417
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقيل : هي المطر .
وقيل : خلق النبات والثمار والحبوب التي هي أقوات الحيوانات، أو يكون الخلق بمعنى التقدير؛ أي جعلها مهيّأةً، لأن ينبت منها أرزاق العباد .
ولعلّ المراد بأقوات السماوات أسبابها المقدّرة فيها لأهل الأرض، كالمطر ونحوه، والإضافة لأدنى ملابسة ۱ . وكونها بتقدير «في» محتمل بعيد .
وأورد بعض الشارحين هنا سؤالاً، وهو أنّ أيّام الاُسبوع وأسماؤها إنّما تحقّقت بعد خلق السماوات والأرضين، فكيف تكون قبلها؟
وأجاب بأنّ هذه الأيّام كانت في علم اللّه تعالى، فنزّل العلم منزلة المعلوم، أو نزّل الزمان الموهوم بمنزلة الموجود، فأجرى عليه حكمه ۲ . وسيجيء لهذا زيادة تحقيق .
وقوله : (وذلك) أي ما ذكر من خلق الأجسام والأجرام في تلك الأيّام .
(قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة فرقان : «خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» .
قال البيضاوي :
أي في ستّة أوقات، كقوله : «وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ»۳ ، أو في مقدار ستّة أيّام؛ فإنّ المتعارف من اليوم زمان طلوع الشمس إلى غروبها، ولم يكن حينئذٍ، وفي خلق الأشياء مدرّجا مع القدرة على إيجادها دفعةً دليل للاختيار، واعتبار للنظّار، وحثّ على التأنّي في الاُمور. انتهى . ۴
واعلم أنّ هاهنا إشكالٌ يحتاج دفعه إلى تمهيد مقدّمة .
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : «أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ» : ۵
أي في مقدار يومين، أو نوبتين، وخلق في كلّ نوبة ما خلق في أسرع ما يكون . ولعلّ المراد من الأرض ما في جهة السفل من الأجرام البسيطة، ومن خلقها في يومين أنّه خلق لها أصلاً مشتركا، ثمّ خلق لها صورا بها صارت أنواعا، وكفرهم به إلحادهم في ذاته وصفاته.

1.احتمله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۴۳ .

2.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۴۳ .

3.الأنفال (۸) : ۱۶ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۲۵ .

5.فصّلت (۴۱): ۹.


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
416

متن الحديث السابع عشر والمائة

۰.عَنْهُ۱
، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ: «إِنَّ اللّهَ خَلَقَ الْخَيْرَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَمَا كَانَ لِيَخْلُقَ الشَّرَّ قَبْلَ الْخَيْرِ، وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَالْاءِثْنَيْنِ خَلَقَ الْأَرَضِينَ، وَخَلَقَ أَقْوَاتَهَا فِي يَوْمِ الثَّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ أَقْوَاتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ»۲ ».

شرح

السند صحيح .
وضمير «عنه» راجع إلى ابن محبوب .
قوله : (خلق الخير يوم الأحد، وما كان ليخلق الشرّ قبل الخير» .
المراد أنّ ابتداء الخلق يوم الأحد؛ إذ مقتضى خيريّته تعالى أن لا يقدّم خلق الشرّ على خلق الخير، وابتداء خلق الخير إنّما كان يوم الأحد، فلم يخلق قبله شيء ، فثبت أنّ ابتداء الخلق فيه .
وقيل : يمكن أن يُراد بالخير هنا الجنّة، وبالشرّ النار ، وقد فسّر الخير والشرّ بهما بعض المحقّقين ، وأن يراد بالخلق هنا التكوين؛ إذ لا مانع منه ؛ ويؤيّده قوله : «خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» ؛ إذ الظاهر من الخلق فيه التكوين والإيجاد . ۳
وقوله : (وخلق أقواتها) .
لعلّ المراد أقوات أهلها، بأن عيّن لكلّ نوع ما يصلحه، ويعيش به، أو ما ينتفع به حيّ.
وأصل القوت ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام ؛ يُقال : قات أهله يقوتهم قيتا ـ بالفتح ـ وقياتةً، والاسم: القوت، بالضمّ .
وقيل : أي أقواتا تنشأ منها، بأن خصّ حدوث كلّ قوت بقطر من أقطارها .

1.الضمير راجع إلى ابن محبوب .

2.الفرقان (۲۵) : ۵۹ : السجدة (۳۲) : ۴ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۴۲ و ۱۴۳ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153207
صفحه از 624
پرینت  ارسال به