عائشة ، روى البخاري بإسناده عن مجاهد، قال : دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فاءذا عبداللّه بن عمر جالس إلى حجرة عائشة، وإذا اُناس يصلّون في المسجد صلاة الضحى ، قال : فسألناه عن صلاتهم فقال : بدعة ، ثمّ قال له : كم اعتمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ قال : أربعاً، إحداهنّ في رجب ، فكرهنا أن نردّه عليه . قال : وسمعنا استنان عائشة اُمّ المؤمنين في الحجرة ، فقال عروة : يا اُمّه يا اُمّ المؤمنين، ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت : ما يقول؟ قال : يقول إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله اعتمر أربع عمرات، إحداهنّ في رجب ، قالت : يرحم اللّه أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلّا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قطّ . ۱
وكذا الظاهر أنّ العدد المذكور إنّما كان لعمرته المفردة عن الحجّ في عامها، كما يدلّ عليه خبر قتادة، فلا ينافي ما ذكر عمرة خامسة وقعت منه صلى الله عليه و آله في حجّة الوداع مع الحجّ إجماعاً لأهل العلم، وإن اختلفوا في أنّها صارت عنه بإحرام جديد أو كانت منضمّة إلى إحرام الحجّ بناءً على اختلافهم في تفسير القرآن، كما ستعرفه في محلّه إن شاء اللّه تعالى ، وقد سبق أنّه صلى الله عليه و آله حجّ عشرين حجّة قبل حجّة الوداع، واحتمل وقوع عمرة مع كلّ حجّة منه صلى الله عليه و آله ، فتدبّر .
باب فضل الحجّ والعمرة وثوابهما
الأخبار في ذلك متظافرة من الطريقين وكفاك ما ذكره المصنّف في الباب .
قوله في خبر القلانسي: (قال : الحاجّ مغفورٌ له) إلخ .[ح 1 / 6863] قال طاب ثراه :
يعني أنّ الحاج على ثلاثة أصناف : صنف وجبت له الجنّة، وهو الذي غفر له ذنوبه ما تقدَّم منها وما تأخّر ، وصنف غفر له ما تقدّم من ذنوبه، ويُكتب عليه ذنبه فيما تأخّر ، وصنف ثمرة الحجّ يعود إليه في دنياه، فيحفظ في أهله وماله، ومالَهُ في الآخرة من نصيب .