75
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4

لا تَشُقّي عَلَيَّ جَيبا، ولا تَخمُشي عَلَيَّ وَجها، ولا تَدعي عَلَيَّ بِالوَيلِ وَالثُّبورِ إذا أنَا هَلَكتُ .
قالَ : ثُمَّ جاءَ بِها حَتّى أجلَسَها عِندي ، وخَرَجَ إلى أصحابِهِ ، فَأَمَرَهُم أن يُقَرِّبوا بَعضَ بُيوتِهِم مِن بَعضٍ ، وأن يُدخِلُوا الأَطنابَ ۱ بَعضَها في بَعضٍ ، وأن يَكونوا هُم بَينَ البُيوتِ إلَا الوَجهَ الَّذي يَأتيهِم مِنهُ عَدُوُّهُم . ۲

1.الطَنَبُ : حبل الخباء ، والجمع أطناب (الصحاح : ج ۱ ص ۱۷۲ «طنب») .

2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۲۰ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۹ ، المنتظم : ج ۵ ص ۳۳۸ كلاهما من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۷۷ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۹۳ ، تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۴۳ وليس فيه ذيله من «فأمرهم» ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۵۶ كلّها نحوه ، روضة الواعظين : ص ۲۰۳ وليس فيه ذيله من «فأمّا عمّتي» ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱ وراجع : تذكرة الخواصّ : ص ۲۴۹ والأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۷۷ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
74

وأنتُمُ الخَبيثونَ ! وقَد مُيِّزنا مِنكُم .
قالَ : فَقَطَعَ بُرَيرٌ الصَّلاةَ ، فَناداهُ : يا فاسِقُ ! يا فاجِرُ ! يا عَدُوَّ اللّهِ ! أمِثلُكَ يَكونُ مِنَ الطَّيِّبينَ ؟! ما أنتَ إلّا بَهيمَةٌ ولا تَعقِلُ ، فَأَبشِر بِالنّارِ يَومَ القِيامَةِ وَالعَذابِ الأَليمِ . قالَ : فَصاحَ بِهِ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ ـ لَعَنَهُ اللّهُ ـ وقالَ : أيُّهَا المُتَكَلِّمُ ، إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى قاتِلُكَ وقاتِلُ صاحِبِكَ عَن قَريبٍ .
فَقالَ لَهُ بُرَيرٌ : يا عَدُوَّ اللّهِ! أبِالمَوتِ تُخَوِّفُني ، وَاللّهِ ، إنَّ المَوتَ أحَبُّ إلَينا مِنَ الحَياةِ مَعَكُم ! وَاللّهِ ، لا يَنالُ شَفاعَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله قَومٌ أراقوا دِماءَ ذُرِّيَّتِهِ وأهلِ بَيتِهِ .
قالَ : وأقبَلَ رَجُلٌ مِن أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام إلى بُرَيرِ بنِ حُضَيرٍ ، فَقالَ لَهُ : رَحِمَكَ اللّهُ يا بُرَيرُ ! إنَّ أبا عَبدِ اللّهِ يَقولُ لَكَ : اِرجِع إلى مَوضِعِكَ ولا تُخاطِبِ القَومَ ، فَلَعَمري لَئِن كانَ مُؤمِنُ آلِ فِرعَونَ نَصَحَ لِقَومِهِ وأبلَغَ فِي الدُّعاءِ ، فَلَقَد نَصَحتَ وأبلَغتَ فِي النُّصحِ . ۱

1 / 23

حالَةُ زَينَبَ عليها السلام لَيلَةَ عاشوراءَ

۱۵۹۹.تاريخ الطبري عن الحارث بن كعب وأبي الضّحاك عن عليّ بن الحسين بن عليّ [زين العابدين] عليه السلام :إنّي جالِسٌ في تِلكَ العَشِيَّةِ الَّتي قُتِلَ أبي صَبيحَتَها ، وعَمَّتي زَينَبُ عِندَي تُمَرِّضُني ، إذِ اعتَزَلَ أبي بِأَصحابِهِ في خِباءٍ لَهُ ، وعِندَهُ حُوَيٌّ ۲ مَولى أبي ذَرٍّ الغِفارِيِّ ، وهُوَ يُعالِجُ سَيفَهُ ويُصلِحُهُ ، وأبي يَقولُ :
يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِكَم لَكَ بِالإِشراقِ وَالأَصيلِ
مِن صاحِبٍ أو طالِبٍ قَتيلِوَالدَّهرُ لا يَقنَعُ بِالبَديلِ
وإنَّمَا الأَمرُ إلَى الجَليلِوكُلُّ حَيٍّ سالِكُ السَّبيلِ
قالَ : فَأَعادَها مَرَّتَينِ أو ثَلاثا حَتّى فَهِمتُها ، فَعَرَفتُ ما أرادَ ، فَخَنَقَتني عَبرَتي ، فَرَدَدتُ دَمعي ولَزِمتُ السُّكونَ ، فَعَلِمتُ أنَّ البَلاءَ قَد نَزَلَ ، فَأَمّا عَمَّتي فَإِنَّها سَمِعَت ما سَمِعتُ ، وهِيَ امرَأَةٌ ، وفِي النِّساءِ الرِّقَّةُ وَالجَزَعُ ، فَلَم تَملِك نَفسَها أن وَثَبَت تَجُرُّ ثَوبَها ، وإنَّها لَحاسِرَةٌ حَتَّى انتَهَت إلَيهِ ، فَقالَت : وَاثُكْلاه ! لَيتَ المَوتَ أعدَمَنِي الحَياةَ ! اليَومَ ماتَت فاطِمَةُ اُمّي وعَلِيٌّ أبي وحَسَنٌ أخي ! يا خَليفَةَ الماضي وثِمالَ ۳ الباقي . ۴
قالَ : فَنَظَرَ إلَيهَا الحُسَينُ عليه السلام فَقالَ : يا اُخَيَّةُ ، لا يُذهِبَنَّ حِلمَكِ الشَّيطانُ .
قالَت : بِأَبي أنتَ واُمّي يا أبا عَبدِ اللّهِ ، استَقتَلتَ نَفسي فِداكَ ! فَرَدَّ غُصَّتَهُ ، وتَرَقرَقَت عَيناهُ ، وقالَ : لَو تُرِكَ القَطا لَيلاً لَنامَ ، ۵ قالَت : يا وَيلَتى ، أفَتُغصَبُ نَفسُكَ اغتِصابا ، فَذلِكَ أقرَحُ لِقَلبي ، وأشَدُّ عَلى نَفسي ! ولَطَمَت وَجهَها ، وأهوَت إلى جَيبِها وشَقَّتهُ ، وخَرَّت مَغشِيّا عَلَيها .
فَقامَ إلَيهَا الحُسَينُ عليه السلام ، فَصَبَّ عَلى وَجهِهَا الماءَ ، وقالَ لَها : يا اُخَيَّةُ ، اتَّقِي اللّهَ وتَعَزَّي بِعَزاءِ اللّهِ ، وَاعلَمي أنَّ أهلَ الأَرضِ يَموتونَ ، وأنَّ أهلَ السَّماءِ لا يَبقَونَ ، وأنَّ كُلَّ شَيءٍ هالِكٌ إلّا وَجهَ اللّهِ الَّذي خَلَقَ الأَرضَ بِقُدرَتِهِ ، ويَبعَثُ الخَلقَ فَيَعودونَ ، وهُوَ فَردٌ وَحدَهُ ، أبي خَيرٌ مِنّي ، واُمّي خَيرٌ مِنّي ، وأخي خَيرٌ مِنّي ، ولي ولَهُم ولِكُلِّ مُسلِمٍ بِرَسولِ اللّهِ اُسوَةٌ .
قالَ : فَعَزّاها بِهذا ونَحوِهِ ، وقالَ لَها : يا اُخَيَّةُ ، إنّي اُقسِمُ عَلَيكِ فَأَبِرِّي قَسَمي ،

1.الفتوح : ج ۵ ص ۹۹ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۵۱ نحوه .

2.في الإرشاد وإعلام الورى : «جوين» وفي مقاتل الطالبيّين «جون» بدل «حويّ» .

3.الثِمالُ : الملجأ والغياث ، وقيل : هو المُطعِم في الشِدّة (النهاية : ج ۱ ص ۲۲۲ «ثمل») .

4.كذا فى المصدر ، وفى الملهوف (ص ۱۳۹) : يا خليفة الماضين وثمال الباقين!

5.هو مثل عربي رائج ، ويراد منه هنا: إنّهم لا يتركونني هادئ البال ، بل يلاحقونني أينما ذهبت .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 142574
الصفحه من 444
طباعه  ارسل الي