253
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(أَوْ بِمِثَالٍ) . المثال بكسر الميم: المقدار، والمراد هنا جسم ذو مقدار أعظمَ ما يكون من المقادير.
(فَهُوَ مُشْرِكٌ) ؛ قد أشرك معه غيره في استحقاق العبادة.
(لِأَنَّ حِجَابَهُ وَمِثَالَهُ وَصُورَتَهُ غَيْرُهُ) . الضمائر الثلاثة الاُوَل ل«من زعم» باعتبار أنّه معبوده، أو للّه باعتبار أنّه مخلوقه؛ لأنّه خالق كلّ شيء. وعلى التقديرين الضمير الرابع للّه .
(وَإِنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ) أي لا شريك له.
(مُوَحَّدٌ۱
)
؛ بصيغة اسم المفعول من باب التفعيل، أي يجب على المكلّفين نفي الشريك في استحقاق العبادة عنه.
(وَكَيْفَ۲يُوَحِّدُهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَرَفَهُ بِغَيْرِهِ؟! وَإِنَّمَا عَرَفَ اللّهَ مَنْ عَرَفَهُ بِاللّهِ) . أي بتشبيهه بنفسه بمعنى نفي تشبيهه بغيره. وقد مضى في شرح ذيل أوّل الثالث ما ۳ يوضح هذا.
(فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِهِ، فَلَيْسَ يَعْرِفُهُ، إِنَّمَا يَعْرِفُ غَيْرَهُ) ؛ لأنّ اعتقاده يرجع إلى إنكار اللّه تعالى حقيقةً، كما يدلّ عليه الحصر المفهوم من تقديم المفعول في قوله تعالى في سورة الزمر: «قُلْ أَفَغَيْرَ اللّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ» . ۴
وأشار إلى الأمر الرابع بقوله:
(لَيْسَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ شَيْءٌ) . استئناف لبيان أنّ غيره تعالى لا يكون إلّا من الجسمانيّات حتّى يتصحّح أنّ معرفته بغيره إنكار لصانع العالم؛ أي لا واسطة بينه تعالى وبين الجسمانيّات، فثبت أنّه لا مجرّد إلّا اللّه ، وليس كمثله شيء. واللام في «المخلوق» إمّا للعهد؛ أي الجسمانيّات، وإمّا للجنس بناءً على أنّ القائلين بالمجرّد قائلون بقدمه، سواء كان عقلاً أو نفسا. وقد ظهر امتناع مجرّد سوى اللّه ، وامتناع قديم سوى اللّه في

1.في الكافي المطبوع : «مُتَوَحِّدٌ» .

2.في الكافي المطبوع : «فكيف» .

3.أي في الحديث ۱ من باب أنّه تعالى لا يعرف إلّا به .

4.الزمر (۳۹) : ۶۴ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
252

وأشار إلى بطلان الثاني بقوله:
(وَلَمْ يَتَنَاهَ إِلى غَايَةٍ إِلَا كَانَتْ غَيْرَهُ) أي ولم يكن له في سلسلة أجزاء المحمولات عليه وتتبّع دقائقها إلى أقصى تدقيق المخلوقين انتهاء إلى كنه ذاته، فلا يمكن العلم بكنه ذاته بالنظر.
(لَا يَذِلُّ۱مَنْ فَهِمَ هذَا الْحُكْمَ أَبَدا) . خبرٌ عن عدم مذلّته في الدنيا في المباحثات، أو فيها ۲ وفي العقبى، أو جملة دعائيّة.
(وَهُوَ التَّوْحِيدُ الْخَالِصُ، فَارْعَوْهُ وَصَدِّقُوهُ) أي صدّقوا به.
(وَتَفَهَّمُوهُ) أي تفكّروا طلبا لفهمه؛ يُقال: تفهّم الكلام: إذا فهمه شيئا بعد شيء.
(بِإِذْنِ اللّهِ) . ذكْر هذا ـ مع أنّه لا يكون شيء إلّا بإذن اللّه ـ تعليم أنّ المتفهّم ينبغي أن يعلم ذلك ويتوسّل به، ولا يجعل نفسه مستقلّة في الفكر والتفهّم ليتيسّر له ذلك.
وأشار إلى الأمر الثالث بقوله:
(مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللّهَ بِحِجَابٍ) أي بتشبيهه بحجاب، بكسر المهملة وتخفيف الجيم. وهو في الأصل ما يستتر به، والمراد هنا جسم نوراني يتلألأ ويذهب بالأبصار، كما يجيء في «كتاب الحجّة» في ثالث عشر «مولد النبيّ صلى الله عليه و آله ». ۳ ومضى نظيره في سابع التاسع. ۴ أو المراد أمرٌ دقيق أدقّ ما بلغ إليه أذهان المخلوقين، وهو مستور عن كلّ ذهن سوى ذهن أوحَديّ الزمان، فكأنّه حجاب نفسه كالهيولى عند القائلين بأنّ كلّ جسم مركّبٌ من الهيولى والصورة.
(أَوْ بِصُورَةٍ) . الصورة بالضمّ: الشكل، والمراد هنا جسم ذو صورة أحسنَ ما يكون من الصور.

1.في الكافي المطبوع : «يزلّ» .

2.في «أ» : «فيهما» .

3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۴۲ ، باب مولد النبي صلى الله عليه و آله ووفاته ، ح ۱۳ .

4.أي في الحديث ۷ من باب في إبطال الرؤية .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 52074
صفحه از 584
پرینت  ارسال به