351
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(أَوْقَعَ عَلى مَا أَحْدَثَهُ صِفَةَ الْخَلْقِ) أي كيفيّته. و«الخلق» هنا مصدر.
(وَالِاخْتِرَاعَ) ؛ منصوب عطف على «صفة» لتفسيرها.
(بِلَا أَصْلٍ وَلَا مِثَالٍ؛ نَفْيا) ؛ مفعول له لقوله «أوقع».
(لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا مُحْدَثَةٌ، بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) . هذا قول بعض الدهريّة، منهم الإشراقيّون من الفلاسفة؛ ذهبوا إلى أنّ الأشخاص كلّها حادثة، والمحدث مختصّ بدهر لم يوجد في دهر قبيله، ولا يوجد في دهر بعيده، والأنواع قديمة. ۱(وَإِبْطَالاً لِقَوْلِ الثَّنَوِيَّةِ) ؛ بفتح المثلّثة وفتح النون، منسوب إلى الاثنين؛ لأنّه لو جاز أن يفرد لكان واحده «اثن» مثل «ابن» فالنسبة إليه «ثنوي» في قول من قال في ابن «بنوي»، و«اثنيّ» في قول من قال: «ابنيّ». ۲
والمراد بالثنويّة هنا بعض الدهريّة، ومنهم المشّائيّون من الفلاسفة القائلون بتعدّد القديم شخصا. ۳
وقد يطلق الثنويّة على القائلين بأنّ مدبّر العالم النور والظلمة، وأنّهما امتزجا بعد افتراقهما، فحَصَل منهما هذا العالم. ۴
وقد يطلق على ما يعمّ المجوس القائلين بأنّ الخير واقع من اللّه ، والشرّ واقع من الشيطان، واختلفوا في قِدَم الشيطان وحدوثه، فقال بعضهم: إنّه قديم، وقال بعضهم: إنّه حادث لا من اللّه ، فإنّه لا يصدر عنه الشرّ، فكيف يصدر عنه ما هو أصله، بل هو حادث من فكرة اللّه تعالى هي أنّه كيف يكون حالي لو نازعني غيري؟ فتولّد الشيطان ۵ من هذه الفكرة. ۶

1.اُنظر تقريب المعارف للحلبي ، ص ۹۲ ؛ والمواقف ، ج ۲ ، ص ۶۰۸ و ص ۶۱۶ .

2.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۹۵ (ثنى) .

3.حكاه الرازي في تفسيره ، ج ۲۸ ، ص ۱۸۴ ؛ وأبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف ، ص ۹۲ عن الفلاسفة .

4.حكاه في المواقف ، ج ۲ ، ص ۶۰۸ و ۶۱۶ .

5.قضيّة تولّد الشيطان مذكورة في شرح نهج البلاغة ، ج ۵ ، ص ۱۶۰ ؛ تفسير الرازي ، ج ۱۳ ، ص ۱۱۶ .

6.جعل الشهرستاني في الملل والنحل ، ج ۲ ، ص ۲۵۴ الفصل الثاني في أصحاب الاثنين الأزليّين ، وذكر منهم المانوية والمزدكية والديصانية والمرقونية والكينونية والصيامية . ولا بأس بالنظر إلى كتاب تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل للباقلاني ، ص ۷۸ ، باب الكلام على أهل التثنية .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
350

والمراد بصروف الاُمور: اُمور الآخرة؛ فإنّها الخالصة، كما في قوله تعالى في سورة الأنعام: «وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْاخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ»۱ .
(الَّذِي لَا يَبِيدُ) ؛ بالموحّدة والخاتمة والمهملة، معلومُ باب ضرب، أي لا يهلك.
(وَلَا يَنْفَدُ) ؛ بالنون والفاء والمهملة، معلومُ باب الإفعال، أي لا يفنى خزائنه بالإعطاء؛ يُقال: أنفد القوم: إذا فني زادهم ومالهم. ۲(بِذلِكَ أَصِفُ رَبِّي) أي لا بما وصفه الواصفون له بصفات خلقه، المشبّهون له بخلقه.
(فَلَا إِلهَ إِلَا اللّهُ مِنْ) ؛ للتبيين.
(عَظِيمٍ مَا أَعْظَمَهُ! وَمِنْ جَلِيلٍ مَا أَجَلَّهُ! وَمِنْ عَزِيزٍ مَا أَعَزَّهُ!) . الأفعال الثلاثة للتعجّب.
(وَتَعَالى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّا كَبِيرا) .
الشرح
(وَ هذِهِ الْخُطْبَةُ مِنْ مَشْهُورَاتِ خُطَبِهِ عليه السلام حَتّى لَقَدِ ابْتَذَلَهَا الْعَامَّةُ) . ابتذال الثوب وغيرِه: امتهانه، أي وقعت في أيديهم غير مصونة عنهم.
(وَهِيَ كَافِيَةٌ لِمَنْ طَلَبَ عِلْمَ التَّوْحِيدِ إِذَا تَدَبَّرَهَا وَفَهِمَ مَا فِيهَا، فَلَوِ اجْتَمَعَ أَلْسِنَةُ الْجِنِّ وَالْاءِنْسِ ـ لَيْسَ فِيهَا لِسَانُ نَبِيٍّ ـ عَلى أَنْ يُبَيِّنُوا التَّوْحِيدَ بِمِثْلِ مَا أَتى بِهِ بِأَبِي وَأُمِّي صلى الله عليه و آله ) : فُدِي بأبي واُمّي صلى الله عليه و آله .
(مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ لَا إِبَانَتُهُ عليه السلام ، مَا عَلِمَ النَّاسُ كَيْفَ يَسْلُكُونَ سَبِيلَ التَّوْحِيدِ) . ذلك لأنّه لم ينقل عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وعن غيره من الأئمّة كما نقل عنه عليه السلام .
(أَ لَا تَرَوْنَ إِلى قَوْلِهِ: «لَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ، وَلَا مِنْ شَيْءٍ خَلَقَ مَا كَانَ» فَنَفى بِقَوْلِهِ: «لَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ» مَعْنَى الْحُدُوثِ، وَكَيْفَ) . عطف على «نفى» وليس من عطف الإنشاء على الإخبار، لأنّه ليس للاستفهام الحقيقي، نظير «أين» في «علمت أين زيد» لأنّ العلم ينافي الاستفهام الحقيقي.

1.الأنعام (۶) : ۳۲ .

2.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۴۴ ؛ لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۴۲۴ (نفد) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 52086
صفحه از 584
پرینت  ارسال به