11
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج1

عرض النسخة الكاملة للقرآن الناطق

لقد عرض الإمام الحسين عليه السلام نسخة كاملة من القرآن الناطق والإنسان الكامل على مرأى البشريّة ، وخلق ملحمة منقطعة النظير من خلال انتهازه لتلك الفرصة النادرة .
وعلى حدّ تعبير الاُستاذ الشهيد الشيخ المطهّري رحمه الله :
إنّ الحسين عليه السلام هو نشيد الإنسانيّة، فنحن لا يمكن أن نجد في العالم ملحمة كملحمة الحسين بن عليّ عليه السلام ، سواء من ناحية قدرة الملحمة وقوّتها ، أو من ناحية علوّها وسموّها وإنسانيّتها . ۱
وقد تجلّت في هذه الملحمة أنواع الخصال الإنسانيّة السامية ؛ مثل: الصبر والثبات ، والإيثار والتضحية ، والكرامة وعزّة النفس والإباء ، وطلب التحرر ، والحفاظ على الهدوء والاطمئنان النفسي في ظلّ أصعب الظروف، وأمام أنواع الرذائل والجرائم والقسوة والبطش ، وقد تجلّت بشكل أثار إعجاب الملائكة إزاءها . ۲
وقد كان هذا العرض صريحاً وواضحاً وسافراً وعامّاً ، إلى درجة بحيث إنّ أعداء الإمام عليّ عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام لم يستطيعوا تشويه الصورة الوضّاءة للإمام الحسين عليه السلام أو تصوير ثورته الإلهيّة بشكل آخر ، كما يقول الكاتب المصري عبّاس محمود العقّاد :
وقد لبث بنو اُميّة بعد مصرعه ستّين سنة يسبّونه ويسبّون أباه على المنابر ، ولم يجسر أحد منهم قطّ على المساس بورعه وتقواه، ورعايته لأحكام الدين في أصغر صغيرة يباشرها المرء، سرّاً وعلانية ، وحاولوا أن يعيبوه بشيء غير خروجه على دولتهم، فقصرت ألسنتهم. ۳
والذين يعمدون إلى تحريف فصل من التاريخ ، أو عرض صورة غير واقعيّة عن

1.. حماسه حسيني «بالفارسيّة» : ج ۱ ص ۱۲۱.

2.. «وقد عجبت من صبرك ملائكة السماوات» المزار الكبير : ص ۵۰۴ ، بحار الأنوار : ج ۱۰۱ ص ۲۴۰ .

3.. المجموعة الكاملة لعبّاس محمود العقّاد: ج ۲ ص ۲۲۸ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج1
10

الناحية الكمّية ، إلّا أنّها بالغة الأهمّية وخالدة من الناحية الكيفيّة والآثار التي ترتّبت عليها ، فما حدث في هذه الفترة القصيرة يعدّ منقطع النظير ، ليس في التاريخ الإسلامي فحسب ، بل في تاريخ البشريّة .

المسؤوليّة الإلهيّة لكلّ إمام في عهد إمامته

إنّنا نعتقد أنّ كلّ فعل قام به أئمّة أهل البيت عليهم السلام في عهد إمامتهم ، كان يمثّل مسؤوليّتهم الإلهيّة ، فقد نقل المحدّث الأقدم الشيخ الكليني قدس سره في كتاب الكافي بسند معتبر جدّا عن ضريس الكناسي ، أنّ حمران بن أعين الشيباني قال للإمام الباقر عليه السلام :
أرأيت ما كان من أمر قيام عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين اللّه عزّ ذكره ، وما اُصيبوا من قتل الطواغيت إيّاهم والظفر بهم حتّى قُتِلوا وغُلِبوا؟!
فقال أبو جعفر عليه السلام : إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى قَد كانَ قَدَّرَ ذلِكَ عَلَيهِم وقَضاهُ وأمضاهُ وحَتَمَهُ عَلى سَبيلِ الاِختِيارِ ۱ ، ثُمَّ أجراهُ . فَبِتَقَدُّمِ عِلمٍ إلَيهِم مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله قامَ عَلِيٌّ وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهم السلام ... . ۲
واستناداً إلى هذا النصّ ، فإنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان قد عيّن من قبلُ مسؤوليّة كلّ واحد من أئمّة أهل البيت عليهم السلام من قبل اللّه تعالى ، وكان كلّ منهم يعمل في عهد إمامته حسب تكليفه الإلهي . وبناءً على ذلك ، فإنّ كلّ واحد من الأئمّة عليهم السلام لو كان يعيش الأجواء السياسيّة التي عاشها الإمام الحسين عليه السلام ، لقام بنفس العمل الذي قام به .
وعلى أيّ حال ، فإنّ الظرف والاختبار اللذين واجههما سيّد الشهداء في عهد إمامته القصير ، لم يواجهه أيّ من الزعماء الإلهيّين على امتداد التاريخ .

1.. في بعض النسخ : «الاختبار» ، بالموحّدة .

2.. الكافي : ج ۱ ص ۲۶۲ ح ۴.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 243652
الصفحه من 426
طباعه  ارسل الي