151
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4

وكذلك كلام زهير بن القين، حيث قال :
وَاللّهِ ، لَوَدِدتُ أنّي قُتِلتُ ، ثُمَّ نُشِرتُ ، ثُمَّ قُتِلتُ حَتّى اُقتَلَ كَذا ألفَ قَتلَةٍ ، وأنَّ اللّهَ يَدفَعُ بِذلِكَ القَتلَ عَن نَفسِكَ وعَن أنفُسِ هؤُلاءِ الفِتيَةِ مِن أهلِ بَيتِكَ . ۱
فهذه الكلمات التي صدرت عن أفرادٍ غير مجبورين على اختيار طريق الشهادة ، ومن الممكن أن يسلكوا سبيل العافية بابتعادهم عن الإمام ، إن دلّت على شيء فإنّما تدلّ على استحكام إيمانهم وحركتهم في ظلّ نور اليقين .

3 . شهود الحقائق الغيبية

إنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام ـ استناداً إلى عدد من الروايات ـ ، رأوا مواضعهم في الجنّة ، لذا كانوا يذهبون لاستقبال الشهادة باشتياق كامل .
يقول محمّد بن عمارة : سألت الإمام الصادق عليه السلام : كيف كان أصحاب الإمام الحسين عليه السلام يستقبلون الموت؟ فأجاب قائلاً :
إنَّهُم كُشِفَ لَهُمُ الغِطاءُ حَتّى رَأَوا مَنازِلَهُم مِنَ الجَنَّةِ ... . ۲
وجاء في رواية اُخرى عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه عندما أذن الإمام لأصحابه أن يتركوه وحيداً، فلم يوافقوا على ذلك ، فأكّد الإمام عليه السلام :
إنَّكُم تُقتَلونَ غَدا كَذلِكَ ، لا يُفلِتُ مِنكُم رَجُلٌ .
قالوا : الحَمدُ للّهِِ الَّذي شَرَّفَنا بِالقَتلِ مَعَكَ .
ثُمَّ دَعا ، وقالَ لَهُم : اِرفَعوا رُؤوسَكُم وَانظُروا . فَجَعَلوا يَنظُرونَ إلى مَواضِعِهِم ومَنازِلِهِم مِنَ الجَنَّةِ ، وهُوَ يَقولُ لَهُم :
هذا مَنزِلُكَ يا فُلانُ ، وهذا قَصرُكَ يا فُلانُ ، وهذِهِ دَرَجَتُكَ يا فُلانُ .
فَكانَ الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الرِّماحَ وَالسُّيوفَ بِصَدرِهِ ووَجهِهِ لِيَصِلَ إلى مَنزِلِهِ مِنَ

1.راجع : ص ۶۴ ح ۱۵۸۰ .

2.راجع: ص ۶۹ ح ۱۵۸۹ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
150

أنّي لا أعلَمُ أصحابا خَيرا مِن أصحابي ۱ . ۲
وتدلّ هذه الأحاديث على أنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام كانوا اُناسا كاملين في عصر ذلك الإمام العظيم ۳ ، ولذا ورد في الزيارة الرجبيّة :
السَّلامُ عَلَيكُم أيُّهَا الرَّبّانِيّونَ ، أنتُم خِيَرَةُ اللّهِ ، اختارَكُمُ اللّهُ لِأَبي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السَّلامُ . ۴
كما جاء في زيارة الناحية المقدّسة :
السَّلامُ عَلَيكُم يا خَيرَ أنصارٍ . ۵

2 . بلوغهم قمّة اليقين

إنّ كلام عدد من أصحاب الإمام في إبراز الحبّ والوفاء له ، يدلّ على أنّهم بلغوا قمّة اليقين التي تمثّل ذروة الكمالات الإنسانيّة ، مثل كلام سعيد بن عبد اللّه الحنفي مخاطباً الإمام عليه السلام :
وَاللّهِ ، لَو عَلِمتُ أنّي اُقتَلُ ، ثُمَّ اُحيا ، ثُمَّ اُحرَقُ حَيّا ، ثُمَّ اُذَرُّ ، يُفعَلُ ذلِكَ بي سَبعينَ مَرَّةً ما فارَقتُكَ حَتّى ألقى حِمامي دونَكَ ، فَكَيفَ لا أفعَلُ ذلِكَ ! وإنَّما هِيَ قَتلَةٌ واحِدَةٌ ، ثُمَّ هِيَ الكَرامَةُ الَّتي لَا انقِضاءَ لَها أبَدا ؟! ۶

1.راجع : ص ۶۶ ح ۱۵۸۳ .

2.وقد وردت تعابير اُخرى أيضا منها : اللّهمّ إنّي لا أعرف ... ولا أصحاباً هم خير من أصحابي (الأمالي للصدوق : ص ۲۲۰ ح ۲۳۹). فإنّي لا أعلم أصحاباً خيراً منكم (الملهوف : ص ۱۵۱). إنّي لا أعلم أصحاباً أصحّ منكم (الفتوح : ج ۵ ص ۹۵) وراجع : هذه الموسوعة : ص ۶۶ ح ۱۵۸۳ .

3.يرى الاُستاذ الشهيد العلّامة المطهري أنّ العبارات المذكورة تدلّ على أنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام كانوا أفضل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله في حرب بدر وأصحاب الإمام عليّ عليه السلام وأصحاب جميع الأنبياء ، إلّا أنّه ونظراً للعبارات الواردة في ذيلها ، فإنّه يجب التأمّل في هذا الرأي (راجع : حماسه حسيني «بالفارسيّة» : ج ۱ ص ۱۳۵) .

4.راجع: ج ۸ ص ۱۶۷ ح ۳۵۲۴ .

5.راجع : ج ۸ ص ۲۴۰ ح ۳۵۷۵ .

6.راجع : ص ۶۴ ح ۱۵۸۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 143804
الصفحه من 444
طباعه  ارسل الي