منتخبات نسمات الأسحار - صفحه 223

قال الإمام النووي ۱ قدس سره: يعني : غلّة الوقف الّذي أوقفه على المسلمين تبلغ هذا القدر. ۲
وقد كان لايمسك شيئاً من الدنيا في بيته، وكان يكنس بيت المال ويصلّي فيه كما تَقدّم، ويخاطِب الذهب والفضة بقوله: يا صفراء، غُرِّي غيري؛ يا بيضاء، غرّي غيري؛ فقد طلّقتك طلاقاً بائناً لا رجعة بعده.
وإنّما كان يربط الحجر على بطنه الشريف اقتداءً بابن عمّه وسيّده رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، لا عن قلّة، بل زهداً ورفضاً للدنيا التي هي أسحر من هاروت وماروت، وابتغاءً لمرضاة اللّه تعالى ونفع عباده المؤمنين.
وكرمه وسخاؤه أكثر من أن يحصى، ومِن ثَمّ لم يَترك يوم موته إلّا ستمئة درهماً. ۳
قال الماوردي في أدب الدنيا والدين ۴ : قال النبيّ صلى الله عليه و آله لعديّ بن حاتم: رفع اللّه عن أبيك العذاب الشديد بكرمه.
فالكرم ينقسم إلى قسمين : عمل وقول، أي إعطاء المال والكلام الحسن وملاطفة الخلق باللسان:

إذا لم يكن مال تجود بفضلهفاجعل لسانك للسخاء بديلاً
إذا عدمت الإحسان فأحسن اللسان.
قال ابن عبّاس رضى الله عنه في قوله تعالى: «وَ الْبَـقِيَـتُ الصَّــلِحَـتُ»۵ : إنها الكلام الطيّب.

[إنّ اللّه قد زيّنك بزينةٍ لم يتزيّن العباد بزينة أحبّ إليه منها]

۰.ومِن زهده رضى الله عنه ما حكاه في المحاسن أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال له:يا عليّ، إنّ اللّه تعالى قد زيّنك

1.في الأسماء واللغات ، ج ۱، ص ۳۴۶ .

2.مختصر المحاسن المجتمعة، ص ۱۸۰.

3.ورد نحو هذا الخبر في الخطبة التي خطبها الإمام الحسن بعد وفاة أبيه عليهماالسلام، وقد رواها جمع غفير.

4.أدب الدنيا والدين ، ص ۱۸۴ في عنوان «البر وأنواعه» من الباب الرابع وفيه:... الشديد لسخائه.

5.سورة الكهف، الآية ۴۶؛ سورة مريم، الآية ۷۶.

صفحه از 302