259
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5

7 / 14

خُطبَةُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام في مَسجِدِ دِمَشقَ

۲۴۰۰.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي :رُوِيَ أنَّ يَزيدَ أمَرَ بِمِنبَرٍ وخَطيبٍ ، لِيَذكُرَ لِلنّاسِ مَساوِئَ لِلحُسَينِ وأبيهِ عَلِيٍّ عليهماالسلام ، فَصَعِدَ الخَطيبُ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللّه َ وأثنى عَلَيهِ ، وأكثَرَ الوَقيعَةَ في عَلِيٍّ وَالحُسَينِ ، وأطنَبَ في تَقريظِ ۱ مُعاوِيَةَ ويَزيدَ .
فَصاحَ بِهِ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : وَيلَكَ أيُّهَا الخاطِبُ ! اشتَرَيتَ رِضَا المَخلوقِ بِسَخَطِ الخالِقِ ؟ فَتَبَوَّأ مَقعَدَكَ مِنَ النّارِ .
ثُمَّ قالَ : يا يَزيدُ ائذَن لي حَتّى أصعَدَ هذِهِ الأَعوادَ ، فَأَتَكَلَّمَ بِكَلِماتٍ فيهِنَّ للّه ِِ رِضاً ، ولِهؤُلاءِ الجالِسينَ أجرٌ وثَوابٌ . فَأَبى يَزيدُ .
فَقالَ النّاسُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، ائذَن لَهُ لِيَصعَدَ ، فَلَعَلَّنا نَسمَعُ مِنهُ شَيئا ، فَقالَ لَهُم : إن صَعِدَ المِنبَرَ هذا لَم يَنزِل إلّا بِفَضيحَتي وفَضيحَةِ آلِ أبي سُفيانَ ، فَقالوا : وما قَدرُ ما يُحسِنُ هذا ؟ فَقالَ : إنَّهُ مِن أهلِ بَيتٍ قَد زُقُّوا العِلمَ زَقّا . ولَم يَزالوا بِهِ حَتّى أذِنَ لَهُ بِالصُّعودِ .
فَصَعِدَ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللّه َ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ خَطَبَ خُطبَةً أبكى مِنهَا العُيونَ ؛ وأوجَلَ مِنهَا القُلوبَ ، فَقالَ فيها :
أيُّهَا النّاسُ ، اُعطينا سِتّا ، وفُضِّلنا بِسَبعٍ : اُعطينَا العِلمَ ، وَالحِلمَ ، وَالسَّماحَةَ ، وَالفَصاحَةَ ، وَالشَّجاعَةَ ، وَالمَحَبَّةَ في قُلوبِ المُؤمِنينَ . وفُضِّلنا بِأَنَّ مِنَّا النَّبِيَّ المُختارَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله ، ومِنَّا الصِّدّيقُ ، ومِنَّا الطَّيّارُ ، ومِنَّا أسَدُ اللّه ِ وأسَدُ الرَّسولِ ، ومِنّا سَيِّدَةُ نِساءِ العالَمينَ فاطِمَةُ البَتولُ ، ومِنّا سِبطا هذِهِ الاُمَّةِ ، وسَيِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ ؛ فَمَن عَرَفَني فَقَد عَرَفَني ، ومَن لَم يَعرِفني أنبَأتُهُ بِحَسَبي ونَسَبي ، أنَا ابنُ مَكَّةَ ومِنىً، أنَا ابنُ زَمزَمَ وَالصَّفا ، أنَا ابنُ مَن حَمَلَ الزَّكاةَ بِأَطرافِ الرِّدا ، أنَا ابنُ خَيرِ مَنِ ائتَزَرَ وَارتَدى ، أنَا ابنُ خَيرِ مَنِ انتَعَلَ وَاحتَفى ، أنَا ابنُ خَيرِ مَن طافَ وَسعى ، أنَا ابنُ خَيرِ مَن حَجَّ ولَبّى ، أنَا ابنُ مَن حُمِلَ عَلَى البُراقِ ۲ فِي الهَوا ، أنَا ابنُ مَن اُسرِيَ بِهِ مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إلَى المَسجِدِ الأَقصى ، فَسُبحانَ مَن أسرى ، أنَا ابنُ مَن بَلَغَ بِهِ جَبرائيلُ إلى سِدرَةِ المُنتَهى ، أنَا ابنُ مَن دَنى فَتَدَلّى فَكانَ مِن رَبِّهِ قابَ قَوسَينِ أو أدنى ، أنَا ابنُ مَن صَلّى بِمَلائِكَةِ السَّما ، أنَا ابنُ مَن أوحى لَهُ الجَليلُ ما أوحى ، أنَا ابنُ مُحَمَّدٍ المُصطَفى ، أنَا ابنُ عَلِيٍّ المُرتَضى ، أنَا ابنُ مَن ضَرَبَ خَراطيمَ الخَلقِ حَتّى قالوا : لا إلهَ إلَا اللّه ُ .
أنَا ابنُ مَن ضَرَبَ بَينَ يَدَي رَسولِ اللّه ِ بِسَيفَينِ ، وطَعَنَ بِرُمحَينِ ، وهاجَرَ الهِجرَتَينِ ، وبايَعَ البَيعَتَينِ ، وصَلَّى القِبلَتَينِ ، وقاتَلَ بِبَدرٍ وحُنَينٍ ، ولَم يَكفُر بِاللّه ِ طَرفَةَ عَينٍ ، أَنا ابنُ صالِحِ المُؤمِنينَ ، ووارِثِ النَّبِيّينَ ، وقامِعِ المُلحِدينَ ، ويَعسوبِ المُسلِمينَ ، ونورِ المُجاهِدينَ ، وزَينِ العابِدينَ ، وتاجِ البَكّائينَ ، وأصبَرِ الصّابِرينَ ، وأفضَلِ القائِمينَ مِن آلِ ياسينَ ، ورَسولِ رَبِّ العالَمينَ .
أنَا ابنُ المُؤَيَّدِ بِجَبرائيلَ ، المَنصورِ بِميكائيلَ ، أنَا ابنُ المُحامي عَن حَرَمِ المُسلِمينَ ، وقاتِلِ النّاكِثينَ وَالقاسِطينَ وَالمارِقينَ ، وَالمُجاهِدِ أعداءَهُ النّاصِبينَ ، وأفخَرِ مَن مَشى مِن قُرَيشٍ أجمَعينَ ، وأَوّلِ مَن أجابَ وَاستَجابَ للّه ِِ مِنَ المُؤمِنينَ ، وأقدَمِ السّابِقينَ ، وقاصِمِ المُعتَدينَ ، ومُبيرِ ۳ المُشرِكينَ ، وسَهمٍ مِن مَرامِي اللّه ِ عَلَى المُنافِقينَ ، ولِسانِ حِكمَةِ العابِدينَ ، ناصِرِ دينِ اللّه ِ ، ووَلِيِّ أمرِ اللّه ِ ، وبُستانِ حِكمَةِ اللّه ِ ، وعَيبَةِ ۴ عِلمِ اللّه ِ ، سَمِحٌ سَخِيٌّ ، بُهلولٌ ۵
زَكِيٌّ أبطَحِيٌّ رَضِيٌّ مَرضِيٌّ ، مِقدامٌ هُمامٌ ، لاصابِرٌ صَوّامٌ ، مُهَذَّبٌ قَوّامٌ ، شُجاعٌ قَمقامٌ ۶ ، قاطِعُ الأَصلابِ ، ومُفَرِّقُ الأَحزابِ ، أربَطُهُم جَنانا ، وأطبَقُهُم عِنانا ، وأجرَأَهُم لِسانا ، وأمضاهُم عَزيمَةً ، وأشَدُّهُم شَكيمَةً ، أسَدٌ باسِلٌ ، وغَيثٌ هاطِلٌ ، يَطحَنُهُم فِي الحُروبِ ـ إذَا ازدَلَفَتِ الأَسِنَّةُ ، وقَرُبَتِ الأَعِنَّةُ ـ طَحنَ الرَّحى ، ويَذرُوهُم ذَروَ الرّيحِ الهَشيمِ ، لَيثُ الحِجازِ ، وصاحِبُ الإِعجاز ، وكَبشُ العِراقِ ، الإِمامُ بِالنَّصِّ وَالاستِحقاقِ ، مَكِّيٌّ مَدَنِيٌّ ، أبطَحِيُّ تِهامِيٌّ ، خَيفِيٌّ عَقَبِيٌّ ، بَدرِيٌّ اُحُدِيٌّ ، شَجَرِيٌّ مُهاجِرِيٌّ ، مِنَ العَرَبِ سَيِّدُها ، ومِنَ الوَغى لَيثُها ، وارِثُ المَشعَرَينِ ، وأبُو السِّبطَينِ الحَسَنِ وَالحُسَينِ ، مَظهَرُ العَجائِبِ ، ومُفَرِّقُ الكَتائِبِ وَالشِّهابُ الثّاقِبُ ، وَالنّورُ العاقِبُ ، أسَدُ اللّه ِ الغالِبُ ، مَطلوبُ كُلِّ طالِبٍ ، غالِبُ كُلِّ غالِبٍ ؛ ذاكَ جَدّي عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ .
أنَا ابنُ فاطِمَةَ الزَّهراءِ ، أنَا ابنُ سَيِّدَةِ النِّساءِ ، أنَا ابنُ الطُّهرِ البَتولِ ، أنَا ابنُ بضَعَةِ الرَّسولِ .
قالَ : ولَم يَزَل يَقولُ : أنَا أنَا ، حَتّى ضَجَّ النّاسُ بِالبُكاءِ وَالنَّحيبِ ، وخَشِيَ يَزيدُ أن تَكونَ فِتنَةٌ ، فَأَمَرَ المُؤَذِّنَ أن يُؤَذِّنَ ، فَقَطعَ عَلَيهِ الكَلامَ وسَكَتَ .
فَلَمّا قالَ المُؤَذِّنُ : «اللّه ُ أكبَرُ» قالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : كَبَّرتَ كَبيرا لايُقاسُ ، ولا يُدرَكُ بِالحَواسِّ ، لا شَيءَ أكبَرُ مِنَ اللّه ِ .
فَلَمّا قالَ : «أشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّه ُ» قالَ عَلِيٌّ عليه السلام : شَهِدَ بِها شَعري وبَشَري ، ولَحمي ودَمي ، ومُخّي وعَظمي .
فَلَمّا قالَ : «أشهَدُ أنَّ مُحَمَّدا رَسولُ اللّه ِ» التَفَتَ عَلِيٌّ عليه السلام مِن أعلَى المِنبَرِ إلى يَزيدَ ، وقالَ : يا يَزيدُ! مُحَمَّدٌ هذا جَدّي أم جَدُّكَ ؟ فَإِن زَعَمتَ أنَّهُ جَدُّكَ فَقَد كَذَبتَ ، وإن قُلتَ إنَّهُ جَدّي فَلِمَ قَتَلتَ عِترَتَهُ ؟!
قالَ : وفَرَغَ المُؤَذِّنُ مِنَ الأَذانِ وَالإِقامَةِ ، فَتَقَدَّمَ يَزيدُ وصَلّى صَلاةَ الظُّهرِ . ۷

1.التقريظ : المدح (النهاية : ج ۴ ص ۴۲ «قرظ») .

2.البُراق : هي الدابّة الّتي ركبها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ليلَةَ الإسراء ، سُمّي بذلك لنصوعِ لَونه وشِدّة بريقه . وقيل : لسرعة حَركته شبَّهَهُ فيهما بالبَرق (النهاية : ج ۱ ص ۱۲۰ «برق») .

3.مُبِيرُ : مُهلِك (النهاية : ج ۱ ص ۱۶۱ «بور») .

4.عَيبَتي : أي خاصّتي وموضع سرّي (النهاية : ج ۳ ص ۳۲۷ «عيب») .

5.البُهلُولُ : السيّد الجامع لكلّ خير (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۳۳۹ «بهل») .

6.القَمقَامُ : السيّد لكثرة خيره (الصحاح : ج ۵ ص ۲۰۱۵ «قمم») .

7.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۶۹ ؛ بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۳۷ وراجع : الفتوح : ج ۲ ص ۱۳۲، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۶۸، الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۲۷ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
258

7 / 13

اِحتِجاجُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام عَلى خاطِبِ يَزيدَ

۲۳۹۹.الملهوف :دَعا يَزيدُ لَعَنَهُ اللّه ُ بِالخاطِبِ وأمَرَهُ أن يَصعَدَ المِنبَرَ فَيَذُمَّ الحُسَينَ وأباهُ صَلَواتُ اللّه ِ عَلَيهِما ، فَصَعِدَ وبالَغَ في ذَمِّ أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ وَالحُسَينِ الشَّهيدِ ، وَالمَدحِ لِمُعاوِيَةَ ويَزيدَ .
فَصاحَ بِهِ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : وَيلَكَ أيُّهَا الخاطِبُ ، اشتَرَيتَ مَرضاةَ المَخلوقِ بِسَخَطِ الخالِقِ ، فَتَبَوَّأ مَقعَدَكَ مِنَ النّارِ . ۱

1.الملهوف : ص ۲۱۹ ، مثير الأحزان : ص ۱۰۲ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۳۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
عدد المشاهدين : 155608
الصفحه من 414
طباعه  ارسل الي