249
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
248

7 / 10

خُطبَةُ زَينَبَ عليها السلام في مَجلِسِ يَزيدَ

۲۳۹۴.الملهوف :قامَت زَينَبُ ابنَةُ عَلِيٍّ عليهماالسلام وقالَت : الحَمدُ للّه ِِ رَبِّ العالَمينَ ، وصَلَّى اللّه ُ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ أجمَعينَ ، صَدَقَ اللّه ُ كَذلِكَ يَقولُ : «ثُمَّ كَانَ عَـقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤاْ السُّوأَى أَن كَذَّبُواْ بِايَاتِ اللَّهِ وَ كَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِءُونَ » . ۱
أظَنَنتَ يا يَزيدُ ، حَيثُ أخَذتَ عَلَينا أقطارَ الأَرضِ وآفاقَ السَّماءِ فَأَصبَحنا نُساقُ كَما تُساقُ الإِماءُ ، أنَّ بِنا عَلَى اللّه ِ هَوانا وبِكَ عَلَيهِ كَرامَةً ! وأنَّ ذلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ عِندَهُ ! فَشَمَختَ بِأَنفِكَ ونَظَرتَ في عِطفِكَ ۲ جَذَلاً مَسرورا ، حينَ رَأَيتَ الدُّنيا لَكَ مُستَوسِقَةً ۳ ، وَالاُمورَ مُتَّسِقَةً ، وحينَ صَفا لَكَ مُلكُنا وسُلطانُنا .
فَمَهلاً مَهلاً ، أنَسيتَ قَولَ اللّه ِ تَعالى : «وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ »۴ ؟
أمِنَ العَدلِ ـ يَابنَ الطُّلَقاءِ ـ تَخديرُكَ إماءَكَ ونِساءَكَ وسَوقُكَ بَناتِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله سَبايا ، قَد هَتَكتَ سُتورَهُنَّ وأبدَيتَ وُجوهَهُنَّ ، تَحدوا بِهِنَّ الأَعداءُ مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ ، ويَستَشرِفُهُنَّ أهلُ المَنازِلِ وَالمَناهِلِ ، ويَتَصَفَّحُ وُجوهَهُنَّ القَريبُ وَالبَعيدُ ، وَالدَّنِيُّ وَالشَّريفُ ، لَيسَ مَعَهُنَّ مِن رِجالِهِنَّ وَلِيٌّ ، ولا مِن حُماتِهِنَّ حَمِيٌّ ؟!
وكَيفَ تُرتَجى مُراقَبَةُ مَن لَفَظَ فوهُ أكبادَ الأَزكِياءِ ، ونَبَتَ لَحمُهُ بِدِماءِ الشُّهَداءِ ؟
وكَيفَ يَستَظِلُّ في ظِلِّنا أهلَ البَيتِ مَن نَظَرَ إلَينا بِالشَّنَفِ ۵ وَالشَّنَآنِ وَالإِحَنِ ۶ وَالأَضغانِ ؟
ثُمَّ تَقولُ غَيرَ مُتَأَثِّمٍ ولا مُستَعظِمٍ :
لَأَهَلّوا وَاستَهَلّوا فَرَحاثُمَّ قالوا يا يَزيدُ لا تَشَل
مُنتَحِيا عَلى ثَنايا أبي عَبدِ اللّه ِ عليه السلام سَيِّدِ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ تَنكُتُها بِمِخصَرَتِكَ ، وكَيفَ لا تَقولُ ذلِكَ ، وقَد نَكَأتَ ۷ القُرحَةَ وَاستَأصَلتَ الشّأفَةَ ۸ بِإِراقَتِكَ دِماءَ ذُرِّيَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ونُجومِ الأَرضِ مِن آلِ عَبدِ المُطَّلِبِ ؟ وتَهتِفُ بِأَشياخِكَ ، وزَعَمتَ أنَّكَ تُناديهِم ! فَلَتَرِدَنَّ وَشيكا مَورِدَهُم ، ولَتَوَدَّنَّ أنَّكَ شَلَلتَ وبَكِمتَ ۹ ، ولَم تَكُن قُلتَ ما قُلتَ ، وفَعَلتَ ما فَعَلتَ .
اللّهُمَّ خُذ بِحَقِّنا ، وَانتَقِم مِمَّن ظَلَمَنا ، وأحلِل غَضَبَكَ بِمَن سَفَكَ دِماءَنا وقَتَلَ حُماتَنا .
فَوَاللّه ِ ما فَرَيتَ إلّا جِلدَكَ ، ولا حَزَزتَ إلّا لَحمَكَ ، ولَتَرِدَنَّ عَلى رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله بِما تَحَمَّلتَ مِن سَفكِ دِماءِ ذُرِّيَّتِهِ ، وَانتَهَكتَ مِن حُرمَتِهِ في عِترَتِهِ ولُحمَتِهِ ، وحَيثُ يَجمَعُ اللّه ُ شَملَهُم ، ويَلُمَّ شَعَثَهُم ، ويَأخُذُ بِحَقِّهِم «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتَا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ » . ۱۰
وحَسبُكَ بِاللّه ِ حاكِما ، وبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله خَصيما وبِجَبرَئيلَ ظَهيرا ، وسَيَعلَمُ مَن سَوَّلَ لَكَ ومَكَّنَكَ مِن رِقابِ المُسلِمينَ ، بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدلاً ، وأيُّكُم شَرٌّ مَكانا وأضعَفُ جُنداً .
ولَئِن جَرَت عَلَيَّ الدَّواهي مُخاطَبَتَكَ ، إنّي لَأَستَصغِرُ قَدرَكَ ، وأستَعظِمُ تَقريعَكَ ، وأستَكثِرُ تَوبيخَكَ ، لكِنَّ العُيونَ عَبرى وَالصُّدورَ حَرّى .
ألا فَالعَجَبُ كُلُّ العَجَبِ لِقَتلِ حِزبِ اللّه ِ النُّجَباءِ بِحِزبِ الشَّيطانِ الطُّلَقاءِ ، فَهذِهِ الأَيدي تَنضَحُ مِن دِمائِنا ، وَالأَفواهُ تَتَحَلَّبُ مِن لُحومِنا ، وتِلكَ الجُثَثُ الطَّواهِرُ الزَّواكي تَتَناهَبُهَا العَواسِلُ ۱۱ ، وتَعفوها أُمَّهاتُ الفَراعِلِ . ۱۲
ولَئِنِ اتَّخَذتَنا مَغنَما لَتَجِدُنا وَشيكا مَغرَما ، حينَ لا تَجِدُ إلّا ما قَدَّمَت يَداكَ ، «وما رَبُّكَ بِظَلّامٍ لِلعَبيدِ» ، ۱۳ فَإِلَى اللّه ِ المُشتَكى وعَلَيهِ المُعَوَّلُ .
فَكِد كَيدَكَ وَاسعَ سَعيَكَ وناصِب جَهدَكَ ، فَوَاللّه ِ لا تَمحُوَنَّ ذِكرَنا ، ولا تُميتُ وَحيَنا ، ولا تُدرِكَ أمَدَنا ، ولا تَرحَضُ ۱۴ عَنكَ عارَها ، وهَل رَأيُكَ إلّا فَنَدٌ ، ۱۵ وأيّامُكَ إلّا عَدَدٌ ، وجَمعُكَ إلّا بَدَدٌ ۱۶ ، يَومَ يُنادِي المُنادِ : «ألا لَعنَةُ اللّه ِ عَلَى الظّالِمينَ »۱۷ .
فَالحَمدُ للّه ِِ الَّذي خَتَمَ لِأَوَّلِنا بِالسَّعادَةِ وَالمَغفِرَةِ ، ولِاخِرِنا بِالشَّهادَةِ وَالرَّحمَةِ ، ونَسأَلُ اللّه َ أن يُكمِلَ لَهُمُ الثَّوابَ ويوجِبَ لَهُمُ المَزيدَ ، ويُحسِنَ عَلَينَا الخِلافَةَ إنَّهُ رَحيمٌ وَدودٌ ، «حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» . ۱۸
فَقالَ يَزيدُ لَعَنَهُ اللّه ُ :
يا صَيحَةً تُحمَدُ مِن صَوائِحِما أهوَنَ المَوتَ عَلَى النَّوائِحِ۱۹

1.الروم : ۱۰ .

2.عِطفا الرجل : جانباه من لدن رأسه إلى وركيه (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۰۵ «عطف») .

3.استوسق عليه الأمر : أي اجتمعوا على طاعته ، واستقرّ المُلك فيه (النهاية : ج ۵ ص ۱۸۵ «وسق») .

4.آل عمران : ۱۷۸ .

5.الشنف : البغض والتنكّر (الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۸۳ «شنف») .

6.الإحنَةُ : الحِقد وجمعها : الإحَنُ (النهاية : ج ۱ ص ۲۷ «أحن») .

7.نكأت القرحة : إذا قشرتها (الصحاح : ج ۱ ص ۷۸ «نكأ») .

8.الشأفة : قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب (الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۷۹ «شأف») .

9.البُكمُ : جمع أبكَم، وهو الذي خُلق أخرس لا يتكلّم (النهاية : ج ۱ ص ۱۵۰ «بكم») .

10.آل عمران : ۱۶۹ .

11.العَاسِلُ : الذئب ، والجمع العُسَّلُ والعَواسِلُ (الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۶۵ «عسل») .

12.الفَرعَلُ : وَلَدُ الضبع (الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۹۰ «فرعل») .

13.فصّلت : ۴۶ .

14.الرّحْضُ : الغَسلُ (النهاية : ج ۲ ص ۲۰۸ «رحض») .

15.الفَنَدُ : الكذب، والفَنَدُ : ضعف الرأي (الصحاح : ج ۲ ص ۵۲۰ «فند») .

16.بَدَدَا : أي متفرّقين (النهاية : ج ۱ ص ۱۰۵ «بدد») .

17.هود : ۱۸ .

18.آل عمران : ۱۷۳ .

19.الملهوف : ص ۲۱۵ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۳۳ ؛ بلاغات النساء : ص ۳۵ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۶۴ كلاهما نحوه وراجع : مثير الأحزان : ص ۱۰۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
عدد المشاهدين : 155656
الصفحه من 414
طباعه  ارسل الي