الناحية الكمّية ، إلّا أنّها بالغة الأهمّية وخالدة من الناحية الكيفيّة والآثار التي ترتّبت عليها ، فما حدث في هذه الفترة القصيرة يعدّ منقطع النظير ، ليس في التاريخ الإسلامي فحسب ، بل في تاريخ البشريّة .
المسؤوليّة الإلهيّة لكلّ إمام في عهد إمامته
إنّنا نعتقد أنّ كلّ فعل قام به أئمّة أهل البيت عليهم السلام في عهد إمامتهم ، كان يمثّل مسؤوليّتهم الإلهيّة ، فقد نقل المحدّث الأقدم الشيخ الكليني قدس سره في كتاب الكافي بسند معتبر جدّا عن ضريس الكناسي ، أنّ حمران بن أعين الشيباني قال للإمام الباقر عليه السلام :
أرأيت ما كان من أمر قيام عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين اللّه عزّ ذكره ، وما اُصيبوا من قتل الطواغيت إيّاهم والظفر بهم حتّى قُتِلوا وغُلِبوا؟!
فقال أبو جعفر عليه السلام : إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى قَد كانَ قَدَّرَ ذلِكَ عَلَيهِم وقَضاهُ وأمضاهُ وحَتَمَهُ عَلى سَبيلِ الاِختِيارِ ۱ ، ثُمَّ أجراهُ . فَبِتَقَدُّمِ عِلمٍ إلَيهِم مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله قامَ عَلِيٌّ وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهم السلام ... . ۲
واستناداً إلى هذا النصّ ، فإنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان قد عيّن من قبلُ مسؤوليّة كلّ واحد من أئمّة أهل البيت عليهم السلام من قبل اللّه تعالى ، وكان كلّ منهم يعمل في عهد إمامته حسب تكليفه الإلهي . وبناءً على ذلك ، فإنّ كلّ واحد من الأئمّة عليهم السلام لو كان يعيش الأجواء السياسيّة التي عاشها الإمام الحسين عليه السلام ، لقام بنفس العمل الذي قام به .
وعلى أيّ حال ، فإنّ الظرف والاختبار اللذين واجههما سيّد الشهداء في عهد إمامته القصير ، لم يواجهه أيّ من الزعماء الإلهيّين على امتداد التاريخ .