553
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

أقول : اُولويّته تعالى للحمد يفيد انحصار المحموديّة عليه تعالى، وكونه متولّيا للحمد يفيد انحصار الحامديّة به، كما أشار عليه السلام إليه بقوله : (ومنتهى الحمد ومحلّه) ؛ فالحمد كلّه ينتهي إليه.
ومن ثمّ قيل باختصاص جنس الحمد وجميع أفراده به، وبين الاختصاصين تلازم .
(البدئ البديع) .
قال الجوهري : «البدئ: الأوّل. ومنه قولهم : افعله بادئ بَدْءٍ ـ على فعل ـ وبادئ بَديء ـ على فعيل ـ أي أوّل شيء» . ۱
وقال : «أبدعت الشيء: اخترعته لا على مثال، واللّه سبحانه بديع السماوات والأرض . والبديع: المبتدِع. والبديع: المبتدَع أيضا» . ۲
وقال صاحب العدّة :
البديع : هو الذي فطر الخلق مبتدِعا لها، لا على مثال سَبق، وهو فعيل بمعنى مُفعِل، كالأليم بمعنى مؤلِم. والبدع الذي يكون أوّلاً في كلّ شيء . «قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعا مِنْ الرُّسُلِ»۳ ؛ أي لست بأوّل مُرسَل . انتهى . ۴
وقيل : البديع: هو الذي لم يُعْهَد مثله، ولا نظير له .
وقيل : البَديء أيضا يحتمل أن يكون فعيلاً بمعنى مُفعل؛ أي مُبدئ الأشياء ومُنشئها . ۵
ولعلّ ذكر البديع بعده للدلالة على أنّه تعالى خلقهم لا عن مادّة، ولا عن مثال سابق .
(الأجلّ الأعظم، الأعزّ الأكرم) .
قال صاحب العدّة :
الجليل: هو من الجلال والعظمة، ومعناه منصرف إلى جلال القدرة وعظم الشأن، وهو الجليل الذي يصغر دونه كلّ جليل. ۶
والعظيم: ذو العظمة والجلال، وهو منصرف إلى عظم الشأن وجلالة القدر .
والعزيز: هو المنيع الذي لا يُغلب، وهو أيضا الذي لا يعادله شيء، وأنّه لا مثل له ولا

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۵۴ .

2.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۵ (بدأ) .

3.الصحاح، ج ۳ ، ص ۱۱۸۳ (بدع) مع اختلاف يسير في اللفظ .

4.الأحقاف (۴۶) : ۹ .

5.عدّة الداعي ، ص ۳۰۱ .

6.لم نعثر عليه في عدّة الداعي ، لكن انظر : شرح المازندراني ، ج ۳ ، ص ۲۹۱ (في شرح حديث حدوث الأسماء) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
552

عُظِّمَ وَمُجِّدَ، نَحْمَدُهُ لِعَظِيمِ غَنَائِهِ، وَجَزِيلِ عَطَائِهِ، وَتَظَاهُرِ نَعْمَائِهِ، وَحُسْنِ بَلَائِهِ، وَنُؤْمِنُ بِهُدَاهُ الَّذِي لَا يَخْبُو ضِيَاؤُهُ، وَلَا يَتَمَهَّدُ سَنَاؤُهُ، وَلَا يُوهَنُ عُرَاهُ، وَنَعُوذُ بِاللّهِ مِنْ سُوءِ كُلِّ الرَّيْبِ، وَظُلَمِ الْفِتَنِ، وَنَسْتَغْفِرُهُ مِنْ مَكَاسِبِ الذُّنُوبِ، وَنَسْتَعْصِمُهُ مِنْ مَسَاوِي الْأَعْمَالِ، وَمَكَارِهِ الْامَالِ، وَالْهُجُومِ فِي الْأَهْوَالِ، وَمُشَارَكَةِ أَهْلِ الرَّيْبِ، وَالرِّضَا بِمَا يَعْمَلُ الْفُجَّارُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ.
اللّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، الَّذِينَ تَوَفَّيْتَهُمْ عَلى دِينِكَ، وَمِلَّةِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه و آله .
اللّهُمَّ تَقَبَّلْ حَسَنَاتِهِمْ، وَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، وَأَدْخِلْ عَلَيْهِمُ الرَّحْمَةَ وَالْمَغْفِرَةَ وَالرِّضْوَانَ، وَاغْفِرْ لِلْأَحْيَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الَّذِينَ وَحَّدُوكَ، وَصَدَّقُوا رَسُولَكَ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكَ، وَعَمِلُوا بِفَرَائِضِكَ، وَاقْتَدَوْا بِنَبِيِّكَ، وَسَنُّوا سُنَّتَكَ، وَأَحَلُّوا حَلَالَكَ، وَحَرَّمُوا حَرَامَكَ، وَخَافُوا عِقَابَكَ، وَرَجَوْا ثَوَابَكَ، وَوَالَوْا أَوْلِيَاءَكَ، وَعَادَوْا أَعْدَاءَكَ.
اللّهُمَّ اقْبَلْ حَسَنَاتِهِمْ، وَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، وَأَدْخِلْهُمْ بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، إِلهَ الْحَقِّ آمِينَ».

شرح

السند مجهول .
قوله : (الحمد للّه أهل الحمد ووليّه) .
قيل : علّق الحمد باسم الذات، وحكم بأنّه أهله وأولى به؛ للتنبيه على أنّه مستحقّ لذاته، وما اشتهر من أنّ الحمد متعلّق بالفضائل، أو بالفواضل، فهو باعتبار الأكثر والأغلب، دون الاختصاص . ويؤيّده أنّ الحمد عبادة، وهو سبحانه مستحقّ لها بالذات . ۱
قال بعض الأفاضل :
معنى كونه تعالى وليّ الحمد أنّه الأولى به من كلّ أحد؛ إذ هو تعالى مولى جميع النِّعم، والموصوف بجميع الكمالات الحقيقيّة، وكلّ نعمة وإحسان وكمال لغيره فهو راجعٌ إليه، ومأخوذٌ منه تعالى، أو المتولّي للحمد [أي] هو الموفّق لحمد كلّ من يحمده . انتهى . ۲

1.قال المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۰۴ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۵۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 153205
صفحه از 624
پرینت  ارسال به