شرح ثلاثة أحاديث - صفحه 636

إلى كلّ حرف بالإشارة إلى ما بإزائه من العدد، وبحساب الجمّل أي حساب أبجد، وذلك لأنّه رضى الله عنه كان يتّقي من قريش، ويخفي منهم إسلامه ليكون أقدر على إعانة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلذا آتاه اللّه أجره مرّتين كما ورد في كثير من الأخبار، وهذا وجه حسن، والظاهر أنّه مرويّ عن القائم عليه السلام ؛ لأنّ هؤلاء السفراء ـ رضوان اللّه عليهم ـ لم يكونوا يذكرون شيئاً إلّا من قبله عليه السلام ، ولقد كان يقول أبو القاسم ـ قدّس اللّه روحه ـ مراراً : لأن أخرّ من السماء أو تتخطّفني الطير أحبُّ إليَّ من أن أقول ما لم أسمعه من الإمام عليه السلام .
الثاني: أن يكون المراد بقوله : «وعقد بيده ثلاثاً وستّين» أنّه أشار بإصبعه المسبّحة : لا إله إلّا اللّه ، محمّد رسول اللّه ؛ فإن عقد الخنصر والبنصر وعقد الإبهام على الوسطى يدلّ على الثلاث والثلاثين على اصطلاح أهل الحساب، وكان المراد بحساب الجمّل العقود.
والدليل على ذلك ما رواه محمّد بن شهرآشوب رحمه الله في كتاب المناقب عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن في خبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة وهو: أنّه لمّا حضرت أبا طالب الوفاة دعا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وبكى وقال : يا محمّد، دعوتني وكنت قدم أميناً، وعقده بيده على ثلاث وستّين : عقد الخنصر والبنصر، وعقد الإبهام على إصبعه الوسطى، وأشار باصبعه المسبّحة يقول : لا إله إلّا اللّه ، محمّد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقام عليّ عليه السلام وقال : «اللّه أكبر، اللّه أكبر، والذي بعثك بالحقّ نبيّاً لقد شفّعك في عمّك، وهداه بك» فقام جعفر وقال : لقد سدّتنا في الجنّة يا شيخي كما سدتنا في الدُّنيا، فلمّا مات أبو طالب أنزل اللّه عزّ وجلّ: «يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّاىَ فَاعْبُدُونِ»۱ انتهى ۲ .
وهذا أيضاً وجه قريب، إلّا أنّه يرد عليه أنّ حساب العقود بحساب الجمّل لم يعهد في اللغة والاصطلاح، إلّا أن يُقال : قوله : «وعقد بيده» ليس تفسيراً لقوله : «بحساب الجمّل» بل المراد أنّه أظهر الكلمتين بذكر الأعداد التي تدلّ بحساب الجمّل على

1.العنكبوت (۲۹) : ۵۶.

2.بحارالأنوار ، ج ۳۵ ، ص ۷۹ ، ذيل ح ۱۹. و لم نعثر عليه في المناقب.

صفحه از 644