439
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقيل : إنّما سمّي أدبا؛ لأنّه يأدب، أي يدعو إلى مفاخر الدارين، ولأنّه نورٌ يَهتدي به كلّ عضو إلى ما هو مطلوبٌ منه من الآداب؛ فإنّ أدب البصر النظر إلى ما يجوز، وصرفه عمّا لا يجوز ، وأدب اللِّسان التكلّم في موضعه المطلوب شرعا، وتركه في غيره . وقس عليهما البواقي . ۱
وقوله : (إن اُجّلت) على بناء المفعول من التأجيل؛ أي إن تأخّر موتك يومين، فاجعل أحدهما لأدبك .
قيل : لعلّ المراد لعلمك على ما مرَّ تفسيره؛ أي تتعلّم في أحد اليومين آداب الوصيّة، وتستعملها في اليوم الآخر .
ويحتمل أن يُراد استعمال الآداب الحسنة في اليوم الأوّل، والاشتغال بمقدّمات الموت في اليوم الثاني . ۲
وقوله : (تُحسن تدبير ما تُخلّف وتُحكمه) ؛ كأنّ المراد بالموصول الولد، أو ما يعمّه من مصالح الدارين .
قال الفيروزآبادي : «خلّفوا أثقالهم تخليفا: خلوه وراء ظهورهم. وفلانا: جعله خليفته، كاستخلفه» . ۳
وقال : «أحكمه، أي أتقنه» . ۴
وقوله : (إنّ المنافق لا يرغب فيما قد سَعِدَ به المؤمنون) ؛ لأنّ السعادة ونجاة الآخرة إنّما يحصل بالإيمان الخالص ، والمنافق الذي يظهر الإيمان ويُبطن الكفر بمعزل عن ذلك .
في القاموس : «سَعَد يومنا ـ كنفع ـ سعدا وسُعودا: يمن. والسعادة : خلاف الشقاوة. وقد سَعِد، كعلم وعني، فهو سعيد ومسعود» . ۵
وقوله : (بموعظة التقوى) أي الموعظة التي هي منشأ التقوى، أو تنشأ من التقوى.
فالإضافة لاميّة، من قبيل إضافة السبب إلى المسبّب، أو بالعكس .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۵۵ .

2.إلى هاهنا كلام القائل ، وهو العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۶۹ و ۳۷۰ .

3.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۳۸ (خلف) .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۹۸ (حكم) .

5.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۰۱ (سعد) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
438

فِيمَا قَدْ سَعِدَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ، وَالسَّعِيدُ يَتَّعِظُ بِمَوْعِظَةِ التَّقْوى، وَإِنْ كَانَ يُرَادُ بِالْمَوْعِظَةِ غَيْرُهُ».

شرح

السند ضعيف .
قوله : (لا تطعنوا في عيوب من أقبل إليكم بمودّته) .
الباء للتعدية، أو للسببيّة، أو للمصاحبة .
قال الجزري: «فيه: لا يكون المؤمن طعّانا؛ أي وقّاعا في أعراض الناس بالذمّ والغيبة ونحوهما. وهو فعّال ، مِن طَعِنَ فيه، وعليه بالقول، يطعُن ـ بالضمّ والفتح ـ إذا عابه» انتهى . ۱
ولعلّ المراد بمن أقبل بالمودّة المؤمن مطلقا . أو المراد: لا تطعنوا في عيوب أحد سيّما من أظهر إليكم مودّته وصداقته .
وقيل : لا فرق في العيوب بين أن تكون خَلقيّة، أو خُلقيّة، أو عمليّة متعلّقة بالأعمال .
نعم ، لابدّ في الأخيرتين من النصح والموعظة الحسنة ـ كناية، أو صريحا ـ في الخلوة، ولا يجوز التعيير عليها، كما أشار إليه بقوله : (ولا توقّفوه على سيّئة يخضع لها) أي لا تقيموه على خطيئة، ولا تعيّروه عليها. أو لا تقيموه في مقام الجزاء والعقاب، فيذلّ به عند الناس، بل ادفعوها عنه بالنُّصح والموعظة . ۲
هذا إن كان «توقّفوه» من أوقفه، إذا أدامه قائما. وإن كان من أوقفه على كذا، إذا أطلعَه عليه، فمعناه: فلا تُطلعوه على خطيئة اطّلعتم عليها منه، فيعلم اطّلاعكم عليها، فيذلّ عند نفسه .
وكأنّ قوله : (فإنّها ليست ...) تعليل للمذلّة . أو لدفع السيّئة عنه، ومنعه منها .
والضمير راجع إلى السيّئة التي هي الخصلة الذميمة .
والخُلق، بالضمّ وبضمّتين: السجيّة، والطبع، والمروّة، والدِّين .
وقوله : (يعني بالأدب العلم) .
غرضه أنّ الأدب ـ بفتحتين ـ وإن كان في أصل اللغة : الدرس ، وحسن التناول، والكياسة ، والحذق، إلّا أنّه اُريد به هاهنا العلم باُمور الدِّين ومقدّماته .

1.النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۲۷ (طعن) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۵۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153312
صفحه از 624
پرینت  ارسال به