117
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وثالثها : قاصف؛ «فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِنْ الرِّيحِ»۱ .
ورابعها : عاصف؛ «جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ»۲ .
وقوله : (أن يجعل العذاب من الرياح رحمة فعل).
في بعض النسخ : «أن يجعل الرياح من العذاب رحمة» ، والمآل واحد .
قال : (ولن يجعل الرحمة من الرِّيح عذابا) .
قيل : لعلّ المراد أنّ من استحقّ العذاب بسبب خصلة قبيحة، ربّما يستحقّ الرحمة بإزالة تلك الخصلة، وكسب خصلة حسنة، فلا يصل إليه العذاب، بخلاف من استحقّ الرحمة والإحسان بسبب خصلة حسنة؛ فإنّه تصل إليه الرحمة، وإن زالت عنه تلك الخصلة؛ لأنّ اللّه تعالى لا يضيع عمل عامل .
أو المراد: إذا أرسل ريح العذاب يجعله رحمة بزوال سبب العقاب ، وأمّا إذا أرسل ريح الرحمة ، فلا يجعلها عذابا بزوال سبب الرحمة وحدوث سبب العذاب . ومنه يظهر سرّ «سبقت رحمته غضبه» ۳ . ۴
أقول : لا يخفى عليك أنّ مآل التوجيهين واحد ؛ فإنّه مبنيّ على بطلان مذهب الإحباط، ولم يثبت دليل على بطلانه، وأنّ الاستدلال بقوله : «لأنّ اللّه لا يضيع عمل عامل» ساقط؛ إذ على مذهب الإحباط «العامل» هو الذي يضيّع عمله بنفسه لا غير ، فالأولى أن يحمل هذا الحديث على الإخبار عن الواقع، وإن لم يظهر لنا وجهه .
وقوله : (وذلك) إشارة إلى عدم جعل الرحمة عذابا، وبيان له .
(أنّه لم يرحم قوما قطّ) في زمان من الأزمنة .
قال الفيروزآبادي : «ما رأيته قطّ ـ ويضمّ ويخفّفان ـ وقطّ، مشدّدة مجرورة ، بمعنى الدهر ، مخصوص بالماضي، [أي ]فيما مضى من الزمان، أو فيما انقطع من عُمري» . ۵
وقوله : (أطاعوه) صفة «قوما» .

1.الإسراء (۱۷) : ۶۹ .

2.يونس (۱۰) : ۲۲ .

3.مصباح المتهجّد ، ص ۴۴۲ و ۶۹۶ ؛ مصباح الكفعمي ، ص ۱۰۵ و ۲۴۹ و ۶۶۷ ؛ مهجّ الدعوات ، ص ۹۹ ؛ الإقبال ، ص ۳۶۲ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۵ .

5.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۸۰ (قطط) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
116

أَنْ تُهْلِكَ مَنْ لَمْ يَعْصِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَعُمَّارِ بِلَادِكَ».
قَالَ: «فَبَعَثَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلَيْهَا جَبْرَئِيلَ عليه السلام ، فَاسْتَقْبَلَهَا بِجَنَاحَيْهِ ۱ ، فَرَدَّهَا إِلى مَوْضِعِهَا، وَقَالَ لَهَا: اخْرُجِي عَلى مَا أُمِرْتِ بِهِ».
قَالَ: «فَخَرَجَتْ عَلى مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَأَهْلَكَتْ ۲ قَوْمَ عَادٍ وَمَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِمْ».

شرح

السند صحيح .
قوله : (فقال: إنّ للّه ...) ؛ كأنّه متفرّع على الحديث السابق، فتدبّر .
وفي بعض النسخ: «قال»، وهو أظهر .
وقال بعض الشارحين :
دلّ قوله عليه السلام : «رياح رحمة ورياح عذاب» على بطلان ما قيل من أنّ العرب يستعمل الرياح [في الرحمة ، والريح] في العذاب ، وأيّده بقوله تعالى : «بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ»۳ ، وقوله تعالى : «يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ»۴ .
قال :
وفي معارج النبوّة: إنّ كلّ واحدة من رياح الرحمة ورياح العذاب أربعة ؛ أمّا رياح الرحمة، فأوّلها: باشرات ، قال [اللّه ]تعالى : «هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ»۵ .
وثانيها : مبشّرات ؛ «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ» .
وثالثها : ناشرات ؛ «وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرا»۶ .
ورابعها : ذاريات ؛ «وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوا»۷ .
وأمّا رياح العذاب ؛ فأوّلها : صرصر؛ «وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ» .
وثانيها : عقيم ؛ «وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الرِّيحَ الْعَقِيمَ»۸ .

1.في الطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها والوافي وشرح المازندراني : «بجناحه» .

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «فأهلكت».

3.الحاقّة (۶۹) : ۶ .

4.الروم (۳۰) : ۴۶ .

5.الأعراف (۷) : ۵۷ .

6.المرسلات (۷۷) : ۳ .

7.الذاريات (۵۱) : ۱ .

8.الذاريات (۵۱) : ۴۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153215
صفحه از 624
پرینت  ارسال به