69
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

واعلم أنّ الصدوق رحمة اللَّه عليه ذكر في كتاب العلل لهذه الآية تأويلاً آخر، وهو أنّه دخل أبو حنيفة على أبي عبد اللَّه عليه السلام، فقال له أبو عبد اللَّه عليه السلام: «أخبرنا عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاماً آمِنِينَ»۱ أين ذلك من الأرض؟».
قال: حسبته ما بين مكّة والمدينة. فالتفت أبو عبد اللَّه عليه السلام إلى أصحابه فقال: «تعلمون أنّ الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكّة، فتؤخذ أموالهم ولا يأمنون على أنفسهم ويقتلون؟».
قالوا: نعم. فسكت أبو حنيفة، فلمّا خرج سأله أبو بكر الحضرمي عن ذلك، فقال: «يا أبا بكر، «سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاماً آمِنِينَ»»، فقال: «مع قائمنا أهل البيت»،۲ والخبر طويل أخذنا موضع الحاجة.

متن الحديث الخامس والثمانين والأربعمائة

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى‏ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ :
«قَالَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله : أَخْبَرَنِي الرُّوحُ الْأَمِينُ أَنَّ اللَّهَ لَا إِلهَ غَيْرُهُ إِذَا وَقَفَ الْخَلَائِقَ وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، أُتِيَ بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِأَلْفِ زِمَامٍ أَخَذَ بِكُلِّ زِمَامٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ مِنَ الْغِلَاظِ الشِّدَادِ ، وَلَهَا هَدَّةٌ وَتَحَطُّمٌ وَزَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ، وَإِنَّهَا۳ لَتَزْفِرُ الزَّفْرَةَ ، فَلَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَخَّرَهَا إِلَى الْحِسَابِ لَأَهْلَكَتِ الْجَمِيعَ ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ يُحِيطُ بِالْخَلَائِقِ : الْبَرِّ مِنْهُمْ وَالْفَاجِرِ ، فَمَا خَلَقَ اللَّهُ عَبْداً مِنْ عِبَادِهِ مَلَكٍ وَلِا نَبِيٍّ إِلَّا وَيُنَادِي‏۴ : يَا رَبِّ ، نَفْسِي نَفْسِي ، وَأَنْتَ تَقُولُ : يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، ثُمَّ يُوضَعُ‏۵ عَلَيْهَا صِرَاطٌ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ ، وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ ، عَلَيْهِ ثَلَاثُ قَنَاطِرَ : الْأُولى‏ عَلَيْهَا الْأَمَانَةُ وَالرَّحْمَةُ ، وَالثَّانِيَةُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ ، وَالثَّالِثَةُ عَلَيْهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ لَا إِلهَ غَيْرُهُ ، فَيُكَلَّفُونَ الْمَمَرَّ عَلَيْهَا ، فَتَحْبِسُهُمُ الرَّحْمَةُ وَالْأَمَانَةُ ، فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا حَبَسَتْهُمُ الصَّلَاةُ ، فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا كَانَ الْمُنْتَهى‏ إِلى‏ رَبِّ الْعَالَمِينَ جَلَّ ذِكْرُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ : «إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ»۶وَالنَّاسُ عَلَى

1.سبأ (۳۴): ۱۸.

2.علل الشرايع، ج ۱، ص ۹۰ و ۹۱، ح ۵ مع اختلاف يسير في اللفظ.

3.في كثير من نسخ الكافي: «إنّها» بدون الواو.

4.في كثير من نسخ الكافي: «ينادي» بدون الواو.

5.في أكثر نسخ الكافي: «ثمّ وضع».

6.الفجر (۸۹): ۱۴.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
68

يهوى إليهم قلوب الناس، فالحجّ وسيلة للوصول إليهم، ومعرفة حقّهم، وأخذ الأحكام الدينيّة عنهم.
(فنحن واللَّه دعوة إبراهيم عليه السلام)؛ يعني نحن الذرّيّة الذين استجاب اللَّه تعالى دعاء إبراهيم عليه السلام فينا أهل البيت.
قال الجوهري:
الدعوة إلى الطعام بالفتح. يُقال: كنّا في دعوة فلان ومدعاة فلان، وهو في الأصل مصدر يريدون الدُّعاء إلى الطعام. والدِعوة - بالكسر - : في النسب. ثمّ نقل عن بعض العرب أنّهم يفتحون الدال في النسب، ويكسرونها في الطعام.۱
وقال الفيروزآبادي: «إنّ الدعوة في الطعام قد يضمّ».۲
وقال صاحب النهاية: «ومنه الحديث: وسأخبركم بأوّل أمري دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى‏ قوله: «مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ»۳».۴(قال قتادة: لا جرم واللَّه لا فسّرتها) أي لا أفسّرها بعد (إلّا هكذا).
قال الجوهري:
وقولهم: لا جرم. قال الفرّاء: هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لابدّ ولا محالة، فجرت على ذلك وكثرت حتّى تحوّلت إلى معنى القسم، وصارت بمنزلة حقّاً، فلذلك يُجاب عنه باللّام، كما يُجاب بها عن القسم، ألا تراهم يقولون: لا جرم لآتينّك. قال: وليس قول من قال جرمت: حقّقت بشي‏ء.۵
وقال صاحب النهاية:
هي كلمة ترد بمعنى لابدّ، ثمّ استعملت في معنى حقّاً. وقيل: جرم بمعنى كسب. وقيل: بمعنى وجب، وحقّ. و«لا» ردّ لما قبلها من الكلام. ثمّ يبتدأ بها كقوله تعالى: «لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمْ النَّارَ»۶ أي ليس الأمر كما قالوا، ثمّ ابتدأ فقال: وجب لهم النار، انتهى.۷

1.الصحاح، ج ۶، ص ۲۳۳۶ (دعا).

2.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۲۸ (دعو) مع اختلاف في اللفظ.

3.الصفّ (۶۱): ۶.

4.النهاية، ج ۲، ص ۱۲۲ (دعا) مع التلخيص.

5.الصحاح، ج ۵، ص ۱۸۸۶ (جرم).

6.النحل (۱۶): ۶۲.

7.النهاية، ج ۱، ص ۲۶۳ (جرم) مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 68044
صفحه از 568
پرینت  ارسال به