاهر أنّه تفسير لمرجع «هو» في الآية، فعلى هذا التفسير يكون معنى قوله تعالى: «وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ» : إنّي لا أقول في أمير المؤمنين عليه السلام ما لم يوحَ إليّ إلّا هو ـ أي أمير المؤمنين عليه السلام ـ أو ما نزل فيه من القرآن إلّا ذكرٌ للعالمين.
«وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ» .
قال البيضاوي: «أي نبأ القرآن، وهو ما فيه من الوعد والوعيد أو صدقه بإتيان ذلك». ۴
وأقول: يحتمل أن يُراد نبأ الرسول وصدقه فيما أتى به سيّما في أمير المؤمنين عليه السلام .
«بَعْدَ حِينٍ» .
قال الفيروزآبادي:
الحين ـ بالكسر ـ : الدهر، أو وقت مبهم يصلح لجميع الأزمان ـ طال أو قصُر ـ يكون سنة و أكثر، أو كلّ غدوة وعشيّة، ويوم القيامة، والمدّة. وقوله تعالى: «فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ»۵ أي حتّى تنقضي المدّة التي أهملوها. ۶
وقال البيضاوي: «المراد بالحين هنا يوم القيامة، أو بعد الموت، أو عند ظهور الإسلام، وفيه تهديد». ۷
(قال: عند خروج القائم عليه السلام ).
الظاهر أنّه تفسير حين، أي لتعلمنّ نبأ أمير المؤمنين عليه السلام وصدقه وعلوّ شأنه، أو صدق القرآن فيما نطق بذلك عند ظهور دولة الحقّ.
(وفي قوله عزّ وجلّ) في سورة فصّلت: «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ» يعني التوراة «فَاخْتُلِفَ فِيهِ»۸ .
(كما اختلفت هذه الاُمّة في الكتاب) أي القرآن.
(وأمّا قوله عزّ وجلّ) في سورة الشورى: «وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ» .
قال البيضاوي:
أي القضاء السابق بتأجيل الجزاء، أو العدّة، بأنّ الفصل يكون يوم القيامة.
«لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ» بين الكافرين والمؤمنين، أو المشركين وشركائهم.
«وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» . وقرئ: «أنّ» بالفتح عطفا على كلمة «الفصل» أي لولا كلمة الفصل وتقدير عذاب الظالمين في الآخرة لقضي بينهم في الدُّنيا؛ فإنّ العذاب الأليم غالب في عذاب الآخرة، انتهى. ۹
(قال عليه السلام ) في تفسيرها: (لولا ما تقدّم فيهم) بأنّه سيجزيهم يوم القيامة، أو يولد منهم مؤمن.
(ما أبقى القائم عليه السلام منهم واحدا) بل قتلهم جميعا.
ولا يبعد أن يُراد بالقائم هنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله والأئمّة عليهم السلام مطلقا، فتأمّل.
وقيل: يحتمل أن يكون «ما أبقى القائم» بيانا لما تقدّم فيهم، أي لولا أن قدّر اللّه أن يكون قتلهم على يد القائم لأهلكهم اللّه وعذّبهم قبل ذلك، ولم يمهلهم، ولا يخفى بُعده. ۱۰
(وفي قوله عزّ وجلّ) في سورة المعارج: «وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ»۱۱ تصديقا بأعمالهم، وهو أن يتعب نفسه ويصرف ماله طمعا في المثوبة الاُخرويّة، ولذلك ذكر الدِّين. كذا ذكره البيضاوي. ۱۲
والظاهر أنّ قوله عليه السلام : «بخروج القائم عليه السلام » تفسير ليوم الدِّين؛ فإنّ كثيرا من الآيات الواردة في القيامة الكبرى ظاهرا فسّر في أخبار أهل البيت عليهم السلام باطنا بالرجعة التي هي القيامة الصغرى، ولما كان في زمن القائم عليه السلام يردّ بعض الكفّار والمخالفين والمنافقين، ويجازون ببعض أعمالهم، سمّى تلك الزمان بيوم الدِّين، وقد شاع إطلاق اليوم على مقدار من الزمان وإن كان كثيرا، على أنّه يمكن أن يُراد باليوم هنا يوم رجعتهم.
(وقوله عزّ وجلّ) في سورة الأنعام: «وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ» .
قال البيضاوي:
أي آلهتكم التي جعلتموها شركاء اللّه .
«الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ» أنّهم شركاء (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ» أي كفرهم، والمراد عاقبته.
وقيل: معذرتهم التي يتوهّمون أن يتخلّصوا بها من فتنة الذهب إذا خلصته.
وقيل جوابهم: وإنّما سمّاه فتنة؛ لأنّه كذب، أو لأنّهم قصدوا به الخلاص.
«إِلَا أَنْ قَالُوا وَاللّه ِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ»۱۳ يكذبون ويحلفون مع علمهم بأنّه لا ينفع من فرط الحيرة والدهشة، كما يقولون: «رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا» وقد أيقنوا بالخلود.
وقيل: معناه: ما كنّا مشركين عند أنفسنا، وهو لا يوافق قوله: «انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ»۱۴ أي بنفي الشرك عنها، وحمله على كذبهم في الدُّنيا تعسّف يخلّ بالنظم، ونظير ذلك قوله: «يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللّه ُ جَمِيعا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ» . ۱۵ وقرأ حمزة والكسائي: «ربّنا» بالنصب على النداء، أو المدح «وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ» من الشركاء. انتهى كلام البيضاوي. ۱۶
قال عليه السلام في تفسير قوله: «مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ» : (يعنون) أي يقصون بهذا القول ما كنّا مشركين.
(بولاية عليّ عليه السلام ).
ويظهر منه أنّ المراد بالشركاء في قوله تعالى: «أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ» حلفاء الباطل، أو المعنى العامّ الشامل لهم ولغيرهم ممّا عبد من دون اللّه .
(وفي قوله عزّ وجلّ) في سورة الإسراء: «قُلْ جَاءَ الْحَقُّ» .
قال البيضاوي:
أي الإسلام. «وَزَهَقَ الْبَاطِلُ) ذهب وهلك الشرك، من زهق روحه: إذا خرج.
«إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقا»
۱۷ مضمحلّاً غير ثابت، انتهى. ۱۸
وفسّر عليه السلام الحقّ بقيام القائم عليه السلام ، والباطل بذلّة الباطل.
(قال: إذا قام القائم عليه السلام ذهبت دولة الباطل).
فعلى تفسيره عليه السلام الإتيان بالفعلين بصيغة المضيّ لتحقّق وقوعه وتيقّنه، فكأنّه قد وقع.

1.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۵۶.

2.الصحاح، ج ۴، ص ۱۴۲۴ (كلف).

3.راجع: جامع البيان، ج ۲۳، ص ۲۲۴؛ الكشّاف، ج ۳، ص ۳۸۵؛ تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۵۶.

4.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۵۶.

5.. الصافّات (۳۷): ۱۷۴.

6.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۱۷ (حين) مع التلخيص.

7.اُنظر: تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۵۶.

8.. فصّلت (۴۱): ۴۵.

9.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۱۲۷.

10.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۰۹.

11.. المعارج (۷۰): ۲۶.

12.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۳۹۰.

13.. الأنعام (۶): ۲۲ و ۲۳.

14.. الأنعام (۶): ۲۴.

15.. المجادلة (۵۸): ۶.

16.تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۳۹۸ و ۳۹۹ مع التلخيص والتصرّف في العبارة.

17.. الإسراء (۱۷): ۸۱.

18.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۴۶۳.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید ؛ فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 230335
صفحه از 607
پرینت  ارسال به