الجواب على دعوى قطعيّة أو صحّة جميع ما فى الكتب الأربعة - صفحه 175

الجواب على دعوى قطعيّة أو صحّة جميع ما فى الكتب الأربعة ۱

محمّد صالح تبريزى

چكيده

آيا تمامى رواياتى كه در كتاب هاى اربعه نقل شده صحيح اند و يا احاديث ضعيف و... نيز در آن وجود دارد. نويسنده نوشتار حاضر، در پى پاسخ اين ادعا برآمده و ادله خويش را در خصوص عدم صحت تمام روايات بيان كرده است.
وأمّا الدعوى الاخرى من قطعية أو صحة صدور جميع ما في الكتب الأربعة، والتي ذهب اليها أصحابنا الأخباريّون، فمضافا الى ما ذكرناه على ردّ الدعوى المتقدمة فانّه يرد عليها:
أوّلاً: انّ كثيرا من المسائل الفقهية قد اعتمد فيها على نصوص من غير الكتب الأربعة، كقرب الاسناد، وكتاب علي بن جعفر، وتفسير القمّي، وغيرها من المصادر الروائيّة المعروفة، وعليه فلا يستغنى عن علم الرجال بهذه الدعوى.
ثانيا: انّ كثيرا من موارد الطرق في الكتب الأربعة ناقش فيها المحمّدون الثلاثة قدس سرهمانفسهم، حيث ضعّفوا العديد من الطرق، فترى الصدوق مثلاً يضعّف روايات سماعة لأنه واقفي ۲ ، في موضع آخر يصف رواية عبد العظيم الحسني التي تفرّد بها بالغرابة ۳ ، بل قد يُرى منهم طرح بعض الروايات ممّا هي صحيحة السند، كما صنع الشيخ الطوسي في التهذيب ۴ في روايات (عدم نقصان شهر رمضان عن ثلاثين يوما) حيث قد ذكر رواية صحيحة السند استخرجها من كتاب محمّد بن أبي عمير، عن حذيفة بن منصور، حيث قال: (وهذا الخبر لا يصحّ العمل به من وجوه، أحدها انّ متن هذا الحديث لا يوجد في شيء من الأصول المصنّفة، وإنّما هو موجود في الشواذّ من الأخبار، ومنها انّ كتاب حذيفة بن منصور رحمه اللهعريّ منه، والكتاب المعروف مشهور، ولو كان هذا الحديث صحيحا عنه لضمّنه كتابه). انتهى.
فترى الشيخ يضعّف سند الحديث بقرينة خلوّ كتاب حذيفة، مع انّ السند من الصحيح الاعلائي، ومعه انّ الصدوق التزم بمضمون هذه الرواية ونظائرها من عدم نقصان شهر رمضان في ثلاثين يوما، وادّعى فيه انّه من مسلّمات المذهب، وقال: (بانّ الذي لا يلتزم به نتكلّم معه بالتقية لأن ذلك شيء ثابت).
وقال الشيخ في التهذيب: (وأما ما رواه محمّد بن أبي عمير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام : السائبة وغير السائبة سواء في العتق. فأول ما فيه أنه مرسل وما هذا سبيله لا يعارض به الأخبار المسندة) ۵ ، وقال أيضا في التهذيب في ذيل ما رواه عن محمّد بن علي بن محبوب عن العباس عن عبداللّه بن المغيرة عن بعض أصحابه عن أبي عبداللّه عليه السلام ... قال: (فهذا خبر مرسل). ۶
وترى الصدوق رحمه الله في باب (الوصي يمنع ماله الوارث بعد البلوغ) يروي رواية عن الكلينى رحمه الله ثم يعقّبها بقوله: (قال مصنّف هذا الكتاب رحمه الله ما وجدت هذا الحديث إلّا في كتاب محمّد بن يعقوب وما رويته إلّا من طريقه، حدّثني به غير واحد، منهم محمّد بن محمّد بن عصام الكليني رحمه الله عن محمّد بن يعقوب) ۷ فترى الصدوق رحمه الله مع كون الحديث مشتملاً على الارسال، ومع عدم تعلقه بحكم فقهي بل هو متعرض الى اثم الوصي فيما لو زنى الوارث، ينبّه على تفرّد الكليني بهذا الحديث، اي يريد ان يبيّن عدم اعتقاده بقطعيّة صدوره، فهو لا يعتقد بقطعية أو صحة كل ما في كتاب الكليني، كما انّه يستفاد من ذلك انّه ليس كل ما يودعه الصدوق رحمه اللهفي كتاب الفقيه يبني على قطعية او صحة صدوره.
ومن امثال هذين الموردين يجد المتتبّع الكثير من الموارد في التهذيبين والفقيه، وهكذا ترى الكليني رحمه اللهفي باب الطلاق للعدّة يروي رواية مسندة عن عبداللّه بن بُكير، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، إلّا انّه يطرحها معلّلاً ذلك بانّ مضمون هذه الرواية هو رأي ابن بكير، وهو رأي الفطحيّة من جماعته لا روايته عن الصادق عليه السلام ، مع انّ ابن بُكير من الأصحاب الاجماع الذين اجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم.
وكذا قال في الفقيه: ۸ (وفي كتاب محمّد بن يعقوب الكليني ۹ عن أحمد بن محمّد، قال: ولست افتي بهذا الحديث بل بما عندي بخطّ الحسن بن علي عليه السلام ـ العسكري ـ ولو صحّ الخبران جميعا لكان الواجب الأخذ بقول الأخير كما امر به الصادق عليه السلام ).
وقال الشيخ في التهذيب بعد ذكر الخبرين ـ خبر الكليني والصدوق المتقدمين ـ قال: (وانّما عمل على الخبر الأول ظنا منه انهما متنافيين وليس الامر على ما ظنّ). ۱۰
وقال في الفقيه في (كفارة من جامع في شهر رمضان) قال: (لم أجد ذلك في شيء من الأصول وانّما انفرد بروايته علي بن ابراهيم) ويشير الى رواية الكليني عنه. ۱۱
وقال في التهذيب في روايات الكرّ بعد ما روى مرسل ابن أبي عمير قال: (فأوّل ما فيه انّه مرسل غير مسند). ۱۲
وهكذا ترى في العديد من الموارد انّ الصدوق رحمه الله يضعّف روايات قد اعتمدها الشيخ في التهذيب والكليني في الكافى مسندة، حتى انّه قال في الفقيه: (كلما لم يحكم ابن الوليد بصحته فهو عندنا غير صحيح). ۱۳
وهكذا ترى العكس حيث انّ الشيخ يضعّف سند روايات قد اعتمدها الصدوق في الفقيه أو الكليني في الكافى.
وقد روى الكليني رحمه الله في باب (شهادة الصبيان) عن أبى أيّوب قال: سمعت إسماعيل بن جعفر عليه السلام ...) حيث انّ الرواية ليست قول المعصوم عليه السلام .
وكذا الحال ما في الفقيه في (ارث الزوجة) ما رواه عن محمّد بن أبي عمير عن ابن اُذينة ۱۴ ، فهى مقطوعة وغير مسندة.
وهكذا معالجة الكليني لباب التعارض بالترجيح السندي دليل على عدم حجيّة كل ما في الروايات. ۱۵
وهكذا في عبارة الصدوق في ديباجة الفقيه حيث قال: (ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووا ...) فمؤدّى هذه العبارة أن الصدوق رحمه الله لم يكن يروي أن كل ما في كتاب الكافى حجّة فيما بينه وبين اللّه ، وإلّا لاستغنى به عن كتابة الفقيه، مضافا الى أن عبارته عند قوله (ولم أقصد قصد المصنّفين فيما رووا) يدلّ على أن ما صُنّف قبله ومنه الكافى لم يكن مختصّا بالروايات الصحيحة بل هو حاوي للروايات الصحيحة وغيرها.
وهذا الرأي من الصدوق في قبال رأي الميرزا النوري صاحب (المستدرك) حيث انه يذهب الى الاعتماد على كل طرق الكافى، لكون تأليفه في زمن الغيبة الصغرى مع وجود النوّاب الأربعة في بغداد والتي أقام فيها الكليني عند تأليفه للكتاب، وأنه قد قيل فيه ـ انّ الكافى كافي لشيعتنا.
ويدل كلام الصدوق أيضا لاسيما مع الالتفات الى ما ذكرناه فيما نقله في باب الوصية على انّ الكليني رحمه اللهايضا لم يكن مبناه على انّ كل ما يورده في الكافى انّه يفتي به لأنّه قد صرّح الى أن المصنّفين من قبله كان ديدنهم على عدم الاقتصار على خصوص الروايات الصحيحة عندهم، وإن نقّوا كتبهم عن الروايات المدسوسة والمدلّسة. ۱۶
وايضا عبارة الشيخ في التهذيب عند قوله: (والان فحيث وفّق اللّه تعالى للفراغ من هذا الكتاب نحن نذكر الطرق التي نتوصّل بها الى رواية هذه الأصول والمصنّفات ونذكرها لتخرج الأخبار بذلك عن حدّ المراسيل وتلحق بباب المسندات). ۱۷
فهذه العبارة صريحة في انّه لا يرى قطعية صدور كل ما في التهذيبين وانّه ليس وراء صورة سلسلة السند معيار للتصحيح، كالذي ادّعاه اصحابنا الاخباريّون، ليجعل المدار في الصحة على السند المذكور.
وقريب من ذلك كلام الصدوق في مشيخة الفقيه.
وهكذا عبارة الصدوق في ديباجة الفقيه انّه قد وضع كتاب فهرس لجميع طرقه الى الكتب، فانّه دال على انّ المدار في التصحيح عليها لا على شيء آخر وراءها.
هذا مضافا الى كثير من عبارات الفقيه والطوسي في تضاعيف الأبواب الدالة على تضعيف بعض الروايات مثلاً:
1 ـ عبارة الشيخ الطوسي في التهذيب (ج 1) حيث روى رواية عن الكليني بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: «أمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله بلالاً ينادي كذا ...» ثم يعقبها بقوله: (قال محمّد بن الحسن: فما تضمن هذا الحديث من تحريم لحم الحمار الأهلي موافق للعامّة والرجال الذين رووا هذا الحديث اكثرهم عامّة وما يختصون بنقله لا يلتفت اليه) مع انّ الرواية موجودة في الكافى ايضا.
2 ـ وفي الاستبصار يروي الرواية عن الكليني بسنده عن عمران الزعفراني في باب الاختيار التي تتعلق بالعدد في شهر رمضان فيعبّر الشيخ: (انّ الروايتين خبر واحد لا يوجبان علما ولا عملاً وراويهما عمران الزعفراني وهو مجهول وفي اسناد الحديثين قوم ضعفاء لا نعمل بما يختصون بروايته) مع انّ الرواية موجودة في الكافى، بالاضافة الى انّ الصدوق ايضا من القائلين ـ بتصلّب ـ بتمام العدد في شهر رمضان.
3 ـ وفي التهذيب في بحث الظهار روى رواية يرويها عن القاسم بن محمّد الزيّات، (قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام انّي ظاهرت من امرأتي ... الخ) عن طريق محمّد بن يعقوب، ومع ذلك يلاحظ أنّ الشيخ يعرض عن هذه الرواية ونظيراتها التي رواها الصدوق ويعمل على مقتضى القاعدة.
ثالثا: انّ نفس اصحاب الكتب الأربعة قد ذكروا في ديباجة كتبهم انّهم ذكروا سلسلة السند كي تخرج روايات الكتب عن حدّ الارسال وهذا مما يدل على انّ منشأ اعتبار روايات الكتب انما هو صورة السند المذكور ولو كان هناك قرائن أخرى على اعتبار السند لأوردوها لأن بغيتهم من ايراد السند هو اعتبار الرواية سندا.
ودعوى انّ ايرادهم لسلسلة الأسانيد والمشيخة هي للتزيين، واهية جدا ومنافية لما صرّحوا به في ديباجة كتبهم ولما يصرحون به في تضاعيف الأبواب من طرح عدّة من الروايات لارسالها مثلاً، أو كون الراوي ذا مذهب فاسد ونحو ذلك.
نعم هناك دعوى أخرى لاعتبار طرق اصحاب الكتب الأربعة الى كتب وأصول المشيخة لا لتمام سسلة السند، وسيأتي التعرّض لها وبيان تماميتها ومغايرتها لدعوى الاخباريين.
رابعا: انّ هناك دعوى وجود العلم الاجمالي بوقوع التدليس في الطرق وقد تعرّض لها الشيخ الأنصاري رحمه الله في رسائله في مبحث حجية خبر الواحد قبل دليل الانسداد، وجمع فيها عدّة شواهد وقرائن من كتاب الكشّي والنجاشي وفهرست الشيخ الطوسي على وقوع مثل هذا التدليس، نظير ما هو موجود في الكشّي بأسانيد بعضها معتبر كما في قوله عليه السلام «ما منّا إلّا وله كذّاب يكذب عليه وانّه قد كان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي ويدسّ في كتب أصحاب أبي» ونظير ما يرويه عن يونس بن عبدالرحمن أنّه قد روى عن جمّ غفير من اصحاب أبي عبداللّه عليه السلام ثم عرضها على أبي الحسن الرضا عليه السلام فحكم الامام عليه السلام على العديد منها انّها مما كُذب على ابي عبداللّه عليه السلام الى غير ذلك مما تسالم الرجاليون على بعض الرواة انهم من الوضاعين ممن قد وقعوا في اسانيد الروايات، وغير ذلك من القرائن فراجع.
وهذا العلم الاجمالي قد أشار الشيخ الى انّه قد أوجب صيرورة بعض المحققين الى التمسك بذيل دليل الانسداد في حجيّة الخبر لعدم جدوى الدليل الخاص على حجية خبر الثقة بعد فرض وجود العلم الاجمالي المزبور، لعدم امكان احراز الصغرى، فيتعين حينئذ قيام دليل الانسداد.
وقد ذهب الى ذلك في الجملة بعض السادة من مشايخنا المحققين.
وبالجملة: فدعوى العلم الاجمالي المزبور وعدم انحلاله وبقائه وان كانت غير سديدة عندنا كما سنبيّن ذلك، إلّا انّها بشواهدها المتقدمة صالحة لمقابلة ما يذكر من شواهد لدعوى الاخباريين من صحة كل ما في الكتب الروائية، فان شواهد الدعوى الاخرى وان كانت تامّة في نفسها إلّا انّها لا تثبت الدعوى المتقدمة، بل هي موجبة لانحلال شواهد الدعوى الأولى بوجود العلم الاجمالي بوقوع التدليس.
وعليه فتسقط كلتا الدعويين ويكون المدار على صحة السند حينئذ، وليس ذلك من باب التساقط عند الشك والتعارض، بل لتولّد العلم التفصيلي اللاحق بانحلال العلم الاجمالي المزبور، اي العلم بوقوع الغربلة والتصفية والمقابلة والتثبّت والتشدّد لكل روايات الأصول الاربعمائة وكتب المجاميع بعدها بعرضها امّا على الأئمة عليهم السلام أو على ما استفاض من رواياتهم عليهم السلام بحيث طُرح كل ما علم بتدليسه أو وقع ضمن دائرة العلم بحسب الموارد والأبواب.
وأما الشواهد على تولّد العلم التفصيلي فملخصها هو ما وقع من تشدد القميين الى الغاية بل قد افرطوا في ذلك في صيانة النقل، حيث كانوا يخرجون من (قم) كل من يروي عن الضعفاء والمجاهيل، وان لم يُعلم انّ تلك الرواية مدلّسة أو مدسوسة، فهذا البرقي الجليل قد أخرجوه وغيره من عشرات الرواة الأجلّاء، وكذا ما استثنوه من كتاب نوادر محمّد بن أحمد بن يحيى الاشعري، الموسوم كتابه (بدبّة شبيب)، وغيرها من الكتب التي استثنوا كثيرا من رواياتها تصلبا منهم في تنقية الحديث، وكم من راوي ضعّفوه وهجروا روايته لمجرّد دعواهم الغلوّ في حقّه مع انّ مبناهم في حدّ الغلوّ ـ ضابطته ـ افراط من القول، كما ذكر ذلك عامة متأخّري هذه الأعصار، وهذا التشدد في الوقت الذي أوجب عملية تصفية وتنقية في الحوزات الروائية الحديثية، وأوجب ظاهرة المداقّة المتناهية في غربلة طرق الحديث، إلّا انّه في الوقت نفسه أوجب ضياع جزء من التراث الروائي. ومن الشواهد أيضا ما وقع عن كبّار الرواة من مقابلة الأحاديث التي جمعوها بعرضها على الأئمّة عليهم السلام المتأخرين، كما وقع ذلك ليونس بن عبد الرحمن بطريق معتبر في الكشّي، وكتاب عبيداللّه بن علي الحلبي المعروض على الصادق عليه السلام ، وككتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على الإمام العسكري عليه السلام ، وكما وقع ذلك في عدّة من الكتب التي عرضت على الامام الجواد عليه السلام والتي ترحّم الامام على مؤلفيها ـ ككتاب أعمال يوم وليلة ـ ، وقال: بانّ كل ما فيها حق هي عن آبائي ۱۸ ، وكما وقع ذلك أيضا من النائب الثالث الحسين بن روح من عرض كتابه الذي جمع فيه مروياته عن شيوخ الرواة على فقهاء ومحدّثي (قم) ليقابلوها مع المستفيض من رواياتهم كما ذكر ذلك الشيخ في كتاب (الغيبة) في ترجمته.
وبالجملة: فانّ عملية مقابلة الكتب ادمنها الرواة منذ عهد الصادق عليه السلام ، ومرحلة تدوين الأصول الاربعمائة مرورا بمرحلة تدوين المجاميع في عهد الرضا عليه السلام ، كمشيخة الحسن بن محبوب وكتب الحسين بن سعيد الاهوازي وصفوان بن يحيى وابن ابي عمير وغيرهم، الى مرحلة تدوين الكتب في عهد العسكريين عليهماالسلاموالغيبة الصغرى ككتاب قرب الاسناد لعبداللّه بن جعفر الحميرى، وكتاب المحاسن لأحمد بن محمّد البرقي وغيرهما، وانتهاءً بمرحلة أصحاب الكتب الأربعة في كتبهم الأربعة وغيرها.
حيث ان مرحلة الأصول كانت قائمة على التلقّي المباشر عن الامام عليه السلام ، ومرحلة المجاميع وكتب المشيخة كانت عبارة عن جمع ما في الاصول مع تشذيبها وتهذيبها وعرضها ومقابلتها على الأئمّة المتأخرين عليهم السلام ، ومرحلة الكتب كانت عبارة عن جمع الأصول اللاحقة المتولّدة من الأئمّة المتأخرين عليهم السلام مع تبويب الروايات، وأمّا مرحلة أصحاب الكتب الأربعة فكانت عبارة عن استقصاء كل الروايات والطرق مع المبالغة في التبويب والفهرسة والتنقية، فنرى الكليني رحمه اللهيذكر أن الداعي الى تأليف كتاب الكافى هو: (اما بعد فقد فهمت يا اخي ما شكوت من اصطلاح اهل دهرنا على الجهالة وتوازرهم وسعيهم في عمارة طرقها ومباينتهم للعلم ...).
ونرى الصدوق في (الفقيه) في مقام بيان منهجه في كتابه يقول: (بل قصدت الى ايراد ما أفتى به واحكم بصحته واعتقد فيه انه حجّة فيما يبني وبين ربّي تقدس ذكره وتعالت قدرته وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل واليها المرجع ـ ثم ذكر اسماء الكتب ـ وقال: وغيرها من الأصول والمصنّفات التي طرقي اليها معروفة في فهرس الكتب التي روّيتها عن مشايخي واسلافي ـ رضي اللّه عنهم ـ وبالغت في ذلك جهدى). ۱۹
هذا وقد ذكر الآغا بزرك الطهراني رحمه الله في كتاب (مصفّى المقال في مصنفي علم الرجال): (انّه كان في مكتبة السيد ابن طاووس مأة ونيف من مصنفات الامامية من كتب الفهارس والرجال فقط).
وغير ذلك مما ذكره روّاد ومهرة علم الرجال من تواتر القرائن التي لا تُحصى على غربلة الحديث وتنقيته بما لم يعهد ذلك عند احد من فرق المسلمين، بعد كون الطائفة الامامية هي أول من دوّن الحديث في الصدر الأول ككتاب سليم بن قيس وغيره، بينما نرى بقية الفرق قد تأخرت في تدوين الحديث الى ما بعد منتصف القرن الثاني.
لكن لا يخفى انّ كل ذلك لا يعني اهمال النظر من قبلنا في ملاحظة سلسلة الأسانيد والطرق، بل هي في قبال دعوى العلم الاجمالي المتقدم.
خامسا: انّ ظروف التقية الشديدة السائدة في عهد أصحاب الأئمة عليهم السلام ، الرواة عنهم، والتي قد تؤدي ببعضهم الى ضياع كتبه أو عدم روايتها إلّا لواحد أو اثنين لضروف الخوف من السلطة الأمويّة والعباسيّة كما وقع ذلك لأبن ابي عمير في القصة المعروفة له وتعذيبه في سجن هارون ليقرّ على رواة الشيعة وقيام إبنته بدفن كتبه أو اخفاءها فانمحت عديد من الأسانيد، ولذلك اشتهر ابن أبي عمير بالمراسيل، كما انّ العديد من الرواة الاجلاء الكبار أصحاب الكتب ويدنهم على الرواية عن الضعفاف في تلك الروايات التي لا يظهر منها الوضع والدس وتكون غير مخالفة لكتاب والسنة القطعية حتى انّ الذي اختص من الرواة بالرواية عن خصوص الثقة قد مُيّز بأصحاب الاجماع وبوصف أنّه لا يروي ولا يرسل إلّا عن ثقة، وبأدنى مراجعة الى تراجم المفردات الرجاليّة يظهر عدم تقيّد العديد من الرواة بالرواية عن خصوص الثقة، ومع هذا فكيف تتم دعوى كون الأسانيد قطعية أو صحيحة.

1.بحوث في مبانى علم الرجال (محاضرات شيخ محمّد سند)، محمّد صالح تبريزى، قم: عصر ظهور، اول، ۱۴۲۰ق. ص ۲۳ ـ ۳۹.

2.الفقيه، ج ۲، ص ۱۳۸ و ۱۲۱.

3.الفقيه، ج ۲، ص ۱۲۸.

4.التهذيب، ج ۴، ص ۱۶۹.

5.التهذيب، ج ۸، ص ۲۵۷، ح ۹۳۲.

6.التهذيب، باب المياه، ج ۱، ح ۱۳۰۹.

7.الفقيه، ج ۴، ص ۲۲۴.

8.الفقيه، ج ۴، ص ۱۵۱، ۵۲۳.

9.الكافي، ج ۷، ص ۴۶ ـ ۴۷.

10.التهذيب، ج ۹، ص ۱۸۵ ـ ۱۸۶.

11.الفقيه، ج ۲، ص ۷۳، حديث ۳۰۱۳؛ والكافي، ج ۴، ص ۱۰۳.

12.التهذيب، ج ۱، ص ۴۱، ح ۴۳.

13.الفقيه، ج ۲، ص ۵۵، ح ۲۴۱، في ذيل حديث صلاة الغدير.

14.الفقيه، ج ۴، ص ۲۵۲.

15.راجع ذلك في ديباجة الكافي.

16.سيأتي بيان الفرق بين الضعيف بالمعنى الأخص وبين المدلّس والموضوع والمدسوس، كما سيأتي تفسير أن الصحيح في اصطلاح القدماء يقع على معنيين، أحدهما ما يقابل المدسوس والموضوع والمجعول، والآخر ما يساوي الحجّة المعتبرة ويقابل الضعيف.

17.التهذيب في ديباجة المشيخة.

18.الوسائل، ابواب صفات القاضي.

19.الفقيه: في ديباجته.

صفحه از 188