313
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وقوله: (إنّي عزمت على النار أن لا تحرقه).
يحتمل كونه من العزيمة بمعنى القسم، أي أقسمتها. أو من الرقية.
قال الجوهري: «عزمت عليك، بمعنى أقسمت عليك».۱
وقال الفيروزآبادي: «معزّم - كمحدّث - : الرّاقي».۲
ويحتمل كونه من العزيمة بمعنى الإرادة، ويكون التفات، أي أردت أن أدخل النار وهي لا تحرقني وأفعل مثل فعل إبراهيم عليه السلام.
وقوله: (فأخذ عنق من النار) أي طائفة وقطعة منها.
قال الفيروزآبادي: «العنق - بالضمّ وبضمّتين، وكصُرد - : الجيد. ويؤنّث، والجماعة من الناس. ومن الخبز: القطعة منه».۳

متن الحديث التاسع والخمسين والخمسمائة

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الْكَرْخِيِّ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ :
«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام كَانَ مَوْلِدُهُ بِكُوثى‏۴ رُبَا ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِهَا ، وَكَانَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ وَأُمُّ لُوطٍ سَارَةَ وَوَرَقَةَ - وَفِي نُسْخَةٍ : «رُقَيَّةَ» - أُخْتَيْنِ وَهُمَا ابْنَتَانِ‏۵ لِلَاحِجٍ ، وَكَانَ اللَّاحِجُ نَبِيّاً مُنْذِراً وَلَمْ يَكُنْ رَسُولًا ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فِي شَبِيبَتِهِ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - الْخَلْقَ عَلَيْهَا، حَتّى‏ هَدَاهُ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ - إِلى‏ دِينِهِ وَاجْتَبَاهُ ، وَإِنَّهُ تَزَوَّجَ سَارَةَ ابْنَةَ لَاحِجٍ وَهِيَ ابْنَةُ خَالَتِهِ ، وَكَانَتْ سَارَةُ صَاحِبَةَ مَاشِيَةٍ كَثِيرَةٍ وَأَرْضٍ وَاسِعَةٍ وَحَالٍ حَسَنَةٍ ، وَكَانَتْ قَدْ مَلَّكَتْ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام جَمِيعَ مَا كَانَتْ تَمْلِكُهُ ، فَقَامَ فِيهِ وَأَصْلَحَهُ ، وَكَثُرَتِ الْمَاشِيَةُ وَالزَّرْعُ حَتّى‏ لَمْ يَكُنْ‏ّ بِأَرْضِ كُوثى‏۶ رُبَا رَجُلٌ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ ، وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا كَسَرَ أَصْنَامَ نُمْرُودَ أَمَرَ بِهِ نُمْرُودُ ، فَأُوثِقَ وَعَمِلَ لَهُ حَيْراً ، وَجَمَعَ لَهُ فِيهِ الْحَطَبَ ، وَأَلْهَبَ فِيهِ النَّارَ ، ثُمَّ قَذَفَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فِي النَّارِ لِتُحْرِقَهُ‏۷ ، ثُمَّ

1.الصحاح، ج ۵، ص ۱۹۸۵ (عزم).

2.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۵۰ (عزم).

3.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۶۹ (عنق) مع التلخيص.

4.في بعض نسخ الكافي: «بكوبى».

5.في بعض نسخ الكافي: «بنتان».

6.في بعض نسخ الكافي: «كوبى». وفي بعضها: «كوثاه».

7.في بعض نسخ الكافي: «ليحرقه».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
312

أقول: هذا الحديث صريح في أنّ نصب سلاماً على العطف لا على تقدير الفعل كما لا يخفى.
حكى بعض المؤرّخين أنّ النار في حوالى إبراهيم عليه السلام صارت معتدلة بين الحرارة والبرودة في أربعين ذراعاً - أو في ثمانين على اختلاف الروايتين - وصارت بستاناً فيه أنواع من الأزهار وأنحاء من الأشجار والأثمار، واُتي له من الجنّة قبّة وسرير وطعام وشراب وأثواب، وجعل بين بستانه والنار ثلج لئلّا تصل حرارة النار إليه، وجعلت الثلج لا يذوب بالنار، وجاء جبرئيل عليه السلام وميكائيل عليه السلام وجلسا عن يمينه وشماله وهو على السرير، وجاء ملك آخر بصورته يخدمه، وإسرافيل يجي‏ء بطعامه وشرابه من الجنّة في الغداة والعشي، ورأى نمرود في المنام أنّه عليه السلام خرج من النار سالماً، وكانت تلك الرؤيا بعد ثلاثة أيّام - أو سبعة على اختلاف الروايتين - فصعد منظراً عالياً ليرى حاله، فرآه في منزل مبارك مزيّن لم يُرَ مثله قط، ورأى رجلاً ماثلاً بين يديه، فتحيّر ونادى بصوت عال: يا إبراهيم، كيف نجوت من النار الشديدة ومن هو معك؟! قال: نجوت من فضل ربّي، وهذا ملك أرسله ربّي ليؤنسني ويخدمني. فقال نمرود: لقد اخترت ربّاً عظيماً له هذه القدرة، فهل تقدر أن تخرج من النار؟
فقام عليه السلام ومشى على النار إلى نمرود، فقام نمرود تعظيماً له لمّا شاهد منه من الكرامة، فقال: يا إبراهيم، إنّي اُريد أن أتقرّب من ربّك بقربان!
فقال عليه السلام: إنّي ربّي لا يقبل منك حتّى تؤمن به وتقرّ بوحدانيّته.
فقال: إنّي لا أترك الملك والمال والعزّ والإقبال لكن أتقرّب إلى ربّك لمّا شهدت من آثار عظمته وقدرته فيك، فذبح أربعة آلاف - وفي رواية - أربعين الآف من البقر، وأربعة آلاف من الغنم والإبل.
وقيل: إنّه أراد أن يؤمن ووزيره هاران منعه، وقال له: إيمانك بربّ السماء أبعد إن كنت ربّ أهل الأرض، وتنزّلك من الربوبيّة إلى العبوديّة مذلّة ومنقصة لك، فأخذته العزّة وفسخ عزيمته، ثمّ إنّه تعالى منع إبراهيم عليه السلام عن صحبة نمرود ومجالسته، ولمّا شاهد الناس تلك المعجزة آمن به كثير منهم، ومنهم سارة بنت هاران بن عامر بن يقطر، وهاران هذا عمّ إبراهيم عليه السلام ووزير نمرود، ومنهم لوط عليه السلام.۱

1.اُنظر شرح المازندراني، ج ۱۲، ص ۵۳۳ و ۵۳۴.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 68034
صفحه از 568
پرینت  ارسال به