459
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

الرابع : أن يكون الرفع في مدّة من الزمان، ثمّ يردّون إلى قبورهم، وإنّما يؤتى مواضع آثارهم في تلك المدّة .
وهذا الوجه أبعد المحتملات، كالثاني . ۱
وفي دلالة هذا الخبر على استحباب نقل الموتى إلى المشاهد المشرّفة ـ كما هو مذهب الأصحاب ـ تأمّل .
وقوله : (ولك ما سألت) .
فيه شائبة مناواة لما يفهم فيما بعد من السياق من امتناعه عليه السلام بحكمها عليه .
ولعلّ المراد ما سألت من الأموال ونحوها من اُمور الدُّنيا، أو من اُمور الآخرة، التي تناسب حالها هذا .
روى الصدوق رحمه الله في كتبه عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن الرضا عليه السلام أنّه قال : «احتبس القمر عن بني إسرائيل، فأوحى اللّه ـ جلّ جلاله ـ إلى موسى أن اخرج عظام يوسف من مصر، ووعده طلوع القمر إذا أخرج عظامه، فسأل موسى عمّن يعلم موضعه ، فقيل له : هاهنا عجوز تعلم علمه .
فبعث إليها، فاُتِي بعجوز مقعدة عمياء، فقال لها : أتعرفين موضع قبر يوسف؟ قالت : نعم . قال : فأخبريني به . قالت : لاُ ، حتّى تعطيني أربع خصال : تطلق لي رجلي، وتُعيد إليّ من شبابي، وتُعيد إليَّ بصري، وتجعلني معك في الجنّة .
قال : فكبر ذلك على موسى ، فأوحى اللّه ـ جلّ جلاله ـ إليه : يا موسى، أعطها ما سألت؛ فإنّك إنّما تُعطي عليَّ .
ففعل ، فدلّته عليه، فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر، فلمّا أخرجه طلع القمر، فحمله إلى الشام ، فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشام» . ۲

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۹ و ۱۰ .

2.الخصال ، ج ۱ ، ص ۲۰۵ ، ح ۲۱؛ علل الشرائع ، ج ۱ ، ص ۲۹۶ ، ح ۱ ؛ عيون الأخبار ، ج ۱ ، ص ۲۵۹ ، ح ۱۸ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
458

فَقَالَ لَهَا مُوسى: فَلَكِ حُكْمُكِ.
قَالَتْ: فَإِنَّ حُكْمِي أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي دَرَجَتِكَ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْجَنَّةِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مَا كَانَ عَلى هذَا لَوْ سَأَلَنِي مَا سَأَلَتْ عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ».

شرح

السند حسن .
قال الجوهري : «أضفت الرجل، وضيّفته، إذا أنزلته بك ضيفا، وقَرَيْتَهُ» . ۱
قوله : (إلى الأرض المقدّسة) متعلّق بقوله : (احمل) ، أو بقوله : (أن تخرج) ، أو بهما على سبيل التنازع .
وقوله : (بالشام) ؛ حال عن الأرض المقدّسة .
وفي هذا الخبر دلالة على أنّ هذا النقل كان بالوحي. وقيل: كان بوصيّة يوسف عليه السلام . ۲ ولا تنافي بينهما .
ولعلّ المراد بالعظام جسده عليه السلام ، إن قلنا: الأنبياء مطلقا لا تُبلى أجسادهم .
وقيل : هذا الخبر بظاهره ينافي ما رواه الصدوق بسند صحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال : «ما من نبيّ ولا وصيّ نبيّ يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيّام حتّى يرفع بروحه وعظمه ولحمه إلى السماء، وإنّما يؤتى مواضع آثارهم، ويبلّغونهم من بعيد السلام، ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب» . ۳
وذكر القائل في وجه الجمع وجوها :
الأوّل : حمل هذا الخبر على أنّ المراد أكثر الأنبياء، أو الذين لم يقدّر اللّه لهم أن ينقلوا من موضع إلى موضع .
الثاني : أن يكون المراد بنقل العظام نقل الصندوق الذي كان فيه جسده عليه السلام في تلك الثلاثة الأيّام، وتشرّف بمجاورة بدنه .
الثالث : أن يُقال : لعلّ اللّه أنزل عظامه عليه السلام بعد رفعه لهذه المصلحة .

1.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۳۹۲ (ضيف) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۶۴ .

3.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۵۷۷ ، ح ۳۱۶۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153199
صفحه از 624
پرینت  ارسال به