آفرينش حيوانات - صفحه 11

5 / 5

النَّملَة

۵۳۳۲.الإمام عليّ عليه السلام :أ لا يَنظُرونَ إلى صَغيرِ ما خَلَقَ كَيفَ أحكَمَ خَلقَهُ ، وأتقَنَ تَركيبَهُ ، وفَلَقَ لَهُ السَّمعَ وَالبَصَرَ ، وسَوّى لَهُ العَظمَ وَالبَشَرَ ! انظُروا إلَى النَّملَةِ في صِغَرِ جُثَّتِها ولَطافَةِ هَيئَتِها ، لا تَكادُ تُنالُ بِلَحظِ البَصَرِ ، ولا بِمُستَدرَكِ الفِكَرِ ، كَيفَ دَبَّت عَلى أرضِها ، وصُبَّت عَلى رِزقِها ، تَنقُلُ الحَبَّةَ إلى جُحرِها ، وتُعِدُّها في مُستَقَرِّها . تَجمَعُ في حَرِّها لِبَردِها ، وفي وِردِها لِصَدرِها ، مَكفولٌ بِرِزقِها مَرزوقَةٌ بِوفقِها ، لا يُغفِلُهَا المَنّانُ ، ولا يَحرِمُهَا الدَّيّانُ ولَو فِي الصَّفَا اليابِسِ وَالحَجَرِ الجامِسِ ۱ ! ولَو فَكَّرتَ في مَجاري أكلِها في عُلوِها وسُفلِها ، وما فِي الجَوفِ مِن شَراسيفِ ۲ بَطنِها ، وما فِي الرَّأسِ مِن عَينِها واُذُنِها لَقَضَيتَ مِن خَلقِها عَجَباً ، ولَقيتَ مِن وَصفِها تَعَباً !
فَتَعالَى الَّذي أقامَها عَلى قَوائِمِها ، وبَناها عَلى دَعائِمِها ! لَم يَشرَكهُ في فِطرَتِها فاطِرٌ ، ولَم يُعِنهُ عَلى خَلقِها قادِرٌ . ولَو ضَرَبتَ في مَذاهِبِ فِكرِكَ لِتَبلُغَ غاياتِهِ ، ما دَلَّتكَ الدَّلالَةُ إلّا عَلى أنَّ فاطِرَ النَّملَةِ هُوَ فاطِرُ النَّخلَةِ ، لِدَقيقِ تَفصيلِ كُلِّ شَيءٍ ، وغامِضِ اختِلافِ كُلِّ حَيٍّ . ومَا الجَليلُ وَاللَّطيفُ وَالثَّقيلُ وَالخَفيفُ وَالقَوِيُّ وَالضَّعيفُ في خَلقِهِ إلّا سَواءٌ . ۳

1.الجَمْس ـ بالفتح ـ : الجامِدُ (النهاية : ج ۱ ص ۲۹۴ «جمس») .

2.الشُّرسُوف واحد الشَّراسيف ، وهي أطراف الأضلاع المشرِفة على البطن ، وقيل : هو غُضروف مُعلّق بكلّ بَطن (النهاية : ج ۲ ص ۴۵۹ «شرسف») .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۸۵ ، الاحتجاج : ج ۱ ص ۴۸۱ ح ۱۱۷ ، بحار الأنوار : ج ۳ ص ۲۶ ح ۱ ؛ ربيع الأبرار : ج ۴ ص ۴۸۱ وفيه إلى «قادر» .

صفحه از 14