واعلم أنّ الصدوق رحمة اللَّه عليه ذكر في كتاب العلل لهذه الآية تأويلاً آخر، وهو أنّه دخل أبو حنيفة على أبي عبد اللَّه عليه السلام، فقال له أبو عبد اللَّه عليه السلام: «أخبرنا عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاماً آمِنِينَ»۱ أين ذلك من الأرض؟».
قال: حسبته ما بين مكّة والمدينة. فالتفت أبو عبد اللَّه عليه السلام إلى أصحابه فقال: «تعلمون أنّ الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكّة، فتؤخذ أموالهم ولا يأمنون على أنفسهم ويقتلون؟».
قالوا: نعم. فسكت أبو حنيفة، فلمّا خرج سأله أبو بكر الحضرمي عن ذلك، فقال: «يا أبا بكر، «سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاماً آمِنِينَ»»، فقال: «مع قائمنا أهل البيت»،۲ والخبر طويل أخذنا موضع الحاجة.
متن الحديث الخامس والثمانين والأربعمائة
۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ :«قَالَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله : أَخْبَرَنِي الرُّوحُ الْأَمِينُ أَنَّ اللَّهَ لَا إِلهَ غَيْرُهُ إِذَا وَقَفَ الْخَلَائِقَ وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، أُتِيَ بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِأَلْفِ زِمَامٍ أَخَذَ بِكُلِّ زِمَامٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ مِنَ الْغِلَاظِ الشِّدَادِ ، وَلَهَا هَدَّةٌ وَتَحَطُّمٌ وَزَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ، وَإِنَّهَا۳ لَتَزْفِرُ الزَّفْرَةَ ، فَلَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَخَّرَهَا إِلَى الْحِسَابِ لَأَهْلَكَتِ الْجَمِيعَ ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ يُحِيطُ بِالْخَلَائِقِ : الْبَرِّ مِنْهُمْ وَالْفَاجِرِ ، فَمَا خَلَقَ اللَّهُ عَبْداً مِنْ عِبَادِهِ مَلَكٍ وَلِا نَبِيٍّ إِلَّا وَيُنَادِي۴ : يَا رَبِّ ، نَفْسِي نَفْسِي ، وَأَنْتَ تَقُولُ : يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، ثُمَّ يُوضَعُ۵ عَلَيْهَا صِرَاطٌ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ ، وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ ، عَلَيْهِ ثَلَاثُ قَنَاطِرَ : الْأُولى عَلَيْهَا الْأَمَانَةُ وَالرَّحْمَةُ ، وَالثَّانِيَةُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ ، وَالثَّالِثَةُ عَلَيْهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ لَا إِلهَ غَيْرُهُ ، فَيُكَلَّفُونَ الْمَمَرَّ عَلَيْهَا ، فَتَحْبِسُهُمُ الرَّحْمَةُ وَالْأَمَانَةُ ، فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا حَبَسَتْهُمُ الصَّلَاةُ ، فَإِنْ نَجَوْا مِنْهَا كَانَ الْمُنْتَهى إِلى رَبِّ الْعَالَمِينَ جَلَّ ذِكْرُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى : «إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ»۶وَالنَّاسُ عَلَى
1.سبأ (۳۴): ۱۸.
2.علل الشرايع، ج ۱، ص ۹۰ و ۹۱، ح ۵ مع اختلاف يسير في اللفظ.
3.في كثير من نسخ الكافي: «إنّها» بدون الواو.
4.في كثير من نسخ الكافي: «ينادي» بدون الواو.
5.في أكثر نسخ الكافي: «ثمّ وضع».
6.الفجر (۸۹): ۱۴.