رسالة في « معاوية بن شريح » - صفحه 89

[ دليل الاتّحاد ]

لكن نقول : إنّ مقتضى ما تقدّم من كلام النجاشي : أنّ عبيداللّه من ولد معاوية بن ميسرة ، وقد اتّفق في الأسانيد الرواية عن عبيداللّه بن معاوية بن شريح ، كما رواه في التهذيب في باب أحكام الجماعة في شرح قوله : «وتجزئ تكبيرة الركوع عن تكبيرة الافتتاح لمن خاف فوت الركوع» عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عبيداللّه بن معاوية بن شريح عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام . . . إلى آخره . ۱
وكذا مارواه في أواخر حجّ التهذيب في شرح قوله : «وكلّ صيد ذبح في الحلّ فلا بأس بأكله للمحلّ في الحرم» عن الحسين بن سعيد عن عبيداللّه بن معاوية بن شريح عن أبيه عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ۲ إلى آخره .
والظاهر اتّحاد عبيداللّه بن معاوية بن شريح المذكور في السندين المذكورين مع عبيداللّه بن معاوية بن ميسرة المذكور في كلام النجاشي ، ۳ ومقتضاه اتّحاد معاوية بن شريح مع معاوية بن ميسرة ، وإن أمكن اختلاف عبيداللّه بن معاوية بن شريح مع عبيداللّه بن معاوية بن ميسرة ، إلاّ أنّه خلاف الظاهر .
ويمكن أن يقال : إنّ الوجه المذكور يستلزم الدور ؛ حيث إنّ اتّحاد عبيداللّه المذكور في السندين مع عبيداللّه المذكور في كلام النجاشي مبنيّ على اتّحاد معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة ، وإلاّ فاختلاف معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة يستلزم اختلاف عبيداللّه ، فالاستدلال باتّحاد عبيداللّه على اتّحاد معاوية بن
شريح ومعاوية بن ميسرة يستلزم الدور .
إلاّ أنّه يندفع بأنّ من البعيد غايةَ البُعْد أن يكون لكلٍّ من معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة ابنٌ يسمّى ب «عبيداللّه » على تقدير اختلاف معاوية ، فالغرض الاستدلال بظهور اتّحاد عبيداللّه على اتّحاد معاوية ، ولا بأس به ، حيث إنّ ظهور اتّحاد عبيداللّه لا يكون موقوفاً على اتّحاد معاوية ، بل هو أمر بيّنٌ بنفسه .
نعم ، اتّحاد عبيداللّه موقوفٌ على اتّحاد معاوية .
لكن ليس الكلام في اتّحاد عبيداللّه ، بل الغرض ظهور اتّحاد عبيداللّه .
ومع هذا نقول : إنّه روى الصدوق في باب الجماعة وفضلها ، عن معاوية بن ميسرة عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «لا ينبغي للإمام إذا أحدث أن يقدّم إلاّ مَنْ أدرك الإقامة» ۴ ورواه في التهذيب في باب أحكام الجماعة وأقلّ الجماعة بسنده عن عليّ بن الحكم عن معاوية بن شريح عن الصادق عليه السلام ، ۵ ومقتضاه اتّحاد معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة .
ومع هذا نقول : إنّه روى في التهذيب في باب المياه وأحكامها في شرح قوله : «ولا يجوز التطهير بسؤر الكلب والخنزير» ۶ وفي الاستبصار في باب حكم الماء إذا ولغ فيه الكلب ، بالإسناد عن صفوان عن معاوية بن شريح ، قال : سأل عذافر أبا عبد اللّه عليه السلام ـ وأنا عنده ـ عن سؤر السنّور والشاة والبقرة والبعير والحمار والفرس والبغال والسباع يشرب منه أو يتوضأ منه ؟ فقال : «نعم ، اشرب وتوضّأ» قال ، قلت له : الكلب ؟ قال : «لا» . فقلت : أليس هو سبع ؟ قال : «واللّه إنّه نجس» ۷
وروى بعد ذلك بالإسناد عن معاوية بن ميسرة عن أبي عبد اللّه عليه السلاممثله . ۸
والظاهر ـ بل بلا إشكال ـ أنّ الضمير المرفوع في «قال : قلت له» راجع إلى معاوية بن شريح ، فالمخبر عن القول هو صفوان ، فلو كان القائل السائل هو معاوية بن شريح ، فهو لا يجامع مع سؤال معاوية بن ميسرة ـ كما في الرواية الثانية ـ على تقدير اختلاف معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة ، فسؤال معاوية بن ميسرة في الرواية الثانية مثلَ الواقعة المرويّة في الرواية السابقة يكشف عن اتّحاد معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة .
وبوجهٍ آخَر : مقتضى قوله : «مثله» في الرواية الثانية : اشتمال الرواية الثانية على تمام ما اشتملت عليه الرواية الأُولى من السؤالين ، فبعد فرض كون السؤال الثاني في الرواية الأُولى عن معاوية بن شريح ؛ قضيّةَ رجوع الضمير المرفوع إليه لابدّ من كون السؤال الثاني عن معاوية بن ميسرة في الرواية الثانية أيضاً .
ولو قيل : إنّه يمكن أن يكون الغرض من رواية معاوية بن ميسرة مثلَ الواقعة السابقة أنّه وقع له ما وقع لمعاوية بن شريح من سؤاله والسؤال في حضوره ، كما أنّه يمكن ان يكون الغرض أنّ معاوية بن ميسرة روى عن أبي عبد اللّه عليه السلامأنّه ذكر سؤال عذافر ومعاوية عنه ، فلا دلالة في الرواية الثانية على اتّحاد معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة .
قلت : إنّ المماثلة المذكورة تقتضي أن يكون معاوية بن شريح سائلاً في الرواية الثانية كما كان سائلاً في الرواية الأُولى ، ولو كان الغرض رواية معاوية بن ميسرة أنّه وقع له ما وقع لمعاوية بن شريح ، لا تتأتّى تلك المماثلة في اتّحاد وقوع الواقعة ؛ بل من البعيد وقوع ما وقع لمعاوية بن شريح لمعاوية بن
ميسرة ، بل لا معنى لسؤال عذافر تارةً في حضور معاوية بن شريح ، واُخرى في حضور معاوية بن ميسرة ، كما أنّه لو كان الغرض أنّه ذكر أبو عبد اللّه عليه السلاملمعاوية بن ميسرة أنّه سأل عنه عذافر وكذا معاوية بن شريح ، لا تكون الرواية الثانية مثلَ الرواية الأُولى ؛ إذ المماثلة تقتضي اشتمال الرواية الثانية على جميع ما اشتملت عليه الرواية الأُولى بعينه ، ومقتضاه كون السائل في الرواية الثانية هو معاوية بن شريح السائل في الرواية الأُولى . ومقتضاه اتّحاد معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة .
ثمّ إنّه قد حكى العلاّمة البهبهاني أنّه قال الصدوق في مشيخة الفقيه : وما كان فيه عن معاوية بن شريح فقد رويته ـ إلى أن قال ـ : عن معاوية بن ميسرة بن شريح ۹ . ۱۰
وأنت خبير بأنّ الظاهر منه اختصاص ذكر الطريق بمعاوية بن شريح ، والصدوق قد ذكر الطريق إلى كلٍّ من معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة ، كما يظهر ممّا مرّ ، ۱۱ مع أنّه لم يتّفق ذكر معاوية بن ميسرة في ذكر الطريق إلى معاوية بن شريح ، بل إنّما اتّفق ذكره في ذكر الطريق إلى معاوية بن ميسرة .
اللّهمّ إلاّ أن يكون الأصل «إلى أن قال : وما كان فيه عن معاوية بن ميسرة فقد رويته» فسقط ما سقط سهواً .
لكنّك خبير بأنّ مقتضاه أن يكون ذكر الطريق إلى معاوية بن شريح مقدّماً على ذكر الطريق إلى معاوية بن ميسرة ، مع أنّ الأمر بالعكس ، كما يظهر ممّا مرّ .

1.تهذيب الأحكام ۳ : ۴۵ ، ح ۱۵۷ ، باب أحكام الجماعة وصفة الامام ومن يقتدى به .

2.تهذيب الأحكام ۵ : ۳۷۶ ، ح ۱۳۱۲ ، باب الكفّارة عن خطأ المحرم و تعدية الشروط .

3.رجال النجاشي : ۴۱۰ / ۱۰۹۳ ، في ترجمة معاوية بن ميسرة .

4.الفقيه ۱ : ۲۶۲ ، ح ۱۱۹۳ ، باب الجماعة وفضلها .

5.تهذيب الأحكام ۳ : ۴۲ ، ح ۱۴۶ ، باب أحكام الجماعة وأقلّ الجماعة وصفة الإمام .

6.تهذيب الأحكام ۱ : ۲۲۵ ، ح ۶۴۷ ، باب المياه وأحكامها .

7.الاستبصار ۱ : ۱۹ ، ح ۴۱ ، باب حكم الماء إذا ولغ فيه الكلب .

8.الاستبصار ۱ : ۱۹ ، ح ۴۲ ، باب حكم الماء إذا ولغ فيه الكلب .

9.الفقيه ۴ : ۱۶ و ۶۵ ، من المشيخة .

10.تعليقة الوحيد البهبهاني : ۳۳۶ .

11.الفقيه ۴ : ۱۶ و ۶۵ ، من المشيخة .

صفحه از 126