363
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

اتّصاف تلك الشجرة بهذا السلب مستلزم لاتّصافهم به، كما أشار إليه بقوله: (وأنتم على ملّة إبراهيم عليه السلام) وهو لم يكن يهوديّاً ولا نصرانيّاً.۱(وقد قال اللَّه عزّ وجلّ)؛ الواو للحال، أي كيف يجوز ذلك، وقد قال اللَّه - عزّ وجلّ - في سورة آل عمران: «مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلَا نَصْرَانِيّاً» تحقيق وتقرير للسلب المذكور.
«وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً»: مائلاً عن العقائد الباطلة.
«مُسْلِماً»: منقاداً للَّه.
قال البيضاوي:
ليس المراد أنّه كان على ملّة الإسلام، وإلّا لاشترك الإلزام. «وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ»۲ تعريض بأنّهم مشركون لإشراكهم به عزيراً والمسيح، وردّ لادّعاء المشركين أنّهم كانوا على ملّة إبراهيم عليه السلام.۳(مثل أولادكم) إلى آخره، استعارة تمثيليّة، ولا يخفى لطفه، والظاهر أنّ الخطاب لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام.
وقوله: (يكادون أن يتكلّموا) تفسيراً لقوله تعالى: «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى‏ءُ»، وضمير الجمع للأولاد.

متن الحديث الرابع والسبعين والخمسمائة

۰.أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :«سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِى الْآفاقِ وَفِى أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ»۴؟
قَالَ :
«نُرِيهِمْ‏۵ فِي أَنْفُسِهِمُ الْمَسْخَ ، وَنُرِيهِمْ‏۶ فِي الْآفَاقِ انْتِقَاضَ الْآفَاقِ عَلَيْهِمْ ، فَيَرَوْنَ قُدْرَةَ اللَّهِ

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۵۰.

2.آل عمران (۳): ۶۷.

3.تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۵۰.

4.فصّلت (۴۱): ۵۳.

5.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «يريهم».

6.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «ويريهم».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
362

«إِنَّهُ حَمِيدٌ» فاعل ما يستوجب به الحمد.
«مَّجِيدٌ»: كثير الخير والإحسان.۱
ولعلّ بناء الاستشهاد بالآية أنّ هذا الخطاب وقع عند البشارة بإسحاق ويعقوب، فهما من أهل بيت إبراهيم عليه السلام وكذا إسماعيل وكذا أولادهم، وقد بُورك عليهم لكونهم من أهل بيت إبراهيم عليه السلام، فظهر أنّه أصل الشجرة المباركة.
(وهو قول اللَّه عزّ وجلّ) في سورة آل عمران: «قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ* إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ».
قال البيضاوي:
أي اصطفاهم بالرسالة والخصائص الروحانيّة والجسمانيّة، ولذلك قوّوا على ما لم يقو عليه غيرهم؛ لما أوجب طاعة الرسول، وبيّن أنّها الجالبة لمحبّة اللَّه عقّب ذلك ببيان مناقبهم تحريضاً عليها، وبه استدلّ على فضلهم على الملائكة «وَآلَ إِبْرَاهِيمَ» [وإسماعيل‏] وإسحاق وأولائهما، وقد دخل فيهم الرسول صلى اللَّه عليه وآله «وَآلَ عِمْرَانَ» موسى وهارون ابنا عمران، وينتهي نسبه إلى لاوي بن يعقوب أو عيسى، واُمّه مريم بنت عمران وينتهي نسبه إلى يهوذا ابن يعقوب، وكان بين العمرانين ألف وثمانمائة سنة.
«ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» حال أو بدل من الآلين، أو منهما ومن نوح؛ أي أنّهم ذرّية واحدة متشعّبة بعضها من بعض.
وقيل: بعضها من بعض في الدِّين. والذرّيّة: الولد، يقع على الواحد والجمع، فعليّة من الذرّ، أو من الذرء. اُبدلت همزتها ياء، ثمّ قلبت الواو [ياء] واُدغمت.
«وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»۲ بأقوال الناس وأعمالهم، فيصطفي من كان مستقيم القول والعمل، أو سميع بقول امرأة عمران، عليمٌ بنيّتها،۳ انتهى.
وأقول: الاستشهاد بالآيتين وقع في البين، ثمّ أشار عليه السلام إلى تفسير تتمّة آية النور وقال: («لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ»يقول: لستم بيهود فتصلّوا قِبلَ المغرب، ولا نصارى فتصلّوا قبل المشرق).
قيل: الفاء في الموضعين تفريع على المنفي، والظاهر أنّ هذه الجملة صفة لشجرة؛ لأنّ

1.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۲۴۶.

2.آل عمران (۳): ۳۲ - ۳۴.

3.تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۲۹ مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 67999
صفحه از 568
پرینت  ارسال به