297
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ» 1 :
إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله غزا جمعا من بني ذُبيان ومحارب[بذي أمر]، فتحصّنوا برؤوس الجبال، ونزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله بحيث يراهم، فذهب لحاجته، فأصابه مطر، فبلّ ثوبه، فنشره على شجرة واضطجع تحته، والأعراب ينظرون إليه، فجاء سيّدهم دُعثور بن الحرث حتّى وقف على رأسه بالسيف مشهورا ، فقال : يا محمّد، مَن يمنعك منّي اليوم؟
فقال : اللّه .
فدفع جبرئيل في صدره، ووقع السيف من يده، فأخذه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وقام على رأسه ، وقال : مَن يمنعك منّي اليوم؟
فقال : لا أحد ، وأنا أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأنّ محمّدا رسول اللّه . فنزلت الآية . 2
وروى ابن شهرآشوب عن الثمالي نحوا من ذلك، فزاد في آخره: «فسئل بعد انصرافه عن حاله، فقال : نظرت إلى رجل طويل أبيض، دفع في صدري، فعرفت أنّه مَلَك . ويُقال : إنّه أسلم، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام» . 3

متن الحديث الثامن والتسعين

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ [عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ] عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ:قَالَ: «إِنْ قَدَرْتُمْ أَنْ لَا تُعْرَفُوا فَافْعَلُوا، وَمَا عَلَيْكَ إِنْ لَمْ يُثْنِ النَّاسُ عَلَيْكَ، وَمَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ مَذْمُوما عِنْدَ النَّاسِ إِذَا كُنْتَ مَحْمُودا عِنْدَ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام كَانَ يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَا لأحَدِ رَجُلَيْنِ: رَجُلٍ يَزْدَادُ فِيهَا كُلَّ يَوْمٍ إِحْسَانا، وَرَجُلٍ يَتَدَارَكُ مَنِيَّتَهُ بِالتَّوْبَةِ، وَأَنّى لَهُ بِالتَّوْبَةِ؟! فَوَ اللّهِ، أَنْ لَوْ سَجَدَ حَتّى يَنْقَطِعَ عُنُقُهُ، مَا قَبِلَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مِنْهُ عَمَلًا إِلَا بِوَلَايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.

1.المائدة (۵) : ۱۱ .

2.التبيان ، ج ۳ ، ص ۴۶۴ ؛ تفسير مجمع البيان ، ج ۳ ، ص ۲۹۳ .

3.المناقب ، ج ۱ ، ص ۷۰ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
296

وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَرَآهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَالْمُسْلِمُونَ قِيَامٌ عَلى شَفِيرِ الْوَادِي يَنْتَظِرُونَ مَتى يَنْقَطِعُ السَّيْلُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِقَوْمِهِ: أَنَا أَقْتُلُ مُحَمَّدا، فَجَاءَ، وَشَدَّ عَلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِالسَّيْفِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يُنْجِيكَ مِنِّي يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ، فَنَسَفَهُ جَبْرَئِيلُ عليه السلام عَنْ فَرَسِهِ، فَسَقَطَ عَلى ظَهْرِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَأَخَذَ السَّيْفَ، وَجَلَسَ عَلى صَدْرِهِ، وَقَالَ: مَنْ يُنْجِيكَ مِنِّي يَا غَوْرَثُ؟ فَقَالَ: جُودُكَ وَكَرَمُكَ يَا مُحَمَّدُ. فَتَرَكَهُ، فَقَامَ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللّهِ لَأَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي وَأَكْرَمُ».

شرح

قوله : (أبان) بمنزلة العطف على السند السابق، وحاله كحاله .
وقوله : (شدّ) .
قال الجوهري : «شدّ عليه في الحرب يشدّ شدّا، أي حمل عليه . والشدّ: العَدْو، وقد شدّ ، أي عدا» . 1
وقوله : (فنسفه) أي قلعه . يُقال : نَسَفَ البناء، كضرب، إذا قلعه من أصله .
وقوله : (يا غَورَث) .
قال الفيروزآبادي : «غَوْرَثُ بن الحارث، سلَّ سيفَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ليفتك به، فرماه اللّه بزلخة بين كتفيه» . 2
وقوله : (جودك وكرمك) .
قيل : كان صلى الله عليه و آله شديدا في المؤاخذة بحقّ اللّه تعالى ، وسليما صبورا حليما في المؤاخذة بحقّ نفسه ، وهذا هو الخُلق الحسن المحمود؛ لأنّه لو ترك القيام في حقّ اللّه تعالى، كان ذلك مهانة ، ولو انتقم لنفسه، لم يكن ثمّة صبر، وكان هذا الخلق بطشا ، فانتفى عنه الطرفان، وبقي الوسط، وهو العدل . 3
وقوله : (وهو يقول) . الضمير راجع إلى «غورث» .
(لأنت خيرٌ منّي وأكرم) .
هذا الكلام لا يدلّ على إيمانه، ولكن روى الواقدي في تفسير قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ

1.الصحاح، ج ۲ ، ص ۴۹۲ (شدد) .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۷۱ (غرث) .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۸۳ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153242
صفحه از 624
پرینت  ارسال به