ندبة الإمام السجاد علیه السلام - صفحه 166

مع ثلّة من رجالٍ «صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه»۱ فزعزع أركانها ، و جعلها مفضوحةً مذمومة يتبرأ منها الصغير و الكبير «و أتبعناهم في هذه الدنيا لعنةً و يوم القيامة هم من المقبوحين»۲
و نظراً لظروف الإرهاب و القمع - التي أتت به دولة بني اُمية و مروان - من جهة ، و انهماك الكثير من الناس في الماديات - بسبب إقبال الدنيا على المسلمين - من جهة اُخرى ، و انتشار الكثير من الأعراف الباطلة المنبَتة من الشرك و الكفر في داخل المجتمع الإسلامي ، و ابتعادِ الناس عن التوجه إلى اللّه و ذكره و الاستمداد منه ، و غفلتهم عن آخرتهم و معادهم و مآلهم الذي هو الأصل في سعادة الإنسان ، و أنهم كانوا حديثو عهد بالإسلام ، لأمثال هذه الأسباب ، جعل الإمام زين العابدين من الدعاء و محاسبة النفس منبراً ينشر منهما تعاليم الإسلام، و يعيد إلى الاُمة كرامتها و كيانها ، و يغنيهم بذكر اللّه ، و يوجّههم إلى الأهداف التي رسمها القرآن و النبي و أهل البيت لهم ، دون أن يثير - كثيراً - بهذا الاُسلوب سطوةَ الحكّام الأغبياء الذين كانوا لايعرفون من الحياة الدنيا إلاّ ظاهرها ، و أنّى لهم التوجّه إلى الأعماق و البُنى التحتيّة لحياة الاُمة، مع إكبابهم على الظواهر ، و الْتهائهم بزخارف الدنيا الفانية ، و انغماسهم في الشهوات؟!
و هل الدين إلاّ العبوديّة للّه ؟ و التضرع إليه؟ و الاعتبار؟ و الموعظة؟ و التوجّه و الانقطاع إلى اللّه ؟! فزين العابدين رسم طريق العبودية للّه وحده لا شريك له ، و رسم طريق التسليم: للّه

1.سورة الأحزاب ، الآية ۲۳.

2.سورة القصص ، الآية۴۲.

صفحه از 204