31
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

بَابِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ سَكَتَ.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ».
ثُمَّ أَقْبَلَ الشَّيْخُ بِوَجْهِهِ عَلى أَهْلِ الْبَيْتِ، وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ سَكَتَ، حَتّى أَجَابَهُ الْقَوْمُ جَمِيعا، وَرَدُّوا عَلَيْهِ السَّلَامَ.
ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلئ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، أَدْنِنِي مِنْكَ، جَعَلَنِيَ اللّهُ فِدَاكَ، فَوَ اللّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكُمْ، وَأُحِبُّ مَنْ يُحِبُّكُمْ، وَوَاللّهِ مَا أُحِبُّكُمْ وَأُحِبُّ مَنْ يُحِبُّكُمْ لِطَمَعٍ فِي دُنْيَا، وَ ۱ إِنِّي لَأُبْغِضُ عَدُوَّكُمْ، وَأَبْرَأُ مِنْهُ، وَوَاللّهِ مَا أُبْغِضُهُ وَأَبْرَأُ مِنْهُ لِوَتْرٍ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَاللّهِ إِنِّي لَأُحِلُّ حَلَالَكُمْ، وَأُحَرِّمُ حَرَامَكُمْ، وَأَنْتَظِرُ أَمْرَكُمْ، فَهَلْ تَرْجُو لِي جَعَلَنِيَ اللّهُ فِدَاكَ؟
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «إِلَيَّ، إِلَيَّ» حَتّى أَقْعَدَهُ إِلى جَنْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا الشَّيْخُ، إِنَّ أَبِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليه السلام أَتَاهُ رَجُلٌ، فَسَأَلَهُ عَنْ مِثْلِ الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ أَبِي عليه السلام : إِنْ تَمُتْ تَرِدُ عَلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَعَلى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَيَثْلَجُ قَلْبُكَ، وَيَبْرُدُ فُؤَادُكَ، وَتَقَرُّ عَيْنُكَ، وَتُسْتَقْبَلُ بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ مَعَ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، لَوْ قَدْ بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَاهُنَا ـ وَأَهْوى بِيَدِهِ إِلى حَلْقِهِ ـ وَإِنْ تَعِشْ تَرى مَا يُقِرُّ اللّهُ بِهِ عَيْنَكَ، وَتَكُونُ مَعَنَا فِي السَّنَامِ الْأَعْلى».
قَالَ ۲ الشَّيْخُ: كَيْفَ قُلْتَ يَا أَبَا جَعْفَرٍ؟
فَأَعَادَ عليه السلام عَلَيْهِ الْكَلَامَ، فَقَالَ الشَّيْخُ: اللّهُ أَكْبَرُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ، إِنْ أَنَا مِتُّ أَرِدُ عَلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَعَلى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهم السلام ، وَتَقَرُّ عَيْنِي، وَيَثْلَجُ قَلْبِي، وَيَبْرُدُ فُؤَادِي، وَأُسْتَقْبَلُ بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ مَعَ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، لَوْ قَدْ بَلَغَتْ نَفْسِي [إِلى] هَاهُنَا، وَإِنْ أَعِشْ أَرى مَا يُقِرُّ اللّهُ بِهِ عَيْنِي، فَأَكُونُ مَعَكُمْ فِي السَّنَامِ الْأَعْلى؟!
ثُمَّ أَقْبَلَ الشَّيْخُ يَنْتَحِبُ، يَنْشِجُ هَا هَا هَا، حَتّى لَصِقَ بِالْأَرْضِ، وَأَقْبَلَ أَهْلُ الْبَيْتِ يَنْتَحِبُونَ، [وَ]يَنْشِجُونَ لِمَا يَرَوْنَ مِنْ حَالِ الشَّيْخِ.
وَأَقْبَلَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام يَمْسَحُ بِإِصْبَعِهِ الدُّمُوعَ مِنْ حَمَالِيقِ عَيْنَيْهِ وَيَنْفُضُهَا، ثُمَّ رَفَعَ الشَّيْخُ رَأْسَهُ، فَقَالَ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، نَاوِلْنِي يَدَكَ جَعَلَنِيَ اللّهُ فِدَاكَ. فَنَاوَلَهُ يَدَهُ، فَقَبَّلَهَا، وَوَضَعَهَا

1.في الطبعة القديمة: + «[اللّه ]».

2.في الطبعة القديمة وبعض نسخ الكافي : «فقال» .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
30

وقوله : (قبل تفرّق أيّامها) ؛ كأنّ المراد بها أيّام بقاء الدنيا ، أو أيّام عمر أحد، وبخرابها انقضاء تلك الأيّام .
وقوله : (عَمَرها) بتخفيف الميم وتشديدها .
في القاموس: «عمره اللّه وعمّره: أبقاه. وعمّر نفسه: قدّر لها قدرا محدودا. وعمر اللّه منزلك عمارة : جعله آهلاً» . ۱
وقوله : (وهو وليّ ميراثها) أي مالكها الحقيقي، والأولى بالتصرّف فيها؛ لأنّها تفنى، وهو يبقى كالوارث . ووارث الشيء : الباقي بعد فنائه .
(فإنّما نحن به وله) .
قيل: الظاهر من الضمير راجع إلى ثواب الآخرة ؛ أي نحن متلبّسون به ، كناية عن قربه. و«له» أي خُلِقنا وكلّفنا لأجله . ۲
هذا كلامه . والأظهر إرجاع الضمير في الموضعين إلى اللّه تعالى ؛ أي نحن موجودون به، متقوّمون باستعانته، وكلّفنا لإخلاص العمل له .
وقال بعض الشارحين :
أي إنّما نحن موجودون باللّه تعالى وله ؛ ففي الاُولى إشارة إلى تفويض الاُمور كلّها إليه ، وفي الثانية إشارة إلى طلب التقرّب منه بالإتيان بالمأمورات والاجتناب عن المنهيّات ، وبها يتمّ نظام الدِّين . ۳

متن الحديث الثلاثين (حديث الشيخ مع الباقر عليه السلام )

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، قَالَ:بَيْنَا أَنَا مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، وَالْبَيْتُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ يَتَوَكَّأُ عَلى عَنَزَةٍ لَهُ، حَتّى وَقَفَ ۴
عَلى

1.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۹۵ (عمر) .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه اللهفي مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۷۵ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۱۵ .

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «قام».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153243
صفحه از 624
پرینت  ارسال به