297
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5

د ـ عودة أهل البيت إلى كربلاء في غير الأربعين

يُعدّ الآثار الباقية لأبي الريحان البيروني (م 440ه . ق) المصدر الوحيد بين المصادر القديمة، والكتاب الوحيد الذي صرّح بأنّ أهل بيت سيّد الشهداء عادوا إلى كربلاء في الأربعين ۱ ، ولكنّ هذا الكلام لا يمكن الأخذ به نظراً إلى ما قيل، خاصّة وإنّ أيّاً من المصادر لم تؤيّد هذا الرأي حتّى القرن السابع .
إلا أنّ عودة أهل بيت سيّد الشهداء إلى كربلاء في غير الأربعين قد ذُكرت في مصادر مثل: أمالي الصدوق ، ۲ اللهوف ، ومثير الأحزان . ۳ ولعلّ الإشكال الوحيد الذي يمكن طرحه في هذا المجال ، هو أنّ طريق الشام إلى المدينة يعتبر طريقاً مستقلّاً ، ولا علاقة له بطريق كربلاء ، ۴ وكما قال المحدّث النوري : فإنّ من المستبعد أن يكون يزيد قد أذن بأن يطيلوا السفر ويقتادوا أهل البيت إلى كربلاء مرّة اُخرى . إلّا أنّه مع هذا الاستبعاد لا يمكن إنكار أصل عودة أهل البيت إلى كربلاء . ۵

1.راجع : ص ۲۸۶ ح۲۴۴۷ .

2.راجع : ص ۲۸۶ ح ۲۴۴۸ . ويُستفاد منه رجوع الإمام السجّاد عليه السلام إلى كربلاء وأمّا بقية أهل البيت فهو ساكت عنه.

3.راجع: ص ۲۸۵ ح ۲۴۴۵ و ۲۴۴۶ .

4.كما تقدّم فإنّ المحدّث النوري قد ذكر أنّ طريق الشام إلى العراق يفترق عن طريق الشام نحو المدينة من نفس الشام ، ولا يوجد بين الطريقين قدر مشترك ، وقد أيّد الشهيد المطهّري هذا الكلام ، ولكن بناء على ما جاء في الخريطة رقم ۵، فإنّ طريق الشام إلى العراق إذا كان عن طريق البادية فهو يشترك مع طريق الشام إلى المدينة في أكثر من ۱۲۰ كيلو مترا .

5.راجع : ص ۲۸۵ (مرور آل الرسول صلى الله عليه و آله على كربلاء) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
296

ج ـ عودة أهل البيت إلى كربلاء في الأربعين الثانية

يرى البعض، استناداً إلى القرائن الدالّة على عدم إمكان عودة أهل بيت سيّد الشهداء إلى كربلاء في الأربعين الاُولى ، أنّ وصولهم ووصول جابر بن عبد اللّه الأنصاري إلى كربلاء كان في الأربعين الثانية وفي عام 62 للهجرة، يقول صاحب كتاب قمقام زخّار في هذا المجال :
من الصعب تصديق مجيء أهل بيت سيّد الشهداء في يوم الأربعين من سنة 61 للهجرة إلى كربلاء المقدّسة ، إذا لاحظنا المسافة والسفر المتعارف ، بل هو خلاف العقل ، ففي يوم عاشوراء فاز الإمام عليه السلام بدرجة الشهادة الرفيعة ، ومكث عمر بن سعد يوماً لدفن قتلاه ، وانطلق في اليوم الحادي عشر ، وتبلغ المسافة بين كربلاء المقدّسة والكوفة إذا لوحظت بخطّ مستقيم ثمانية فراسخ تقريباً ، وقد أبقى اللعين عبيد اللّه أهل بيت العصمة بضعة أيّام في الكوفة كي يشتهر عمله ويدخل الرعب في قلوب قبائل العرب ، حتّى بلغه الخبر من يزيد، بإرسال الاُسارى إلى دمشق ، وأرسلهم عن طريق حرّان وزيرة وحلب، وهي مسافة بعيدة وتبلغ من الكوفة إلى دمشق بخطّ مستقيم حوالي 175 فرسخا .
وبعد وصولهم إلى الشام أبقوهم فيها ستّة أشهر استناداً إلى إحدى الروايات ، حتّى سكن غضب يزيد اللعين وحصل له الاطمئنان ، وأذن للإمام السجّاد بالرجوع مع النساء والأطفال ، فكيف يمكن أن يحدث ذلك الإياب والذهاب في مدّة أربعين يوماً؟!
فالمراد هو أربعين السنة اللّاحقة قطعا ، والتي هي سنة اثنين وستّين للهجرة، وكلّ من نظر بتدبّر فسوف يصدّق كاتب الرسالة ، وأنّ جابر بن عبد اللّه تشرّف بالزيارة في الأربعين من عام 62 . ويعود شرف جابر إلى أنّه أوّل كبار الصحابة المخلصين والمعزّين الذين شدّوا الرحال لزيارة سيد الشهداء، ونال هذه السعادة وكفاه فخراً ، وإنّ كاتب الرسالة منفرد في هذا القول، أقول ذلك وأخرج من عهدته، واللّه وليّ التوفيق . ۱
وممّا يجدر ذكره أنّ الكاتب لم يقم دليلاً على إثبات رأيه، ومن البديهيّ أنّ القرائن المؤدّية إلى استبعاد وصول أهل البيت إلى كربلاء في الأربعين الاُولى لا تُثبِت أنّه كان في الأربعين الثانية .

1.قمقام زخار (بالفارسية): ص ۵۸۶.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
عدد المشاهدين : 155614
الصفحه من 414
طباعه  ارسل الي